يبدو أن الحوثيين يحاولون تنفيذ تهديداتهم بقصف الإمارات، إذ كشف أدميرال أميركي بارز في الشرق الأوسط أن إيران تواصل تهريب التقنيات والأسلحة غير الشرعية إلى اليمن منها الصواريخ الباليستية في محاولة لإذكاء الحرب الأهلية هناك وتمكين المتمردين الحوثيين من إطلاق صواريخ أكثر دقة وأبعد مدى صوب السعودية المجاورة لهم.

ووُجِّهت اتهامات متكررة لإيران بالإمدادِ بأسلحةٍ، تُساهم في إشعال إحدى جبهات الحرب في اليمن، والتي أطاح خلالها المتمردون الحوثيون في شمال البلاد بالحكومة الموجودة في العاصمة اليمنية صنعاء في عام 2014.

وكان زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي قال، في كلمة له مؤخراً، إن "دولة الإمارات باتت في مرمى صواريخنا وعلى كل الشركات في الإمارات ألا تنظر للإمارات على أنها بلد آمن بعد اليوم"، حسب قوله.
كما وجه الحوثي تهديداً للمملكة العربية السعودية، قائلاً: "القوة الصاروخية تمكنت من إنجاز مرحلة ما بعد الرياض، والعمل مستمر على تطوير قدراتنا الصاروخية للوصول إلى أي هدف في السعودية والإمارات".

وأضاف: "لدينا طائرات بدون طيار حلقت مئات الكيلومترات داخل المملكة، وقريباً تبدأ عملها في القصف"، وفق ما نقله موقع جماعة "أنصار الله".

 

تحذير أميركي

 

وبعد هذا التهديد الحوثي جاءت تصريحات الأدميرال كيفن دونيغان، قائد القوات البحرية الأميركية المركزية، أمس الإثنين، 18 سبتمبر/أيلول لتزيد المخاوف حول قدرة الحوثيين على تنفيذ هذه التهديدات.

إذ قال القائد الأميركي إن إيران تدعم الحوثيين بترسانة قوية من الصواريخ المضادة للسفن، والصواريخ البالستية، والألغام البحرية القاتلة، وحتى القوارب المُتفجِّرة التي هاجمت سفن قوات التحالف في البحر الأحمر وفي الأراضي السعودية على طول الحدود اليمنية الشمالية، حسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية.

وردت الولايات المتحدة والحكومة اليمنية وحلفاؤها في المنطقة بهجماتٍ انتقامية، واستعادوا السيطرة على بعض المناطق الساحلية التي كان يُسيطر عليها الحوثيون لتحجيم المخاطر التي تُهدد النقل البحري، لكن الأدميرال يقول إن الخطر لا يزال قائماً، حسبما نقلت عنه نيويورك تايمز.

 

ليس أسلحة فقط

 

وقال الأدميرال دونيغان: "لم تكن هذه النوعية من الأسلحة موجودة في اليمن قبل اندلاع الصراع. لا يحتاج الأمر إلى تحليلٍ معقد لاستنتاج أن الحوثيين لا يحصلون فقط على هذه الأسلحة بل يتلقون أيضاً، على الأرجح، تدريبات، واستشارات، ومساعدةً بشأن كيفية استخدامها".

وطرح الأدميرال دونيغان تقديره للموقف خلال حوارٍ تليفوني دام لمدة ساعة من مقر الأسطول الأميركي الخامس في البحرين بينما كان يستعد لإنهاء الفترة التي شغل خلالها منصبه الحالي على مدار عامين لتولي مهمة جديدة في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون).

 

ماذا سيفعل ترامب؟

 
 

جاءت تعليقات الأدميرال، الإثنين 18 سبتمبر/أيلول 2017، قبل يومٍ واحد فقط من استعداد الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإلقاء خطابٍ أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وسط حالةٍ من الشك العميق بشأن ما سيفعله ترامب إزاء الاتفاق النووي بين إيران وست قوى عالمية، من بينها الولايات المتحدة.

وتُعيد الإدارة الأميركية مراجعة سياساتها تجاه إيران كي تشمل الدعم الإيراني للمقاتلين الشيعة في سوريا والعراق.

وعبر الحوار الذي شمل موضوعات عديدة، قال الأدميرال دونيغان إن النزاع المرير بين قطر والسعودية والإمارات، لم يعق حتى الآن جهود التحالف لمكافحة الإرهاب، والقرصنة، وغيرها من التحديات البحرية المشتركة.

 

الأسطول الأميركي يعاني


وقال الأدميرال دونيغان إن وقف نشاط سفن البحرية الأميركية لمدة 24 ساعة حول العالم بعد وقوع حادثين تصادم قاتلين في غرب المحيط الهادئ كشف عن وجود نقاط ضعف بين السفن الموجودة في الشرق الأوسط، ويعمل قادة البحرية حالياً على تصحيح هذه الأخطاء.

ورفض الأدميرال تحديد مناطق المشكلات لأسبابٍ أمنية، لكن مسؤولين رفيعي المستوى في البحرية الأميركية قالوا إن "وقف نشاط العمليات" كان بهدف مراجعة إجراءات التشغيل والسلامة.

وكان قائد الأسطول السابع الأميركي الجديد في اليابان الأدميرال فيل سوير، قد أعلن الإثنين 18 سبتمبر/أيلول 2017، عن فصل مسؤولين عسكريين رفيعي المستوى في الأسطول وهما: الأدميرال تشارلز ويليامز قائد الوحدة 70، وهي أكبر وحدة عمليات قتالية في البحرية، والكابتن جيفري بنيت قائد أسطول المدمرات الخامس عشر. ووفقاً لبيان البحرية الأميركية، فُصل المسؤولان بسبب فقدان الثقة في قدرتهما على القيادة.

بالإضافة إلى هذا، أُحيل الأدميرال توم رودن، قائد أسطول سفن البحرية الأميركية، للتقاعد المبكر.

وكان الأدميرال جوزيف أوكوين، القائد السابق للأسطول السابع، وهو أكبر أسطول بحري أميركي خارج أراضي الولايات المتحدة، قد عُزل من منصبه خلال شهر أغسطس/ آب 2017 بعد وقوع أربع حوادث في المنطقة منذ يناير/كانون الثاني 2017، من بينها تصادمان قاتلان بين مدمرات البحرية الأميركية وسفن تجارية، ما خلّف 17 قتيلاً بين البحارة.

 

كيف يتم التهريب؟

 

وأشارت نيويورك تايمز إلى أن أكثر الاتهامات المحددة التي وجهها الأدميرال دونيغان متعلقة بمساعدة إيران للمتمردين الحوثيين، لافتة إلى أن الولايات المتحدة وغيرها من الحكومات الغربية كانت قد منحت كميات كبيرة من الأسلحة وغيرها من أشكال الدعم العسكري للحكومة اليمنية المتورطة في الحرب وحلفائها في التحالف الذي تقوده السعودية، الأمر الذي ساهم في انتشار العنف المتسبب في سقوط أكثر من 10 آلاف ضحية بين المدنيين، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.

ويبدو أن اتهامات الأدميرال مدعومةٌ بنتائج تقرير، أصدرته شركةٌ متخصصة في استشارات الأسلحة تسمى "Conflict Armament Research" بنهاية العام الماضي، 2016. 
وتوصّل التقرير إلى أن الأدلة المتاحة تُشير إلى وجود "طريق واضح لنقل الأسلحة، يمتد من إيران إلى الصومال ثم اليمن، والذي تُستخدم خلاله المراكب الشراعية لنقل كميات كبيرة من الأسلحة إيرانية الصُنع والأسلحة القادمة من المخزون الإيراني، على ما يبدو".

وعلى مدار السنوات الماضية، خضعت إيران لسلسلة من العقوبات الدولية، التي تمنعها من تصدير الأسلحة.

وزعمت الولايات المتحدة مراراً أن طهران خرقت هذه العقوبات لدعم القوات التي تحارب لصالحها بالوكالة في العديد من مناطق الصراع، بما فيها العراق، وسوريا، واليمن، والأراضي الفلسطينية.

وخلال الفترة من سبتمبر/أيلول 2015 وحتى مارس/آذار 2016، اعترضت السفن الحربية لقوات التحالف طريق أربع مراكب شراعية إيرانية، ما نتج عنه العثور على أكثر من 80 صاروخ موجهة مضاد للدبابات و5 آلاف بندقية كلاشنكوف، بالإضافة إلى مدافع رشاشة آلية وحوالي 300 قاذف صاروخي "آر بي جيه"، وفقاً لبيانات البحرية الأميركية.

وقال الأدميرال دونيغان إنه بينما لم تُصادر شحنات أسلحة جديدة منذ ذلك الحين، فإنه يتشكك في وقوف إيران وراء القدرة الواضحة للحوثيين على إعادة ملء وتعزيز مخزون الأسلحة لديهم. وقال دونيغان: "لم يكن الأمر مجرد إبرام صفقةٍ واحدة ثم التوقف بعدها. يبدو أن عمليات نقل الأسلحة ممتدة".