هل فهم الآن الرئيس عون رسالة المشنوق عندما إعتذر عن مرافقته لباريس؟
 

يبدو أن التسوية الرئاسية وما تبعها من تسوية حكومية مهددة بالإنفجار بعد مواقف وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق من لقاء وزيري خارجية لبنان 
وسوريا جبران باسيل ووليد المعلم في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة.
وقال المشنوق في لقاء حواري مع أهالي بيروت نظمه إتحاد جمعيات العائلات البيروتية أن " لقاء وزير الخارجية جبران  باسيل بوزير خارجية النظام السوري وليد المعلم يشكل إعتداء سياسيا على موقع رئاسة الحكومة وهو مخالفة للتسوية السياسية وللبيان الوزاري الذي نص على النأس بالنفس " وشدد وزير الداخلية على " أننا لن نقبل به في أي ظرف من الظروف وسنواجهه بكل الوسائل ".
وأضاف المشنوق أن " التسوية السياسية التي أقدمنا عليها كان هدفها حفظ البلد وإستقراره الأمني والسياسي والإقتصادي خلال المرحلة الإنتقالية التي تمر بها  منطقة تشتعل بالحرائق ولم نوقع تنازلا على أي من ثوابت الدستور والطائف ".
وإعتبر المشنوق أن ما قام به باسيل هو " بصراحة وبساطة إعتداء صريحا على مقام رئاسة الحكومة ومخالفة لإتفاق ولعهد ولوعد لم يلتزم به باسيل الذي كان جزءا أساسيا من التسوية التي أبرمت ".
كلام المشنوق هذا إستدعى ردا من وزير الخارجية جبران باسيل الذي غرد قائلا :" أي لقاء فردي أو ثنائي أو جماعي نقوم به يكون لمصلحة لبنان ومن يعتدي على مصلحة لبنان هو من يرفض اخراج النازحين منه ".

إقرأ أيضا : المشنوق: لقاء باسيل - المعلّم اعتداء سياسي على رئاسة الحكومة لن نقبل به وسنواجهه بكلّ الوسائل

 

 

هل ستطير التسوية ؟

وبين كلام المشنوق وتصعيده ورد باسيل ألف علامة إستفهام عن مصير التسوية الرئاسية والحكومية، فهذه التسوية تضمنت إتباع الحكومة سياسة النأي بالنفس وأي خلل قد  يطال أحد بنودها سيسقطها.
وبالتالي فإن اللقاء الثنائي الذي حصل في نيويورك يعتبر ضمن هذا السياق خلل أساسي وجوهري في التسوية التي تم الإتفاق عليها ما يضع مصير الحكومة في المجهول.
كذلك فإن المشنوق المعروف عنه نفسه التسووي مع باقي الأطراف اللبنانية وبالأخص مع حزب الله بدا بالأمس مغايرا عن سياسته التوافقية والتجميلية المعروفة عنه وظهر بموقف تصعيدي كبير وكلامه يحمل رسائل تهديد مبطنة وهو الأكثر جرأة وتصعيدا منذ إنتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، فهل إنتقل المشنوق من معسكر حمائم التسوية والتوافق إلى معسكر صقور المواجهة والتصعيد ؟
يبدو الجواب على السؤال غامضا نوعا ما ومختلف عليه، ما بين من يرى أن كلام المشنوق هو لتنفيس الشارع السني الغاضب من  لقاء باسيل - المعلم ومن أشياء أخرى وبين من يراه أنه قرار نهائي أخذه الحريري لبدء التصعيد ضد حزب الله في لبنان في ظل الحملات الإعلامية المستمرة عليه.
ولقراءة الموقف بشكل أوضح لا بد من مقاربة عدة إستحقاقات قادمة سيشهدها لبنان وشهدتها المنطقة وقاعات الأمم المتحدة ومنها التصعيد الأميركي على لسان الرئيس دونالد ترامب ضد حزب الله في الأمم المتحدة والعقوبات الإقتصادية المتوقع فرضها على الحزب هذا الأسبوع وتغير اللهجة الأوروبية إتجاه بشار الأسد لناحية التأكيد على ضرورة رحيله عن الحكم في سوريا.
وهذه الإستحقاقات بقدر ما قد تفيد الحريري بقدر ما تجعله حاجة ضرورية في الوقت الراهن لحزب الله من أجل ربط النزاع في لبنان وبالتالي يأتي الإستحقاق الأكثر أهمية وهو الإنتخابات النيابية في أيار 2018 ومستقبل زعامة الحريري.

إقرأ أيضا : زياد عبس على محاور الاشرفية
وينظر حزب الله إلى هذا الإستحقاق على مبدأ البديل  للحريري ويتساءل : هل هناك بديل لسعد الحريري في الساحة السنية ؟
فيأتيه الجواب صاعقا، البديل هو اللواء أشرف ريفي الخصم اللدود لحزب الله وإيران في المنطقة أما حلفاء الحزب وسط السنة كالرئيس نجيب ميقاتي والوزير السابق عبد الرحيم مراد فهم لم يستطيعوا حتى هذه اللحظة بناء القاعدة الجماهيرية القوية والمتماسكة لهم والعابرة للمناطق وبالتالي هم زعماء مناطق لا زعماء على مستوى كل الجمهورية.
نعم، وحده ريفي بحسب الإحصاءات إستطاع خرق الساحات والمناطق السنية، وعليه البديل للحريري سيكون كابوسا لحزب الله.
ضمن هذا السياق، يدرك حزب الله أن الإستفزاز المستمر ضد سعد الحريري لن يكون لصالحه ويدرك أيضا أن هذا الإستفزاز ستجعل نهاد المشنوق آخر " التسوويين " في تيار المستقبل يستعد لدخول نادي الصقور لأن الشارع السني يضغط ، وهذا سيربح الحريري والمشنوق في الإنتخابات وستسقط التسوية نهائيا.

إقرأ أيضا : لمن قال وهاب أف هالقد قلقانين مش جاييكم نوم؟
لأن الحريري إذا ما فاز بقوة وإكتسح في الإنتخابات المقبلة فإن التسوية ستنهار لأنه سيكون هو صاحب الكلمة العليا سنيا بل وطنيا أيضا.
إذا ، المعادلة بسيطة عند التيار الأزرق، إذا ما إستمر خرق التسوية فستقابل بتصعيد تترجم فوزا كاسحا بالإنتخابات وإنهيار لهذه التسوية، أما إذا إلتزم  التيار الوطني الحر وحزب الله بالإتفاق فهذا يعني إنتخابات مقبلة وإستمرار لتداعيات التسوية على قاعدة ( رابح - رابح ).
وبعد الآن لا ينتظر الحزب أو التيار صمتا أو مهادنة من قبل تيار المستقبل لأنه في هذه الحالة هناك معادلة مقلقة تقول  أن السكوت والمهادنة في ظل خرق التسوية المستمر  يعني إكتساح ريفي للإنتخابات المقبلة وهذه خسارة للجميع بحسبهم.
فهل وصلت الرسالة جيدا إلى آذان التيار الوطني الحر وحزب الله ؟ وهل فهم الآن الرئيس عون رسالة   المشنوق عندما إعتذر عن مرافقته لباريس؟