علمت بأنهم مثلهم مثل مئات الملايين من المؤمنين المسلمين الذين اتخذوا قراراً في هذه الدنيا بأن يعطلوا عقولهم في فهم نصوص الدين بحجة بأن هناك من أهل العلم من يفكر نيابة عنهم
 

سنة 2005 كنت في ألمانيا زائراً قصدت فيها مسجداً عربياً لأداء فريضة الصلاة يقصده المسلمون الجزائريون والتونسيون والمغاربة بعدما أديت الصلاة اقتربت من حلقة شباب يجلسون في زاوية المسجد وسألتهم عن الأسباب التي جعلت دول أوروبا دولاً رائعة وعظيمة بحماية حقوق الإنسان المادية والمعنوية ، فاكتشفت من خلال إجاباتهم بأن وظائفهم وتجارتهم وأعمالهم صرفتهم عن دراسة الأسباب ولا يملكون استعداداً مطلقا لمعرفتها .

إقرأ أيضا : أمّة إذبح
وحينما قلت لهم : "  يبدو بأن مبادئ الديمقراطية وعلى رأسها مبدأ الحرية هي التي وهبتهم دولاً بهذه العظمة وإذا أردنا أن نبني دولا عظيمة مثلها  في العالمين العربي والإسلامي فما علينا سوى أن ندرس مبادئ الديمقراطية ونتعلمها ونعلمها لأولادنا وأحفادنا " ، حينها أداروا رؤوسهم ولووا أعناقهم سخريةً واستهزاءً بكلامي وقالوا:"  هل تريد أن تبني دولا عظيمة بالحرية الجنسية ؟! أنت مسلم وتصلي في بيت الله تعالى وتؤمن بالديمقراطية والحرية ؟! وهل يوجد حرية أمام أوامر الله تعالى ونواهيه أمام واجبات الشريعة ومحرماتها ؟!"

إقرأ أيضا : قال لي أنت شيعي سلفي ؟!
قلت لهم : " نعم يوجد حرية فكرية وحرية سياسية في الإسلام ولقد أشار الله تعالى إليها حينما نهى رسوله من استعمال وسائل الإكراه بحق الناس لكي تؤمن بالإسلام بقوله تعالى: 
{  وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ  } 
يعني ليس مسموحاً لك أن تُكْره أحداً بالقوة على الإيمان بالإسلام .
وقال لرسوله أيضاً:
{  فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ  لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ  }
وآيات أخرى بنفس المضمون ."
قالوا لي:"  كل هذه الآيات تم نسخها بآيات السيف والجهاد وهذا ما أجمع عليه فقهاء الإسلام ومن نحن حتى نخالف فقهاء الإسلام وعلماءه ؟
ففقهاء الإسلام وعلماؤه هم الراسخون في العلم وهم أهل الذكر واسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ."

إقرأ أيضا : ما زلنا في عصر الظلام
حينها سكت وانصرفت بأدب وتهذيب بعدما علمت بأنهم مثلهم مثل مئات الملايين من المؤمنين المسلمين الذين اتخذوا قراراً في هذه الدنيا بأن يعطلوا عقولهم في فهم نصوص الدين بحجة بأن هناك من أهل العلم من يفكر نيابة عنهم وهم يستلمون أفكار الدين وفتاواه جاهزة مُعَلَّبَة من دون أن ينفقوا دقيقة من وقتهم ولا ذرة طاقة من قدرتهم في التأمل بآيات الله وتدبرها والتفكر بها كما أمرهم الله تعالى بذلك .