أكراد العراق من الأقليات إلى الإستفتاء
 

يُعد الأكراد رابع أكبر مجموعة عرقية في الشرق الأوسط، ويتراوح عددهم ما بين 30 و40 مليونًا، وهم يسكنون المنطقة الجبلية الممتدة على حدود تركيا، العراق، سوريا، إيران، وأرمينيا، وليس لهم أبدًا دولة مستقلة في العصر الحديث، لذلك قاتل الأكراد من أجل حقوقهم القومية في تركيا، ولعبوا دورًا هامًا في الصراعات الداخلية في العراق وسوريا، آخرها المشاركة في مقاومة تنظيم "الدولة الإسلامية".
في مطلع القرن العشرين، بدأت النخب الكردية التّفكير في إقامة دولة مستقلة، بإسم "كردستان"، وبعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، وضع الحلفاء الغربيون المنتصرون تصورًا لدولة كردية في معاهدة "سيفر" عام 1920.
إلا أن هذه الآمال تحطمت بعد ثلاث سنوات، إثر توقيع معاهدة "لوزان" التي وضعت الحدود الحالية لدولة تركيا، بشكل لا يسمح بوجود دولة كردية.
وانتهى الحال بالأكراد كأقليات تعيش في دول الشرق الأوسط، وسُحقت أي محاولة كردية لتأسيس دولة مستقلة أو حكم ذاتي.

كردستان العراق
يمثل الأكراد حوالي 15 إلى 20 في المئة من سكان العراق، وتاريخيًا، كان للأكراد في العراق إمتيازات مدنية مقارنة بالأكراد المقيمين في الدول المجاورة، إلا أنهم تعرضوا لقمع شديد.

إقرأ أيضًا: ما علاقة إسرائيل بالدولة الكردية؟

الحزب الديمقراطي الكردستاني 
أ-تأسيسه
في عام 1946 أسس الملا مصطفى البارزاني "الحزب الديمقراطي الكردستاني" بهدف الحصول على الحكم الذاتي في إقليم كردستان.
وبعد ثورة عام 1958، اعترف الدستور المؤقت بالقومية الكردية كقومية رئيسية، واعتبر الأكراد شركاء في الوطن مع العرب والأقليات الأخرى، لكن الزعيم الكردي مصطفى البارزاني أعلن القتال المسلح عام 1961.
أما عام 1970، عرضت الحكومة التي كان يقودها حزب البعث على الأكراد إنهاء القتال ومنحهم منطقة حكم ذاتي، لكن الإتفاق انهار واستؤنف القتال عام 1974.

ب- إنقسامه وتأسيس "الإتحاد الوطني الكردستاني"
عام 1975، انقسم الحزب الديمقراطي الكردستاني، حيث أسس السياسي المعروف جلال طالباني "الإتحاد الوطني الكردستاني".
وفي نهايات سبعينيات القرن الماضي، بدأت الحكومة في توطين عرب في بعض المناطق لتغيير التركيبة السكانية، خاصةً حول مدينة كركوك الغنية بالنفط، كما قامت بإعادة توطين الأكراد في بعض المناطق قسرًا.

وفي عام 1988، أطلق صدام حسين حملة انتقامية ضد الأكراد عُرفت بعمليات "الأنفال".
وبعد هزيمة العراق في حرب الخليج عام 1991، اشتعلت انتفاضة واسعة في مناطق جنوب العراق وإقليم كردستان، ولشدة قمع الدولة لهذه الإنتفاضة، فرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها منطقة حظر جوي على شمال العراق، مما سمح للأكراد بالتمتع بحكم ذاتي.
بعدها اتفق الحزبان الكرديان على تقاسم السلطة، لكن الصراعات احتدمت، واشتعل صراع داخلي عام 1994، دام أربع سنوات.

ج- تعاون الحزب الديمقراطي الكردستاني والإتحاد الوطني الكردستاني

عام 2003، تعاون الحزبان الكرديان الرئيسيان مع قوات الغزو الأميركي للعراق التي أطاحت بصدام حسين، وشاركا في جميع الحكومات التي شُكلت منذ ذلك التاريخ، وكذلك في البرلمان العراقي، وشغل منصب رئيس الجمهورية سياسيان كرديان حتى الآن، كما تشارك الحزبان في مؤسسات الحكم في الإقليم المكون من ثلاث محافظات هي دهوك وإربيل والسليمانية.
وفي حزيران عام 2014، وبعد هجوم تنظيم الدولة الإسلامية، أرسلت حكومة الإقليم قوات البيشمركة للمساهمة في التصدي لزحف التنظيم فاستعادت مساحات كبيرة منه بمساعدة الطيران الأميركي.

إقرأ أيضًا: كردستان العراق نفذت الإستفتاء وبغداد تستنفر

إستفتاء كردستان العراق 2017

بدأت القضية بعد إيقاف التّمويل للإقليم من قبل الحكومة المركزية في بغداد في شهر كانون الثاني 2017، حيث قامت حكومة إقليم كردستان بمحاولة تصدير النفط خلال خط الأنابيب الشمالي عبر تركيا في شهر آيار، لكن الحكومة العراقية ضغطت على الحكومات الدولية لمنع تصدير وبيع هذا النفط.
وفي شهر نيسان لسنة 2017، صرحت الأحزاب في أقليم كردستان (الحزب الديمقراطي الكردستاني والإتحاد الوطني الكردستاني) عن هدفهم لإقامة وعقد إستفتاء الإستقلال خلال سنة 2017.

وفي 25 أيلول من هذا العام جرى إستفتاء على استقلال إقليم كردستان عن العراق، وبلغت نسبة الإقبال على المشاركة في التصويت 72.61 في المئة، حيث أعلن مسؤولون في عاصمة الإقليم أربيل أن نسبة 92.7 من مجموع المشاركين في الإستفتاء أي ( 3.305.925 ) صوتوا "بنعم".
وشهدت العاصمة بغداد إستنفارًا، دعا على إثره رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، إلى إلغاء نتائج الإستفتاء، وهدد بفرض حكم السلطة الإتحادية بقوة القانون والدستور في إقليم كردستان، وأمهل كردستان العراق مهلة زمنية لتسليم المطارات والمنافذ الحدودية للإقليم لتفادي حظر جوي دولي، ورفضت حكومة كردستان مهلة بغداد.
وبعد الإستفتاء، بدأت حكومة كردستان الإقليمية بعمل خطط لبناء الدولة والمفاوضات المستقبلية مع العراق قبل إصدار إعلان استقلال، وصرحت أن الإستفتاء سيكون ملزم، لكنه سيؤدي إلى بدء بناء الدولة وإجراء مفاوضات مع العراق بدلاً من إعلان استقلال فوري.