شهدَت عملية «فجر الجرود» على جبهة جرود رأس بعلبك والقاع استعدادات للمرحلة الثالثة والأخيرة منها والتي تستهدف تحريرَ مساحة الـ 40 كيلومتراً مربّعاً الأخيرة المتبقّية تحت احتلال «داعش»، فيما لا يزال الغموض يلفّ مصيرَ العسكريين المخطوفين لدى «داعش»، الذين لم يُعثر لهم بعد على أيّ أثر، في وقتٍ راجت معلومات عن أنّ ما تبَقّى من إرهابيّي «داعش» يتجمّعون في آخِر معاقلهم في تلك الجرود تحت عنوان «التفاوض مفتوح». ولكن لم يَرشح بعد أيّ معطى عن تفاوضٍ من هذا النوع يَجري الآن أو قيد التحضير لإجرائه. وأكّدت معلومات توافرَت لـ«الجمهورية» أنّ ما يؤخّر استكمالَ المعركة لاستعادة ما تبَقّى من الجرود هو البحث الدؤوب الجاري عن العسكريين المخطوفين ومعرفة مكان وجودهم أحياءَ كانوا أم شهداء.
تبقى العين شاخصة إلى جرود القاع ورأس بعلبك حيث يواصل الجيش اللبناني معركة «فجر الجرود» ضدّ تنظيم «داعش» والتي تدخل يومها الرابع، رصداً للتطوّرات الميدانية وسير العمليات العسكرية.

وقد واصَلت وحدات الجيش اللبناني أمس استهدافَ ما تبَقّى من مراكز تنظيم «داعش» الإرهابي بالمدافع الثقيلة والقصفِ الجوّي، فيما عملت وحدات من فوج سلاح الهندسة في الجيش على تنظيف المناطق المحرّرة من الألغام والعبوات والأجسام المشبوهة، وفتحِ الثغرات في حقول الألغام أمام الوحدات القتالية الأمامية.

َضبط أسلحة

إلى ذلك، ضَبطت وحدات الجيش كمّيات كبيرة من الأسلحة والذخائر والمتفجّرات والأعتدة العسكرية، وضمّت: مدافع هاون ورشّاشات متوسّطة وثقيلة وبنادقَ حربية وقنابل يدوية، وقاذفات مضادّة للدروع وصواريخ مضادّة للطائرات، وعبوات ناسفة وألغاماً مضادّة للأشخاص والآليات وقذائفَ وذخائر من عيارات مختلفة، بالإضافة إلى كمّيات من أجهزة الاتصال والتصوير ومعدّات عسكرية متنوّعة، وأدوية ومنشّطات.

وأوقفَت مديرية المخابرات في محلّة وادي الأرنب في عرسال أحدَ المسؤولين الأمنيين في تنظيم «داعش» السوري باسل محمد عبد القادر الملقّب بـ«أبو أنس السحلي» و«صقر عرسال»، وعمرُه نحو 25 عاماً.

مصادر عسكرية

وأكّدت مصادر عسكرية لـ«الجمهورية» أنّ «اليوم الثالث من المعركة ترَكّزَ على استكمال الانتشار العسكري في المناطق المحرّرة التي بلغت مساحتُها نحو 80 كيلومتراً مربّعاً، وقد عمدَ الجيش إلى تثبيتِ مراكزه الجديدة وتبديلِ الوحدات المقاتلة، فيما التركيزُ والعمل الأساسي كان لفرَقِ الهندسة التي عملت على نزعِ الألغام التي زرَعها «داعش» لكي يعوقَ تقدّمَ الجيش».

وشدّدت المصادر على أنّ «الجيش يتحضّر لإطلاق المرحلة الثالثة من الخطة والتي تشمل تحرير 40 كيلومتراً مربّعاً تحتلّها «داعش»، مشيرةً إلى أنّ «أمام الإرهابيين خيارَين: إمّا الاستسلام والكشف عن مصير العسكريين المخطوفين، وإمّا الحرب والموت».

وأعادت المصادر التأكيد أن «لا تنسيق للجيش مع «حزب الله» والجيش السوري، ومن يحاول رميَ مثلِ هذه الأمور إنّما هدفُه التشويش على الجيش، فقد قالت قيادة الجيش كلاماً واضحاً وصريحاً في هذا الخصوص، والبعض يحاول حرفَ مجرياتِ المعركة، لكنّ الجيش يَحظى بثقة اللبنانيين وسيَخرج منتصراً من المعركة» (التفاصيل ص 6-7).

قائد الجيش

وقد تَفقَّد قائد الجيش العماد جوزف عون في مستشفيَي الروم والجعيتاوي، العسكريّين الجرحى الذين أصيبوا خلال العمليات العسكرية، واطّلعَ على أوضاعهم الصحّية وحاجاتهم المختلفة، والمعالجات الطبّية الجارية لهم، منوّهاً بتضحياتهم وشجاعتهم في الميدان، ومتمنّياً لهم الشفاءَ العاجل.

واشنطن وباريس

وأعربَت السفارة الأميركية في بيروت عن «فخر الولايات المتّحدة بدعمِ الجيش اللبناني، في اعتباره المدافعَ الوحيد عن لبنان وشريكاً في معركتها المشتركة ضدّ «داعش». وتمنَّت الشفاءَ العاجل والكامل لجرحى معركة «فجر الجرود»، مقدّمةً تعازيَها لعائلات الشهداء.

وزارت السفيرة الأميركية إليزابيت ريتشارد أمس وزيرَ الداخلية والبلديات نهاد المشنوق وهنّأته على إنجاز شعبةِ المعلومات، وأكّدت تقديرَ حكومةِ بلادها بدور الأجهزة الأمنية اللبنانية، وفي مقدّمها شعبة المعلومات، وأعربَت عن «استعداد بلادها لمتابعة دعمِ هذه الأجهزة». وتَطرّقَ البحث إلى تحضيرات وزارة الداخلية للانتخابات النيابية المقرّرة في أيار السَنة المقبلة.

بدورها، أبدت السفارة الفرنسية إعجابَها ودعمها للجيش اللبناني في معركته ضدّ «داعش». وقالت: «إنّ لبنان وفرنسا يواجهان اليومَ عدوّاً مشتركاً». وقدَّمت تعازيَها لأسَرِ العسكريين الذين سقطوا أثناء محاربتهم الإرهابَ وأكّدت تضامنَها مع الجرحى.

«عين الحلوة»

ومن السلسلة الشرقية إلى الجنوب حيث ارتفعَت حدّة الاشتباكات مساء أمس داخل مخيّم عين الحلوة، في ضوء عدم التزام جماعتَي بلال بدر وبلال العرقوب وقفَ إطلاقِ النار في المخيّم. وشهد حيَّا الطيري وبستان التيار قصفاً عنيفاً، ليُعقَد بعد ذلك اجتماع في منزل مسؤول «عصبة الأنصار» الشيخ أبو طارق السعدي، تمَّ التوصّل فيه إلى وقفِ النار وسحبِ المسلّحين من الشوارع، وذلك بعد اتّصالات السعدي الحثيثة مع الجهات الفلسطينية واللبنانية الرسمية والسياسية.

الملفّات الخلافية

من جهة ثانية، تعود الملفّات الخلافية إلى الساحة بقوّة من بوّابة ساحة النجمة حيث تُدشَّن ورشة العمل النيابي التي وعَد بها رئيس مجلس النواب نبيه بري بجلسةِ مناقشةٍ ومساءلة نيابية تُقدّم فيها الحكومة جردةَ حساب أمام المجلس، قبل أن يلتئم مجلس الوزراء في جلسة تُعقد في الحادية عشرة قبل ظهر الخميس في المقرّ الرئاسي الصيفي في بيت الدين للمرّة الأولى هذا الصيف، لتكونَ باكورةَ انتقال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى هذا المقرّ في اليوم نفسِه.

وقد تقرّر عقدُ هذه الجلسة بعد غدٍ الخميس بدلاً من غدٍ بعدما أصرّ بري على مواعيد جلسات مجلس النواب اليوم وغداً على مرحلتين صباحية ومسائية. وسيناقش مجلس الوزراء جدول أعمال يتضمّن 47 بنداً جاء خلواً من أيّ تعيينات لا في تلفزيون لبنان ولا في محافظتَي البقاع وجبل لبنان.

الكهرباء مجدّداً

ويَحضر ملف الكهرباء مجدداً في مجلس الوزراء من خلال بنود في جدول الأعمال المؤلف من 47 بنداً، وهي البند 34 والمتضمّن عرض وزارة الطاقة والمياه لدفتر شروط جديد لاستقدام معامل لتوليد الكهرباء، والبند 37 المتضمن عرضَ وزارة الطاقة والمياه مشروع استقدام محطات استيراد الغاز الطبيعي المسال إلى لبنان (مؤجّل من جلسة 17 آب 2017)، والبند 38 والمتضمّن عرضَ وزارة الطاقة والمياه مستخرجات المخطط التوجيهي لنقل الكهرباء والموافقة على مشروع قانون البرنامج المقترَح والذي يمتدّ من العام 2017 إلى العام 2023 وعلى هذه الخلفية، قالت مصادر نيابية إنّ بري الذي دعا إلى الجلسة النيابية اليوم لتكون جلسة محاسبة للحكومة، سيوجّه الدعوةَ في اليوم التالي منها لتحويلها جلسةً تشريعية للبتّ بسلسلة اقتراحات القوانين المعدّة لتعديل قانونَي سلسلة الرتب والرواتب والسلّة الضريبية، والتي تمّ التفاهم عليها في اللقاء الحواري التشاوري الوزاري ـ القطاعي والنقابي الذي عقِد في القصر الجمهوري قبل ثمانية ايام.

«السلسلة» والضرائب

وكان رئيس الجمهورية قد وقّعَ صباح أمس قانونَي «السلسلة» و«السلّة» اللذين حملا الرقمين 45 و46 الصادرَين أمس 21 آب الجاري والخاصَّين بسلسلة الرتب والرواتب ومصادر تمويلها، وأصدرَهما وفقاً للأصول الدستورية.

وبعد ساعات على هذا التوقيع الرئاسي أصدرَت الجريدة الرسمية أمس عدداً استثنائياً خاصّاً تضمّنَ القانونَين إيذاناً ببدءِ العمل بهما في أوّل يوم عملٍ يلي نشرَهما.

وفي معلومات لـ«الجمهورية» أنّ موظفي القطاع العام والمؤسسات المستقلّة والعسكرية والأمنية المستفيدين من السلسلة الجديدة سيقبضون رواتبَهم عن شهر أيلول المقبل وفقَ الجداول التي أقِرّت في القانون الجديد. علماً أنّ وزير المال علي حسن خليل كان قد عمَّم على المراجع المعنية في وزارة المال توفير هذه الرواتب في مهلةٍ أقصاها 26 الجاري قبل أيام قليلة على عيد الأضحى المبارك.

وبعد إسدال الستار على السلسلة يُفترَض أن تنصَبَّ الجهودُ على إنجاز التعديلات اللازمة لسد ثُغَرِها.

طعنُ «الكتائب»

وقد عاد الاعتراض الكتائبي على قانون الضرائب إلى الواجهة. وعلمت «الجمهورية» أنّه ما إنْ صَدر القانونان في الجريدة الرسمية، حتى سارَع الفريق القانوني في حزب الكتائب إلى الاجتماع أمس في مكتب رئيس الحزب النائب سامي الجميّل، وعكفَ على وضعِ اللمسات الأخيرة على الطعن الذي سيقدّمه الحزب، على أن تتجدّد صباح اليوم اتّصالاته مع النواب، في مسعى لجمعِ عشرةِ تواقيع نيابية للطعن.

وكان حزب الكتائب قد أسفَ في بيانه أمس «لتوقيع رئيس الجمهورية قانونَ الضرائب الرقم 10415 والذي ستنعكس تداعياته الكارثية على الاستقرار الاقتصادي ولقمةِ العيش لذوي الدخل المحدود، وذلك ابتداءً من هذا الأسبوع». وأعلنَ «أنّه ماضٍ في الطعن بقانون الضرائب فورَ نشرِه في الجريدة الرسمية».

عون

وقال عضو تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب آلان عون لـ«الجمهورية»: «إنّ الرئيس عون قام بما يمكن من أجل معالجةِ الاعتراضات التي نجَمت من السلسلة وتحويلِ ما أمكنَ منها إلى تعديلات على القوانين، وهو وازَن بميزان المسؤولية الملقاة عليه بين إعطاء الحقوق لأصحابها وتخفيفِ الأضرار قدر المستطاع عن الاقتصاد.

ونحن نأمل في أن تتحوّل جلسة المناقشة التي يَعقدها مجلس النواب غداً (اليوم) جلسةً تشريعية لإقرار تلك التعديلات وطيِّ صفحةِ السلسلة نهائياً، والتركيز على القضايا الأخرى في الأسابيع المقبلة».

وفي ما يخصّ جلسة المساءلة للحكومة، قال النائب عون: «إنّ هذه الجلسات ضرورية لمناقشة ومساءلة الحكومة والوزراء دوريّاً حول عملهم، لكنّ الأهمّ هو أن تكون المداخلات بخلفيةٍ بنّاءة للحضّ على العمل والإنتاجية وليس مجرّد مزايدات وحملات انتخابية.

فاللبنانيون ينتظرون اليوم الكثيرَ بعدما عادت الحياة إلى المؤسسات، وهم يتوقّعون وتيرةً عالية من العمل والإنتاج في الحكومة ومجلس النواب، بعدما هدرَت الأزمات السياسية السابقة كثيراً من الوقت والفرَص، وأخّرَت كثيراً من المشاريع الحيوية التي حان الوقت لإنجازها».

وفي هذا السياق، استعجَلت الهيئة السياسية في «التيار الوطني الحر» إقرارَ الموازنة العامة للدولة في مجلس النواب وضرورةَ وضعِ خطةٍ اقتصادية وطنية، وقدّمت الورقة الاقتصادية التي وضَعها «التيار» كنموذج أوّلي في هذا المجال، ولفتَت إلى «أنّ وزير الاقتصاد يتابع الموضوع، وهو ومِن خلالِ اللجنةِ الوزارية الاقتصادية، في صددِ تقديمِ مشروع متكامل إلى مجلس الوزراء».