وأخيرا تذكّر إبراهيم الأمين، رئيس تحرير جريدة الأخبار خلفيّتهُ اليسارية، فانبرى في مقاله الأخير للذّود عن حقوق العمال والفلاحين والكسبة و"المعترين" كما سبق لزميله محمد نزّال أن وصفهم في الجريدة نفسها، أو لعلّه تذكّر أنّ تاريخ جريدة الأخبار هو تاريخ نضالي، فقد كانت جريدة الشيوعيين، الذين لا همّ لهم فوق سطح الأرض سوى حقوق الطبقة العاملة، أو لعلّه تذكّر الماضي النضالي لسلفه في رئاسة تحرير الأخبار الكاتب المبدع في قضايا الحق والعدل والتّحرُر والحداثة، الفقيد جوزيف سماحة، صاحب "القلم الأخضر" كما يحب أصدقاؤه ومُحبّوه أن يطلقوا عليه من ألقاب.

إقرأ أيضًا: رسالة الأسد إلى خامنئي الأهداف والدلالات
ما علينا، الرفيق إبراهيم الأمين يُوجّه نصائح "علمانية" بالجُملة لحزب الله (وهو لا يخاف من حزّ الرقبة التي أوعد المعارضين بها) ، فيدعوهُ لتطهير صفوفه من الفاسدين، وأن يتصدّى لهموم الشيعة في أماكن "تكدُّسهم" وخاصةً في الضاحية، التي كانت ضاحيةً "شموساً" كما وصفها الرئيس بري ذات يوم، وقد سبق الأمين بالفضل زميله محمد نزال، الذي استفاض في وصف أحوال الشيعة" البائسة" بعد الانتصارات "الباهرة". فالناس في البيئة الحاضنة بحاجة إلى مأوى وملبس ومشفى ومدرسة وجامعة وفرصة عمل، والناس لن تقضي عمرها على أمجاد المقاومة من لبنان إلى سوريا فالعراق فالبحرين فاليمن، لكن مصيبة إبراهيم الأمين وأضرابه أنّه يريد أن يُحوّل تنظيماً إسلامياً جهادياً، يدين بولاية الفقيه الخمينية (وهي اجتهادٌ إضافي من اجتهادات الشيعة) إلى تنظيم حزبي باستلهام ستاليني : خلايا حزبية، لجنة مركزية، مكتب سياسي، أمين عام، مع مندرجاتها الثابتة: الصراع الطبقي، ديكتاتورية البروليتاريا، الديمقراطية المركزية، إعلام واحد مُوجّه، عدم تداول السلطة، إبادة واعتقال المنشقين، وقمع المخالفين والمعارضين.
صحيح أنّ الحزب يعمل ببعض هذه البنود، إلاّ أنّ الأمين يدعو اليوم لانتفاضة شاملة وهجومٍ كاسح على الفساد، أليس الحزب بقادرٍ على دحر العدو الإسرائيلي؟ وقادر على كبح جماح التكفيريّين والإرهابيّين، وصدّ المعادين والمخالفين لتيار المقاومة والممانعة، فما بالهُ عاجز أمام قوى الفساد؟!.
نعم يا سيد، فلينتفض الحزب ضد الفساد، لإحقاق الحقّ والعدل، ولكن، ودائماً توجد لكن، لعلّ السيد الأمين أحد أبرز رموز الفساد.