يبدو أن رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل هذه اﻷيام مرتاحاً أكثر من أيّ يوم مضى.
 

فالتجاوبُ اﻷولي الذي أظهره المجلس الدستوري مع الطعن، الذي تقدّم به نواب الكتائب وآخرون، يدفع إلى بعض التفاؤل: «هناك أمور مشجّعة. وربما بدأت المؤسسات تنتفض على دولة المزرعة»! لكنّ الجميّل يتوقع مزيداً من ضغوط أهل السلطة عليه: «هناك صوت حرّ «مش حاملينو» ويريدون تشويه صورته. وعلى رغم حجمنا المتواضع داخل المجلس النيابي، ربحنا معارك كبيرة في ملفات البواخر والضرائب وسواها، وسنربح أخرى».يراهن الجميل على القرار الذي سيتخذه المجلس الدستوري في ملف الطعن، بعد جلسته في 15 أيلول. ويقول: «الطعن مبكّل تماماً، ولا مجال لنقضه ﻷنه يرتكز إلى ثوابت دستورية متينة».

ولكن لدى سؤاله عمّا إذا كان متفائلاً بقرار المجلس، يقول: «لا مبرّرات قانونية لردّ الطعن، ولا أعرف إلامََ يمكن اﻻستناد لردّه»!

فقانون الضرائب مخالف للدستور وقواعد عمل المؤسسات في 3 نقاط:
1 - لقد تمّ التصويت عليه بالمناداة.
2 - هو يعتمد اﻻزدواجية الضريبية.
3 - يخصص الضريبة لهدف معيّن وهو تمويل السلسلة.

فكيف يمكن إمرار مخالفة الدستور في هذه النقاط الثلاث؟. ويأمل الجميل في «أن تنطلق انتفاضةٌ من داخل المؤسسات رفضاً للمنطق السائد، القائل إنّ التوافق السياسي بين أهل السلطة أقوى من الدستور والمؤسسات».

ويكشف «أنّ عدداً من النواب اتّصلوا به بعد القرار الذي اتّخذه المجلس الدستوري أمس بتجميد العمل بقانون الضرائب، وقالوا له إنهم يؤيّدونه في موقفه، لكنهم يتجنّبون إزعاجَ آخرين.

وسأل: «هل يضحّي هؤﻻء النواب بالمصالح العامة حفاظاً على المصالح والعلاقات الشخصيّة»؟ ويستغرب «لماذا لم يقم رئيس الجمهورية بردّ قانون السلسلة، فيما كان يبدو متجاوِباً ومتفهِّماً لموقفنا عندما زرناه في القصر».

وأكّد أنّ الكتائب ليست ضد الضرائب في المطلق، وهي صوّتت إلى جانب 7 منها، لكنها ضد 15 ضريبة جرى إقرارُها ﻷنها تمسّ عامة المواطنين مباشرة.

وكان يمكن تعويضُها بإصلاحات وبتغذية الخزينة من الضرائب على اﻷملاك البحرية وسواها. ولكن، يبدو أنهم لا يريدون المَسّ بأصحاب المصالح الكبيرة، بل بالمواطن الذي لا صوت له».

ويردّ الجميل على محاولة البعض إلصاقَ تهمة «الشعبوية» بمواقف الكتائب، ويقول: «المجلس الدستوري يتجاوب معنا، فهل هو شعبوي؟ وهل مواقفنا في ملف البواخر، التي أدّت إلى عرقلة الصفقة، شعبوية؟

أي هل مواقف رئيس غرفة المناقصات والنائب وليد جنبلاط والوزير علي حسن خليل من ملف البواخر شعبوية»؟. ويحذّر من موجة تضخّم عالية تصيب 95 من المواد اﻻستهلاكية، وقال: «زيادة الكلفة على المؤسسات قد تهدّد كثيراً منها باﻹقفال، وهذا يعني ارتفاع نسبة البطالة وازدياد نسبة الفقراء. فهل هذا ما يريده اليوم أهل السلطة»؟

ويرى الجميل «أنّ السلطة مصابة بآفتين:
- التخاذل والتنازل في مسألة السيادة الوطنية، إذ «حزب الله» يحكم البلد اليوم.
- فقدان الكفاية والنزاهة».

وعن المعركة اﻷخيرة ضد اﻹرهاب، يقول الجميل: «ما جرى هو انتصار كبير للجيش. وقد حاولت السلطة تحجيمَه عندما طلبت من الجيش وقفَ العملية العسكرية.

وكان ذلك أكبر جريمة في حقّ الجيش الذي كان انتصاره كاملاً وشاملاً ولا غبار عليه. وعلى الشعب أن يطالب بمحاسبة الذين طلبوا من الجيش وقفَ العملية.

وأنا أحترم جداً ضباط الجيش وأفرادَه ﻷنهم يلتزمون اﻻنضباط في التعبير عن مشاعرهم اليوم، على رغم ما يعانونه من مرارة، مراعاةً لقواعد السلوكية العسكرية».

ويضيف: «أدار «حزب الله» مفاوضاتٍ خارج المؤسسات، فيما كان الجيش يخوض المعركة ويقدّم التضحيات. فكيف تسمح هذه السلطة بأن يقوم جيشُها باﻻستشهاد فيما تسلّم أمرَ التفاوض لطرف آخر؟ لقد كذبت السلطة السياسية على جيشها، ولا أعرف إذا كان المسؤولون يستطيعون أن يضعوا رؤوسهم على الوسادة و»يناموا الليل»، بعد ما فعلوه في حق الجيش»!

ويضيف: «هل من وزير يستطيع أن يقول إنه كان في أجواء المفاوضات التي جرت وأنهت المعركة هناك؟ طبعاً لا، وهذا يعني أنّ القرار ليس لمجلس الوزراء».

ويسأل: «إذا كانوا سيسلّمون قرار البلد كما يفعلون اليوم، فلماذا إذاً كانت 14 آذار، ولماذا سقط بيار الجميل وأنطوان غانم وسائر الشهداء. وهل مسموح للبعض أن يسكت أو يبيع الثوابت؟ وهل يستحقّ هؤﻻء أن يحكموا باسم 14 آذار وشهدائها؟».

ومع أنّ ملف اﻻنتخابات النيابية لم يحن أوانُ طرحه بعد، فإنّ الجميل يعتبر «أنّ اﻻنتخابات هي الفرصة المتاحة أمام الشعب اللبناني للتغيير، ولا سبيل سواها». وردّاً على احتمال تعطيلها، يقول: «فليعطّلوها ويجرّبوا ما سيحصل. الشعب لن يتحمّل، ولينظروا إلى ما جرى في رومانيا ودول أخرى. فالناس لم ينتظروا دعوتنا إلى الشارع في 14 آذار 2005، وعلى الجميع أن يتّعظ».

وهل من مجال لتنظيم الخلاف مع الرئيس سعد الحريري؟ يجيب الجميل: «المهم هو الثوابت. نحن لا نتراجع عنها، ومَن أراد أن ينضمّ إلينا فليأتِ. ولكنّ «قصة اﻹجر بالبور واﻹجر بالفلاحة ليست ظابطة». ولن نقبل بتغيير المواقف والتقلّب السياسي تحت شعار الواقعية السياسية. لا مكان للرمادي عندنا».

وعن العودة إلى السلطة يقول الجميل: «أكبر فخر لنا أننا اليوم خارج هذه السلطة والذلّ الذي يعيشه الموجودون في داخلها. ونحن أقدمنا على اﻻستقالة في الحكومة السابقة، ولم نسأل عن السلطة، عندما أخذت تلك الحكومة تبرم الصفقات. ولا يمكن أن نكون جزءاً من سلطة تسلّم قرارَها خارج المؤسسات».