اين الالتزام بفكرة الدولة في تصريحات نصر الله؟
 
لطالما سمعنا السيد حسن نصرالله ، أمين عام 《 حزب الله 》 ، يصرح في خطاباته ، مخاطبا خصومه السياسيين ، بقوله : 《 عندما تبنون الدولة القوية القادرة العادلة ...》 ، مع العلم بأن السلطة ، ومنذ اتفاق الطائف وحتى العام 2005 كانت بيد حليفه الأسد ( الأب والإبن ) ومن يعينهم في لبنان . ثم انتقلت هذه السلطة إلى حزب الله ، بفعل سطوة السلاح ، بعد العام 2005 .
وسمعنا السيد حسن يصرح مؤخرا بأنه إذا طلب منه الذهاب للبيت سيذهب إذا تولت الدولة شؤون حماية البلد ، وهذا من المفترض أن يعكس رغبة في وجود الدولة القوية القادرة .
واعتمادا على تصاريح محللي واستراتيجيي محور 《 المقاومة 》التي سأورد بعضها في هذا السياق : 
1- إن خطر نشوب حرب مع《 إسرائيل 》، يكون مسرحها لبنان ،أصبح مستبعدا اليوم ،  بسبب الرعب والهلع الذي يعيشه العدو الصهيوني من إمكانيات 《 المقاومة 》وخبرتها والإنتصارات التي حققتها ، وبسبب معادلة الجيش والشعب و《 المقاومة 》، وبسبب وجود حلفاء إقليميين لل《 مقاومة 》، كجيش الأسد ، والحشد الشعبي العراقي ، وألوية فاطميون وزينبيون ، والحوثيون ، والحرس الثوري الإيراني ، المستعدين للقدوم بمئات الآلاف إلى لبنان ، وإزالة 《 إسرائيل 》 من الوجود في غضون بضعة دقائق ، تبعا لتصريحات قادة الحرس الثوري ، وهي الأوهن من بيت العنكبوت أصلا ، تبعا لتصريحات السيد حسن .
2-إنتهاء خطر 《الإرهاب التكفيري 》 ،  واجتثاثه من على الأرض اللبنانية ، واستبعاد عناصره لمئات ، بل لآلاف الكيلومترات عن لبنان .
3- سيطرة حزب الله سيطرة  مطلقة على السلطة ، من خلال تعيينه لرئيس الجمهورية ، ورئيس مجلس الوزراء ، والوزراء ، والقيادات الأمنية والعسكرية ، أما رئاسة المجلس النيابي  فهي ، ومنذ اتفاق الطائف ، مع الحليف الشريك الرئيس نبيه بري .
4 - ينسق جيش حزب الله وأجهزته الأمنية ، وعلى أعلى المستويات ، مع الجيش اللبناني وأجهزته الأمنية .
5- يحوز حزب الله اليوم على غالبية شعبية عابرة للطوائف ، خاصة عند الشيعة والمسيحيين . 
بناء على ما تقدم مما يروجه محور 《 المقاومة 》فإنه لا شيئ يمنع اليوم من  قيام الدولة 《 القوية القادرة العادلة 》، والتي يقع تأسيسها وبناؤها على عاتق من يمسك بكل مفاصل السلطة في لبنان ، ألا وهو 《حزب الله  》.
 وبصفتي مواطنا لبنانيا منذ أكثر من عشر سنوات ، فإنني أسأل ما هي رؤية 《 حزب الله 》 ، وما هي خططه القصيرة ، والمتوسطة ، والبعيدة المدى لمعالجة الأمور والمشاكل التالية :
1 - مشاكل النظام السياسي الحالي .
2 - الدين العام .
3- تنمية الإقتصاد وإيجاد فرص عمل للشباب .
4 - معالجة المشاكل البيئية .
5 -تأمين شبكات الأمان الإجتماعي : ضمان صحي ، ضمان شيخوخة ، تكافؤ فرص .....
6 - تأمين الماء والكهرباء .
7 - النظام الضريبي الحالي .
8 - الإنماء المتوازن ، خاصة أننا في البقاع الشمالي من أكثر المناطق المهملة والمنسية على هذا الصعيد .
9 - إدارة ملف استخراج النفط والغاز .
10 - موضوع الحريات العامة والخاصة .
11 - إدارة ملف الإتصالات .
من نافل القول أن هذه الخطط ، إن وجدت ، يجب ربطها بمدد زمنية محددة .
 إذ من غير المعقول أن يدفع آلاف الشباب اللبنانيون دماءهم لتحرير وطن لا يستطيع أبناؤهم وإخوانهم وأهليهم العيش فيه . وطن يمتلك أصحاب الرساميل ، من حملة الجنسيات المتعددة  ، من أهل السلطة وشركاءهم أصحاب البنوك ، سواحله وجباله وأرصفته وساحاته .
وطن تحول هواؤه إلى سموم ، وتحولت أنهاره إلى مجارير ، وأصبحت سهوله الخصبة غابات من الأبنية العشوائية ، وجباله الخضراء الشامخة كسارات ومعامل إسمنت .
لا يعقل أن يضحي آلاف الشباب بحياتهم لأجل وطن ،  لا يجد شبابه سوى زراعة المخدرات وتصنيعها والإتجار بها فرصة عمل لهم ، والأخطر أنهم يتحولون ويحولون أبناء وطنهم إلى مدمنين عليها .
لا ينبغي أن يقدم آلاف الشباب اللبنانيون دماءهم فقط ، من أجل شعارات براقة ، وصكوك ملكية في الدار الآخرة ، في حين يبقى أبناؤهم وإخوانهم يعانون الأمرين في وطن فدوه بالدماء .
لا يكفي فقط إعلان الإنتصارات ، الإلهية منها وغير الإلهية ، والإحتفال بها وأكل الحلوى ، ثم التفرغ لتوزيع تهم التقصير والعمالة والخيانة على من يعينهم الحزب ، ومنذ زمن ، مسؤولين في الدولة ، ولا يستطيع أحدهم أن 《 يرفع يده عن رجله 》 إلا برضا 《 حزب الله 》 وإذن منه .
فليرنا 《 حزب الله 》 ، وهو الممسك بقوة ،  بكل مفاصل الدولة والسلطة ، 《الدولة القوية القادرة العادلة 》، الحاضنة لجميع أبنائها ، التي تستطيع ، على الأقل ، أن تسقيهم ماءا نظيفا .
 
محمد الحجيري