بعد خروجه من الحرب العراقية - الإيرانية أواخر ثمانينيات القرن الماضي وضع العراق تحت المجهر الدولي. فالدعم الهائل عسكريا وماليا وسياسيا الذي كان يحصل عليه جراء تورطه في هذه الحرب ضد الثورة الإسلامية الإيرانية التي كانت لا تزال فتية. أتاحت له الخروج من هذه الحرب بمنظومة عسكرية ضخمة جدا من حيث العدة والعتاد والأفراد شكلت هاجسا دوليا واقليميا وعربيا. وبالتالي فإن القرارات السياسية الخاطئة لحكام العراق للمواقف الدولية ورطته في أزمات وحروب تحولت إلى كوارث على العراق وشعبه. 
فوقوع الرئيس العراقي السابق صدام حسين في فخ احتلال الكويت كانت الذريعة التي استخدمتها الولايات المتحدة الأميركية لأنشاء تحالف دولي واستقدام الجيوش الجرارة والاساطيل الحربية بكامل تجهيزاتها الى المنطقة. ولم تتحرر الكويت إلا بعد ضرب البنى العسكرية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية للعراق الذي وقع تحت الإحتلال الأميركي لأكثر من عقد من الزمن. 
وبعد الانكفاء الأميركي الذي اعتمدته إدارة الرئيس السابق باراك أوباما سارعت إيران للحلول محلها في العراق والإمساك بكافة مفاصل الحياة فيه مستفيدة من انهيار مؤسساته. فهيمنت عليه بشكل أقرب إلى الإحتلال والذي كان سببا أساسيا في نشوء جماعات إرهابية وتكفيرية متشددة امعنت في القتل والتفجير والاغتيالات بخلفيات مذهبية وقومية مستهدفة المراكز الحكومية وأماكن العبادة والمقامات المقدسة لتتحول الحياة في معظم المدن العراقية إلى جحيم لا يطاق. إلى أن نبت ومنذ أكثر من ثلاث سنوات تنظيم الدولة الإسلامية داعش من براثن الفقر والجهل والتعصب تحركه أجهزة أمنية تابعة لدول عربية وأجنبية وبدعم غير محدود منها. فتمكن وخلال فترة زمنية قياسية من احتلال أكثر من ثلث الأراضي في الشمال الشرقي للعراق. فعاث في البلاد فسادا وتدميرا وقتلا وتهجيرا واغتصابا. وبذلك تم استباحة العراق بكل ما يمتلكه من ثروات طبيعية وبكافة مقدراته الاقتصادية والمالية وتحول إلى موئل لكل طامع في الداخل ومن الخارج ولكل باحث عن جمع الثروات الطائلة. وساهم ذلك في ضعف حكوماته المركزية المتوالية والمرتهنة للخارج وخصوصا لإيران التي تحكمت في صياغة سياسته وتقرير مصيره من خلال تنصيب أشخاص موالين لها في مواقع القرار وإنشاء ميليشيات مسلحة مرادفة للقوى الأمنية والعسكرية الشرعية تحت مسمى فصائل الحشد الشعبي التي تم تكليفها بتولي المهمات الصعبة والحساسة بأوامر مباشرة من الحرس الثوري الإيراني الذي يتحرك وفق ما تقتضيه المصالح الإيرانية ويقوم بتنفيذ المشروع الإيراني الذي يعتمد مبدأ تصدير الثورة إلى خارج الحدود. 

إقرأ أيضًا: مقتدى الصدر: تكريس الهوية العربية
واليوم فإن العراق الذي يخوض غمار الحروب والمعارك لتحرير أراضيه من تنظيم داعش فتمكن من تحرير الموصل وتوصل إلى مشارف تحرير تلعفر بحيث لم يتبق أمام الزحف العراقي من جيش وحشد شعبي سوى منطقة الحويجة وبعض الجيوب التي تتغلغل فيها عناصر من التنظيم الارهابي. فإنه اي العراق بحاجة ليس فقط للتحرر من الجماعات الإرهابية المسلحة التي وفدت إليه من كل حدب وصوب. بل أنه أكثر ما يحتاجه إضافة إلى القضاء على الإرهاب الذي تغلغل في كل تفاصيل حياته. هو التحرر من الارتهان لإيران والعودة إلى أصوله العربية. 
وفي هذا السياق هناك حالة تململ شعبية واسعة داخل المجتمع العراقي للانعتاق من ربقة الهيمنة الإيرانية. 
ويتولى الزعيم العراقي والقائد الشيعي السيد مقتدى الصدر والذي يمتلك قاعدة شعبية عريضة وعلى مستوى الوطن والمتحرر من القيود الطائفية والمذهبية والذي يشكل أملا لاغلبية الجماهير العراقية والحامل لأمال وآمال الشعب العراقي المقهور قيادة حركة تضم مكونات وطنية من أبناء العراق على اختلاف تلاوينهم الطائفية وانتماءاتهم السياسية وعلى كل المستويات لنقل البلاد من جحيم الحروب والمعارك العبثية والفوضى إلى بر الأمان. 
وفي هذا الصدد فإن السيد الصدر ينشط في الداخل العراقي وخارجه من خلال زياراته خارج القطر. وتفيد المعلومات ان سماحة السيد مقتدى الصدر وبعد زيارته إلى كل من السعودية والإمارات العربية تلقى عددا من الدعوات الرسمية لزيارة دول عربية وإقليمية ودعوات أخرى أوروبية. 
وأوضحت المصادر المقربة منه فإن السيد الصدر يستعد لجولة أوروبية تشمل فرنسا وبلجيكا وايطاليا والفاتيكان. وهي تتخذ طابعا رسميا. وسيركز خلال هذه الجولة على تكريس انفتاح العراق ويدعو الشركات إلى الإستثمار في البلاد واعمار المناطق المتضررة جراء الحروب وتقديم الدعم إلى الحكومة العراقية. 
وكان السيد الصدر وعقب لقائه عددا من شيوخ العشائر من مدن مختلفة في منزله بالنجف منذ أيام قليلة عقد لقاءا صحفيا أكد فيه أن زياراته إلى الخارج وخصوصا إلى السعودية لم تكن على حساب علاقة بغداد مع طهران ولم تستهدف النيل من هذه العلاقة...