يبقى وزر تركيا بقيادة الخليفة أردوغان كبير جداً وهو أوّل الأطراف المسؤولة عن إضاعة الربيع العربي لفرصته الذهبية
 

كان الربيع العربي الفرصة الذهبية لتصحيح المسار السلطوي و إعادة تركيب الدولة على أسس مختلفة عن المعايير القائمة في النخب السلطوية والمعتمدة على العسكر في إدارة البلاد والعباد وكان بالإمكان البدء في مرحلة ممهدة لدولة مدنية بكل محمولاتها ومتطلباتها لخلق ظروف أفضل للمواطن العربي الذي سئم من الموت في ظل سلطويات مستبدة قهرت ما تبقى فيه من كرامة بعد أن شوّهت صورته البشرية .
هذه الفرصة اليتيمة كانت ماساً لو تمّ توظيفها لصالح الانسان لا لصالح الإيديولوجيا التي اعتمدتها حركة الإخوان المسلمين للفوز في السلطة وكسب الرياسة على ظهر التضحيات الضخمة للشعوب العربية والتي صادرتها الحركة لصالح المرشد الإخواني و أشباحه من إخوانه في متحف القيادة في ظل نمو بطيء للحركة العلمانية بمحتواها الجديد لا بمضمونها القديم والتي خسرت ثقة الشعوب العربية بعد تجربة فاشلة للقوى القومية والشيوعية ساعدت على خروج الاسلاميين من كهفهم التاريخي .

إقرأ أيضا : طهران: الربيع العربي ليس كلّه مؤامرة
بسطاء المصريين صوتوا للإسلام الإخواني والسلفي باعتبارهم الحلّ لمشاكلهم المتراكمة من أيام الثورة الأولى ودراويش تونس بايعوا المرشد الغنوشي باعتباره إمام عدل ودين ويحكم بين الناس بميزان الله وفي ليبيا حصدوا الاخوان حصّة سياسية في حكم موزع الولاءات وفي سورية ساهموا في أسلمة المعارضة ومن ثمّ في بيعها لصالح صفقات خارج الحدود وفي اليمن انقلبوا مع المنقلبين لصالح هدم اليمن و إلغاء الفرصة السياسية السانحة لقيام دولة مختلفة عن دولة علي عبد الله صالح من حيث اتساع السلطة للجميع .
في مصر كانت حركة الاخوان فرجة من خلال رئيس لا يشبه حتى المواطن العادي إذ بدى صغير الحجم أمام كبار كعبد الناصر والسادات ومبارك ومن خلال سعي الاخوان لأخونة مصر والعالم العربي بطريقة ظريفة  أشبه ما تكون بالدورة القرآنية التي تعتمدها الحركة لتثقيف أتباعها فجاء ردّ الجيش قاهراً للإخوان ومعيداً مصر إلى سوابق عهدها بحضانة العسكر لها وهذا ما جعل الربيع المصري بلا ورود ومجرد أشواك قاتلة .

إقرأ أيضا : الإسلام السياسي يتهاوى... ما البديل؟
لم تستيقظ تونس حتى الآن من كوابيس بن علي وبقيت أزمتها مفتوحة رغم خروج الإخوان من باب السلطة والعودة اليها من خلال النوافذ حيث لم يقدموا حلولاً لطالما تحدث عنها الغنوشي ونظّر لها باعتبار أن إسلامه فيه شفاء لكل شيء وهو من سيسعد تونس ويضعها في مرتب الشهادة من حيث التنمية لا من حيث الجنة التي يوصلون الناس إليها من خلال المقابر .
حتى تركيا الإخوانية  وقفت إلى جانب الربيع العربي وانحازت له كونه يخدم مصالح الاخوان باعتبارهم القوّة القادرة على إستغلال الناس في أمور الدين لصالح السياسة والسلطة ومازال الخليفة العثماني يتصرف سياسياً وفق الرؤية الإخوانية فيخرب ظاهرة الربيع العربي من خلال جعل ثوارها جماعات إرهابية وظيفتها العبث والإخلال بالسلم و الأمن الدوليين وهذا ما أضر بالمعارضة السورية وفرض على مصر السيسي أن تكون متمسكة ببقاء سورية في قبضة العسكر .

إقرأ أيضا : أيها الإسلاميون ... لذلك لا أؤمن بدولتكم !
طبعاً عقل رجب أردوغان يشمل المنطقة بكاملها ولا يختص بحالة محدودة فهو يتصرف وفق الرغبة والمشيئة الإخوانية لا وفق ما أراده الربيع العربي من نهضة واثبة للتغيير في بُنى السلطة لذا يبقى وزر تركيا بقيادة الخليفة أردوغان كبير جداً وهو أوّل الأطراف المسؤولة عن إضاعة الربيع العربي لفرصته الذهبية .