مع تعليق المجلس الدستوري لتنفيذ قانون الضرائب، توقف العمل منذ الامس بالضرائب الجديدة. كيف يقرأ الخبراء هذا القرار؟ وهل هو مؤشر الى ان احتمال رد القانون اصبح كبيرا؟ وما سيكون تأثير هذا القرار على وضع مالية الدولة مع توقف الايرادات واستمرار الانفاق على السلسلة؟
 

علّق المجلس الدستوري مفعول قانون الضرائب الذي طعن في دستوريته عشرة نواب، مع حفظ بت مراجعة الإبطال في الشكل والاساس، ريثما يصدر القرار في شأن القانون المطعون فيه.

ومما جاء في قرار المجلس الذي التأم امس برئاسة القاضي عصام سليمان: «ان المجلس الدستوري مع حفظ بت مراجعة الابطال في الشكل والأساس، وريثما يصدر القرار بشأن القانون المطعون فيه،

يقرّر بالاجماع، تعليق مفعول القانون المطعون في دستوريته رقم 45 تاريخ 21 آب 2017، وابلاغ هذا القرار الى كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء ونشره في الجريدة الرسمية». وقرر المجلس عقد جلسة في 15 ايلول المقبل لمناقشة الطعن، ويعقد في 18 منه جلسة مفتوحة لأخذ القرار في حال تمت الموافقة عليه.

ضاهر لـ«الجمهورية»

في هذا السياق، قال الخبير القانوني كريم ضاهر لـ«الجمهورية» انه لو لم تكن مقومات الطعن جدية لما كان المجلس الدستوري اتخذ هكذا قرار، علماً انه امام المجلس نحو الشهر للبت بالموضوع. أضاف: هناك عدة حلول يمكن ان تنتج عن هذه المراجعة، بحيث يمكن للمجلس الدستوري ان يتخذ قرارا برد القانون في مجمله لأن هناك مبررات لأسباب الطعن الذي تمّ التقدّم به تطال القواعد الجوهرية لاعداد الموازنة.

واقترح ان تضم الموازنة الجديدة قانون الضرائب بحيث تسهل مراقبة الانفاق والايرادات، معتبرا ان الطريقة التي اعتمدت في قانوني السلسلة والضرائب تنطوي على خلل على اعتبار ان قانون الضرائب مخصص حصرا لتمويل السلسلة.

وأشار ضاهر الى انه في حال اصدر المجلس الدستوري قراره برد القانون بمجمله باعتباره غير دستوري ستضطر الحكومة الى الاسراع في اقرار الموازنة ويكون ذلك بمثابة اداة ضغط على الحكومة وعلى البرلمان حتى يتم اقرارها.

ولفت رداً على سؤال، الى انه يمكن لمصرف لبنان ان يضع في تصرف الحكومة الاعتمادات اللازمة لتغطية الانفاق على المصاريف الجارية، لكن المشكلة انه لا يمكن تأمين هذه التغطية على المدى البعيد، والا ستضطر الدولة الى الاقتراض وهذا معاكس للمنطق اذ لا يجوز ان تقترض الدولة لتمويل المصاريف الجارية انما الاقتراض يكون لتمويل الانفاق الاستثماري.

من جهة أخرى، اكد ضاهر ان قرار المجلس الدستوري ملزم وتاليا تم تعليق العمل بكل قانون الضرائب، ومخالفة اي جهة لهذا التعليق هو مخالفة لقرار المجلس الدستوري.

اسكندر لـ«الجمهورية»

من جهة اخرى، رحّب الخبير الاقتصادي مروان اسكندر بقرار تعليق العمل بالضرائب، واعتبر ان توقف الواردات اليوم بفعل توقف مفعول قانون الضرائب، مع استمرار الانفاق على سلسلة الرتب والرواتب سينعكس كارثة مالية على الدولة، مرجّحاً اللجوء الى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لتقديم اقتراحات لتمويل هذه الكلفة، علما ان المركزي غير مسؤول عن سياسات الدولة المالية.

وتطرّق اسكندر الى سلسلة الضرائب المفروضة مؤخراً، لافتاً الى ان وزارة الاتصالات تملك فائضا وتحوّل الى الخزينة نحو 150 مليون دولار سنوياً فلماذا فرض المزيد من الضرائب على المواطنين؟ واعتبر ان السلسلة وضعت للتسلل الى جيوب المواطنين لأنهم يريدون إسعاد المواطنين بزيادة الرواتب حتى لو انهم سيدفعون ثمن هذه الزيادة وذلك لاسباب انتخابية.

وذكر بأن هناك 18 بندا ضريبياً اضيفت بدءاً من الالف ليرة الى 4000 على السجل العدلي واخراج القيد، فهل يعقل رفع الرسوم بنسبة 10 اضعاف؟

ولفت اسكندر الى انه قبل اقرار السلسلة اتخذ وزير المالية قرارا برفع سعر علبة الدخان 250 ليرة والتنبك 250 ليرة والسيكار 500 ليرة، لكن ما حصل ان مدخول الريجي تراجع بمعدل 5 مليون دولار شهريا، وبما مجموعه 20 مليون دولار خلال الاشهر الاربعة الماضية بسبب ازياد حجم التهريب، وهذا الرقم مرشح للارتفاع الى 100 مليون دولار، وبالتالي لن تتمنكّن الدولة من تحصيل المبلغ الذي تعوّل عليه نتيجة رفع سعر الدخان. والامر سيان في ما خصّ رفع الفوائد على الودائع والتي زادت فعليا 40 في المئة.

فمَن من المودعين سيتشجّع للايداع في لبنان في وقت تعطي دولة قطر فائدة 7 في المئة على الدولار، علما ان ميزانية بنك قطر الوطني وحده تبلغ 198 مليار دولار، في المقابل يبلغ مجموع ميزانية المصارف اللبنانية مجتمعة 190 مليار دولار. وفي المحصلة، اعتبر اسكندر ان ملف الضرائب هو الملف الفضيحة.

تهنئة اللبنانيين
وكان رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل قد هنأ كل اللبنانيين على مواجهة الظلم الذي كان يطالهم، كما هنأ المجلس الدستوري والنواب الذين وقعّوا على الطعن على وقوفهم الى جانب الكتائب في هذه المعركة، وقال: «توجهنا الى المجلس الدستوري الذي لم يتوجّه اليه احد منذ فترة طويلة والطعن الذي تقدمنا به هو المعاملة الوحيدة التي قّدمت اليه، ونحن نعتبر اننا لم ننجح فقط في ايقاف الضرائب عن الشعب بل باحياء الامل بالمؤسسات واحياء العمل بالمجلس الدستوري الذي هو مؤسسة اساسية وضامنة لحقوق اللبنانيين ولتطبيق الدستور».