ضيق الجيش اللبناني ومجاهدو المقاومة والجيش العربي السوري الخناق على مسلحي «داعش» في جرود رأس بعلبك والفاكهة والقاع والقلمون الغربي والجراجير وباتوا بين فكي كماشة بعد ان خسروا اكثر من 180 كلم من الاراضي الذين كانوا منتشرين عليها على الحدود اللبنانية - السورية، وتقلصت مساحة تواجدهم الى 60 كلم مربع، وخسروا معظم قيادات الصف الاول بين قتيل وجريح، واستسلم اكثر من 150 داعشياً الى المقاومة بينهم الاميران ابو براء واحمد العبد وكوادر بارزة، وبالتالي بات اعلان النصر قريباً، وكما وعد قائد الجيش العماد جوزاف عون اثناء تفقده الجرحى «النصر خلال يومين» وعلم ان قيادة الجيش اللبناني رفضت طلب «داعش» بوقف اطلاق النار والاستعداد للمفاوضات قبل الحصول على معلومات بشأن الجنود المخطوفين من الجيش اللبناني. وعلم ان هذا الملف محاط بسرية مطلقة من الامن العام اللبناني حفاظا على قدسية هذا الملف كما قال مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم.
واشارت معلومات الى ان تواجد ضباط الامن العام في المنطقة قد يسمح باستسلام المزيد من عناصر «داعش» جراء علاقات الامن العام مع فاعليات لها تواصل مع التنظيم، حيث نجح الامن العام اللبناني بترحيل عناصر «النصرة» الى منطقة ادلب.
وفي اليوم الثالث من العمليات احكم الجيش اللبناني سيطرته على النقاط والتلال التي كان قد وصل اليها خلال الساعات الماضية عازلا المسلحين في بقعتين منفصلتين الاولى في مرطبيا، والثانية في جبل الكيف بمساحة لا تتعدى الـ40 كلم، تضم العديد من المغاور والكهوف وهي مناطق اساسية لـ«داعش»، وبذلك يكون الجيش اللبناني احكم سيطرته بالنار على الحدود اللبنانية - السورية، وتتواجد قواته على بعد 1500 م من الخط الفاصل على الحدود، حيث يمكن مشاهدة الجانب السوري بالعين المجردة.
وقد شهد طوال يوم امس، وصول عشرات الآليات المدرعة والمدفعية الى منطقة الجرود، فيما استمر فوج الاشغال في شق الطرقات العسكرية، وعمل فوج الهندسة على تطهير بقعة العمليات من الاشراك والافخاخ والالغام التي خلفها المسلحون وراءهم، ولم يسقط للجيش اي شهيد في عمليات أمس.
كما واصل الجيش قصفه للمواقع المتبقية لـ«داعش» بالمدافع الثقيلة وراجمات الصواريخ.
وعلى الجانب السوري، واصل مجاهدو المقاومة والجيش العربي السوري عملياتهم العسكرية من الجهة السورية وسيطروا على قرنة «شعبة عكو» الاستراتيجية «2364 مترا» في جرود الجراجير، والتي تشرف على كامل المنطقة الجنوبية للقلمون الغربي، اضافة الى السيطرة على مرتفع «قرنة عجلون» في المحور الشمالي، وتضييق الخناق اكثر على ارهابيي «داعش» من جهة القلمون الغربي ومن الجهة اللبنانية حيث يتقدم الجيش اللبناني، علما ان «قرنة شعبة عكو» تؤمن الاشراف الناري على جبل حليمة الذي يعتبر احد مراكز الثقل لـ«داعش» في المنطقة، اضافة للسيطرة على مداخل معبري شميس تم المال والقيصرة ووادي الشاحوط غرباً.
وأسفرت الاشتباكات عن مقتل 9 ارهابيين اضافة الى اعطاب آليتي دفع رباعي واغتنام آليتين محملتين برشاشين ثقيلين «مدفع رشاش من عيار 23 ملم ورشاش من عيار 14.5 ملم». كذلك فجرت مجموعات الهندسة في المقاومة 28 تشريكة عبوات ناسفة كان ارهابيو التنظيم قد وصلوها بعدد من الصفائح التي تعمل على الطاقة الشمسية بضمان تفجيرها في محيط مواقعهم في القلمون الغربي.
وكشف الاعلام الحربي، ان حزب الله استخدم طائرات بدون طيار لضرب تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا، في اول اعلان من الحزب عن استخدامه للطيران بدون طيار فوق الاراضي السورية، وذكر الاعلام الحربي «انه نشر طائرات بدون طيار لضرب مواقع ومخابئ وتحصينات الدولة الاسلامية في القلمون واصابها بشكل مباشر.

 عين الحلوة وتمدد الارهابيين 

ليس من باب الصدفة، ان يتزامن بدء الجيش اللبناني عملية تحرير الجرود من الجهة اللبنانية والمقاومة والجيش السوري من الجهة السورية مع تفجير الاوضاع في مخيم عين الحلوة من قبل المجموعات الارهابية بقيادة بلال بدر وشادي المولوي الذي يلعب دوراً محورياً في التصعيد وخرق وقف النار مع ما تبقى من جماعة احمد الاسير، وحسب مصادر فلسطينية، فان امر العمليات للمجموعات الارهابية بالتفجير صدر من الرقة وادلب للسيطرة على المخيم ولالهاء الجيش اللبناني وتوسيع محاور معركته. ولذلك عمدت المجموعات الارهابية الى التفجير بنفس التوقيت مع عملية «فجر الجرود» و«ان عدتم عدنا» لفرض موازين قوى ومعادلات جديدة داخل المخيم الفلسطيني الاكبر لاخذه رهينة من قبل الارهابيين لدعم مشروعهم التكفيري وقطع طريق بيروت الجنوب واشغال الجيش اللبناني بهذه المعركة، حيث يتخوف الارهابيون في المخيم حسب مصادر فلسطينية من ان يكون ملفهم على الطاولة مباشرة بعد معارك الجرود وتصفية اوضاعهم اما استسلاماً او بالضربة العسكرية، وهذا ما دفع الارهابيين الى القيام بحرب استباقية لتوسيع رقعة نفوذهم وجعلهم يقاتلون او يفاوضون من الموقع الاقوى في المرحلة اللاحقة. وحسب هذه المصادر الفلسطينية، ان ما يحصل في عين الحلوة، يكشف مدى الانقسامات الفلسطينية، وعدم الاجماع على حسم ظاهرة الارهابيين. وشهدت اجتماعات الفصائل خلافات حادة بين مندوبي فتح وحماس، أدت الى انسحاب حماس من القوة الفلسطينية المشتركة واعلانها بشكل واضح رفضها للحسم العسكري، والدعوة للحوار، وهذا ما رفضته فتح وادى الى عدم صدور اي بيان عن المجتمعين، حتى ان تسليم «البلالين» بلال بدر وبلال العرقوب لم تتجاوب معه حركة حماس، لكن جهات فلسطينية اكدت ان حماس لا تريد اعطاء ورقة الارهابيين لفتح في عين الحلوة، بل ربما تريد اعطاءها للدولة اللبنانية كما حصل في تسليم الارهابي خالد السيد للامن العام اللبناني من قبل حماس وعصبة الانصار. وبالتالي فان الارهابيين سيكونون «خروف العيد» كيفما اتجهت الامور.
واشارت المصادر الفلسطينية ان اللاجئ الفلسطيني يدفع الثمن مع حركة نزوح كثيفة وسط استمرار المعارك العنيفة وتستخدم فيها مختلف انواع الاسلحة المتوافرة لدى الطرفين، حيث فشلت كل الاتصالات لوقف النار، حتى ان الهجوم الذي قادته حركة فتح بقيادة العميد ابو اشرف العرموشي على مواقع بلال بدر في الطيري فشلت في تحقيق كل اهدافها رغم «تغلغل» مسلحي فتح داخل الطيري ووصولهم الى مسافة 50 متراً من منزل الارهابي بدر وامطروه قذائف صاروخية. واشارت المصادر الفلسطينية الى اصابة بدر بجروح طفيفة وانتقاله الى حي آخر مع مجموعته وشقيقيه وافراد عائلته.
وذكرت المصادر الفلسطينية، ان قادة المجموعات الارهابية من بلال بدر الى شادي المولوي وبلال عرقوب وهيثم الشعبي وعز الدين ضبايا ورائد جوهر واسامة الشهابي وعبد فضه وخالد حسين خاضوا المعارك الى جانب مجموعة بلال بدر وحشدوا اكثر من 150 مقاتلاً ونظموا هجمات مضادة فيما الفصائل الفلسطينية خاضت المعارك من دون خطة وسط انقسامات حادة وتردد في الحسم.
واشارت المصادر الفلسطينية ان بلال بدر استغل الموقف المتردد للفصائل وخلافات فتح وحماس فرفع سقف شروطه مطالبا بانسحاب فتح من الطيري وعدم مشاركتها باجتماعات وقف النار، ودعت هذه المصادر القوى الفلسطينية الى حسم المواقف المترددة والوسطية، واجتثاث هؤلاء الارهابيين بشكل سريع قبل تفاقم الامور وسيطرتهم على مزيد من الاحياء في المخيم، واكدت المصادر الفلسطينية ان الامن بالتراضي لم يعد ينفع مع هؤلاء الارهابيين، لكنها كشفت ان الخلافات بين فتح وحماس تتعدى عين الحلوة وترتبط ايضا بالتنسيق بين حماس ومحمد دحلان في القاهرة والخلافات في الضفة والقطاع، رغم ان محمود عبس «اللينو» المحسوب على دحلان من اكبر المطالبين بالحسم مع الجماعات الارهابية وشارك بالدفاع عن مواقع فتح.

 المشنوق ودور المعلومات 

وفي توقيت لافت ايضاً وبالتزامن مع معركة الجرود، كشف وزير الداخلية نهاد المشنوق في مؤتمر صحافي في المديرية العامة لقوى الامن الداخلي، عن انجازات امنية لشعبة المعلومات، وصلت الى اوستراليا وبروكسل، وضمنها رسائل مباشرة الى رئيس مجلس النواب نبيه بري، والحصار المالي من قبل وزارة المالية على المخصصات السرية لقوى الامن الداخلي منذ اكثر من 6 أشهر على خلفية تعيين مدير عام قوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان الرائد ربيع فقيه «شيعي» رئيساً لفرع الامن القومي في المعلومات خلفاً للعميد سعيد فواز، والعميد علي سكيني قائدا لمنطقة الشمال العسكرية في قوى الامن الداخلي خلافاً لارادة الثنائي الشيعي وخصوصاً الرئيس نبيه بري ودون اخذ مشورته حيث كان الرئيس بري يريد تعيين العقيد مصطفى بدران في المعلومات وكذلك عارض تعيين العميد سكيني دون العودة له واعتبره مخالفا للقانون رقم 17 في عمل المديرية وبأن المدير العام ليس له الحق ان يصدر تشكيلات دون العودة لمجلس قيادة قوى الامن الداخلي، وقد رد الرئيس بري على هذا التعيين باعطاء اوامر لوزير المالية علي حسن خليل بوقف المخصصات السرية لقوى الامن الداخلي، حتى ان مجلس القيادة لم يعقد اجتماعا حتى اليوم بسبب الخلافات، ولم تنجح الاتصالات بايجاد تسوية وهذا ما دفع بالوزير نهاد المشنوق الى التأكيد بأن الحل بيد الرئيس نبيه بري وسعد الحريري.

 بري: كان هناك تسوية ولم تنفذ 

ونقل زوار الرئيس نبيه بري عنه في هذا الموضوع وبعد كلام الوزير المشنوق «انه ليس لدينا اي مشكلة مع قوى الامن الداخلي، ولا مع المعلومات، ولكن كان هناك تسوية كحل وسط في موضوع التشكيلات لم تنفذ، وكان هناك تجاهل «لنا» في هذا الموضوع.

 جلسة مناقشة عامة للحكومة 

وفي ظل هذه الاجواء، يعقد مجلس النواب جلسة عامة لمناقشة الحكومة، ومن المنتظر ان تدلي الحكومة ببيان مقتضب عن انجازاتها وما قامت فيه، ومن ثم يفتح الرئيس نبيه بري المناقشة العامة، حيث سيدلو كل نائب بدلوه، وسيرتفع طالبو الكلام مع النقل التلفزيوني المباشر على الهواء، وفي المعلومات ان مواضيع الكهرباء والبواخر وزيارات سوريا والوضع المالي ستكون ابرز المواضيع، وربما شهد ملف الزيارات الى سوريا سجالا ساخنا.
وعن موضوع مناقشة التعديلات على السلسلة التي طرحها رئيس الجمهورية فقالت مصادر نيابية ان الرئيس عون وقع السلسلة امس، ومن المستحيل مناقشة التعديلات في جلسة اليوم، لان اقتراحات القوانين يجب ان توزع على النواب قبل 48 ساعة، ولو وقعت السلسلة قبل ايام كان يمكن مناقشتها اليوم وتوزيع الاقتراحات وقوانين التعديلات. وفي هذا المجال، نقل زوار بري تأكيده مرة اخرى انه سيحدد جلسات عامة شبه اسبوعية في اطار تفعيل العمل التشريعي.