تحدّث الكاتب في صحيفة هآرتس الإسرائيلية زفي هرئيل عن بروز مصر كلاعب جديد ومفاجئ في الأزمة السورية، موضحاً أنّها حصلت على إذن كل من السعودية وروسيا لإجراء مفاوضات بين فصائل المعارضة والنظام في الغوطة الشرقية وأحياء حمص الشمالية، ما أفضى إلى توقيع اتفاقين لوقف إطلاق النار، الأول في 22 تموز الفائت والثاني في أوائل آب الجاري
 

ولفت هرئيل إلى أنّ هاتين المنطقتيْن تشكلان جزءاً من مناطق تخفيف التصعيد التي توصلت إليها روسيا وتركيا وإيران في شهر أيار بالتشاور مع الولايات المتحدة الأميركية، مستدركاً بأنّها المرة الأولى التي تؤدي فيها القاهرة دوراً فاعلاً في مفاوضات ديبلوماسية تجري بين الأطراف المتنازعة وتسفر عن نتائج إيجابية.

في هذا السياق، شدّد هرئيل على أهمية التدخل المصري، مؤكداً أنّ كلّ دولة تعمل على لجم النفوذ الإيراني في سوريا تخدم المصالح الإسرائيلية، وواصفاً القاهرة بشريكة تل أبيب في الحرب على الإرهاب في سيناء وبحليفتها التي توافقها الرأي في ما يتعلّق بالتهديد الإيراني ومخاطر تقسيم سوريا.

وتابع هرئيل بأنّ إسرائيل ستضغط على القوى العظمى خلال مشاركتها في محادثات مناطق تخفيف التصعيد في جنوب سوريا لتشجيع مصر على التدخل في سوريا، وبالتالي ضمان تعاطف شريك عربي آخر بالإضافة إلى الأردن مع مصالحها.

ورأى هرئيل أنّ تدخل مصر المفاجئ جاء بعد وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الحكم في العام 2013، مذكراً بتصريحه "الأسد جزء من الحل" في سوريا، وبسماحه لرئيس المخابرات العامة المصرية بلقاء نظيره السوري علي مملوك في القاهرة في تشرين الأول من العام 2016.

توازياً، تطرّق هرئيل إلى الخلاف بين مصر والسعودية على خلفية تأييد الأخيرة قراراً روسياً في مجلس الأمن حول سوريا، وإلى توطد العلاقة بين القاهرة وموسكو وواشنطن في عهد الرئيس دونالد ترامب، معتبراً أنّ نقطة التحول في علاقة البلدين العربيَيْن كانت بوقوف السيسي إلى جانب المملكة في قرارها مقاطعة قطر.

في هذا الإطار، شرح هرئيل بأنّ هذه المسألة القطرية اضطلعت بأهمية أكبر بالنسبة إلى السعودية بالمقارنة مع الملف السوري، مشيراً إلى أنّ الرياض أدركت أنّها عاجزة عن تحقيق أيّ نصر عسكري أو ديبلوماسي في سوريا وأنّ سياسية دعم الفصائل المسلحة في مواجهة الأسد لا تؤتي ثماراً.

لذا، حين تدخلت تركيا عسكرياً في سوريا، في خطوة ترى السعودية أنّها تندرج ضمن خانة التحالف القائم بين تركيا وإيران وروسيا، قررت الرياض القيام بالتفافة استراتيجية، فباتت تفضّل تدخل القاهرة سورياً على تدخل أنقرة، بحسب هرئيل.

وفيما صنّف هرئيل الالتفاتة هذه بالمهمة بالنسبة إلى روسيا ونقل عن تقارير زعمها أنّ مصر تعمل على تطبيع العلاقات مع سوريا، أكّد أنّ نجاح مسعى القاهرة هذا سيمنح نظام الأسد شرعية مصرية رسمية وبالتالي شرعية عربية أوسع نطاقاً.

في المقابل، تحدّث هرئيل عن إمكانية إقدام مصر على سحب البساط من تحت تركيا التي تتوسط في سوريا، وبالتالي منح دمشق بديلاً عربياً من طهران.

وبناء على ما تقدّم، استنتج هرئيل بأنّ الوقت ما زال مبكراً لتوقع انحسار الدور الإيراني في سوريا بسبب تدخل مصر، مشدداً على أنّ النظام السوري يدين ببقائه لإيران وروسيا.

 

 

(Haaretz)