عند كل مفترق وعند كل استحقاق يؤكد اللبنانيون انحيازهم للمؤسسة الوطنية بوعي أو دون وعي لا فرق ما دام يعكس الرغبة في العودة الى الوطن
 

دافع اللبنانيون وكل على طريقته عن لبنان وضدّ الاحتلالات على كثرتها وضدّ بعضهم البعض منذ بدء الكيان وقيام الدولة وحتى اللحظة التي فقد7 فيه لبنان أعزّ ما فيه و أصبح مشاعاً وموزعاً حصصاً طائفية ومنقسماً على نفسه حتى في أبسط الأمور و أبخسها .
لقد دفع الجميع أثمان كبيرة في الأموال و الأنفس ولكن لم يصل أحد من المضحيين الى رتبة وطنية يحييها الشعب ولا يختلف في حساباتها السياسية وهذا ديدن كل أحزاب لبنان من اليسار الى اليمين ولا استثناء جعل من طرف حزب وطن وشهيد دولة . لقد شيّع كل منا شهيده بطريقته وحصل على تعاطف من هنا و آخر من هناك ولكن لم نمض كجماعة و أمّة لبنانية معاً في تشيع جنازة بحجم وطن لأن المُشيع بقيّ حزباً أو جهة أو طائفة أو جماعة أو مجموعة ولم يصل الى أن يكون ممثلاً لارادة وطنية جامعة سواء في الموضوعات السيادية أو في الملفات و الأزمات الوطنية وهذا ما كرّس حالة قيد الدرس ريثما تنضج فتلعب دوراً ريادياً في مرحلة أو في أزمة وسرعان ما تسقط كظاهرة لتتحوّل الى شريك غير دائم في المحاصصة السياسية .

إقرا أيضا:  الوداع الأخير لن ننساهم أبدًا
من اليسار الاسلامي الى اليمين المسيحي ومن المقاومة الفلسطينية الى المقاومة الوطنية ومن زلم الوصاية الى صبية الأرز ساحات فتحت على الأموال والدماء ولكنها بقيّت في وسط الاختلاف ولم تلم تضحياتها شتات الناس الذين بايعوا جهاتهم المتعددة على قاعدة التنديد بكل من هو خارج إرادة الخيار الواحد .
عند كل مفترق وعند كل استحقاق يؤكد اللبنانيون انحيازهم للمؤسسة الوطنية بوعي أو دون وعي لا فرق ما دام يعكس الرغبة في العودة الى الوطن بما هو سقف سياسي وقانوني لهذا يقف اللبنانيون باستمرار حيث يقف ويكون الجيش في جبهته الوطنية لذا لا نرى الا مشهداً وطنياً جامعاً داخل ساحة المؤسسة العسكرية ومن هنا حمل اللبنانيون جميعاً جنائز الأبطال الذين عادوا أحياء في قلب كل مواطن لبناني وهذا ما كرّس سياسة الوقوف ضدّ أيّ استلاب ومهما كان نوعه ورفض أيّ مصادرة ومهما كانت راغبة بخنق الصوت الوطني ..

إقرا أيضا: قتلناكم بجهلنا.. واليوم أعدتم لنا الحياة !

 أمس واليوم عنوان لا نراه ولم نبصره في أحد من المشيعيين لشهدائهم فالظاهرة الوطنية متلبسة بالمؤسسة الوطنية ولا يمكن لأحد أن يحلّ محلها ومكانها ولو استطاع لكشفت لنا التجربة الحزبية في لبنان بامكانية ذلك ولكن كشفت لنا التجربة اللبنانية وفي مراحلها كافة بقاء الجيش وحده في الميدان الوطني وهذا ما يطمئن بامكانية مرور مستقبل جديد في بلد اختزلته الأحزاب ولكنها لم تستطع أن تكون البديل عنه مهما كانت غاياته شبيهة بغايات المؤمنيين بدولة مدنية لا بدول طائفية .
كل الشهداء شهداء  ولكن لشهيد الجيش شهادة حيّة على وطن .