عندما انتُخب بشير رئيساً، أعلن استقالته من رئاسة القوات اللبنانية، وصرّح بعزمه حلّ الميليشيات، وأنّ الدولة فوق الجميع بمؤسساتها المدنية والعسكرية
 

في ذكرى إغتيال الرئيس بشير الجميل في الرابع عشر من أيلول عام ١٩٨٢ ،ثمّة بعض المفارقات بين سيرة الجميّل (باعتباره من أبرز القيادات المارونية القوية) وسيرة الرئيس ميشال عون، باعتباره رئيساً مسيحياً قويّاً (كما قدّمتهُ الدعاية الباسيليّة) : 
المفارقة الأولى: 
قال بشير الجميل في أحد المهرجانات الشعبية، نقلاً عن جريدة العمل أواخر أيار عام ١٩٨٢ ما يلي:
لا يستطيع إنقاذ هذا الوضع سوى مسيحي قوي، مؤمن بلبنانيته، ولديه كلّ الإمكانات لتوحيد البلاد، هذه أمنيتنا للبنان الآخر، وللسوري والفلسطيني، لأنّ أي إتفاق ومفاوضات لا يمكن اتخاذها إلاّ مع من خاضوا غمار الحرب، وليس مع من هربوا إلى الخارج.
الجنرال عون أعلن حرباً لا هوادة فيها ضد السوريين، بعد استلامه مقاليد الحكم من  الرئيس أمين الجميل أواخر الثمانينيات  من القرن الماضي، إلاّ أنّه كان أول الهاربين للاحتماء بالسفارة الفرنسية.

إقرأ أيضًا: ما الذي يشغل بال الحريري؟

المفارقة الثانية:
حرص بشير الجميل على أن لا يكون مرشحاً حزبياً أو فئوياً ضمن طائفته، فرشّح نفسه وطلب تأييد الآخرين، فأيّدتهُ الجبهة اللبنانية التي أفرزتها الحرب الأهلية، واجتمع المكتب السياسي للكتائب وقرّر:" إعفاء الشيخ بشير الجميل من كل مهماته الحزبية" .
بالمقابل أصرّ الجنرال عون باعتباره مرشح تيار الإصلاح والتغيير، رغم كل ما أُشيع عن تورُّط هذا التيار في شبُهات فساد عديدة.
المفارقة الثالثة: 
عندما انتُخب بشير رئيساً، أعلن استقالته من رئاسة القوات اللبنانية، وصرّح بعزمه حلّ الميليشيات، وأنّ الدولة فوق الجميع بمؤسساتها المدنية والعسكرية.
بالمقابل وعد الجنرال عون حليفهُ الرئيسي (حزب الله) باستمرار المقاومة حتى تحرير آخر شبر من الأرض المغتصبة، وما لبثت الأرض "المغتصبة" أن أصبحت الآن على وُسع رحبها بعد تدخُّل المقاومة في سوريا.
المفارقة الرابعة:
قضى بشير الجميل قبل استلام منصبه كرئيس لجمهورية لبنان عام ١٩٨٢، ولم تُسعفهُ حظوظه في تحقيق مطامحه السياسية والأمنية، في حين عاد الجنرال عون من منفاه، وتبوّأ منصب رئاسة الجمهورية، وحتى اليوم لا يزال وفيّاً لحلفائه الذين مكّنوا له هذا الفوز العظيم، وما زالت أحلام السيادة التي رفعها بشير في عزّ الحرب الأهلية، ورفعها عون في نهاية الحرب بعد اتفاق الطائف، مُعلّقة بانتظار رئيس مسيحي قوي، يحفظ النظام والكيان اللذين ما زالا في دائرة الخطر الداهم.