الجيش يخوض أشرف معاركه وحزب الله يشوّش بفبركة الصور بعد إنكشاف خيوط علاقة داعش بالنظام السوري

 

المستقبل :

بمزيد من العزم والعزيمة وبإرادة لن تكلّ ولن تلين حتى تحرير الأرض من الجرود إلى الحدود، تواصل وحدات الجيش اللبناني تقدمها الميداني على محاور القتال لتطهير المنطقة الجردية الشرقية من الوجود الإرهابي، محرزةً في ثاني أيام «فجر الجرود» نجاحات ملحوظة على خارطة بقعة العمليات العسكرية ضد مقاتلي «داعش»، سواءً على مستوى تساقط العشرات من الإرهابيين بين قتيل وجريح وفارّ على مختلف جبهات المعركة، أو على صعيد دحرهم عن المزيد من التلال والمرتفعات بشكل نجح معه الجيش في ربط جرد عرسال بجرد بعلبك والسيطرة نارياً على أقسام واسعة من المناطق المحاذية للحدود مع سوريا، لتنجح تالياً «فجر الجرود» في ثماني وأربعين ساعة بتحرير ثلثي الأراضي الواقعة ضمن نطاق المعركة بواقع 80 كلم2 من أصل 120 كلم2، على أن يبقى تطهير «الثلث» الأخير من الأرض المحتلة والذي وصفته مصادر عسكرية لـ«المستقبل» بأنه «الأصعب».

وإذ أوضحت أنّ صعوبة المرحلة المقبلة من العمليات العسكرية تكمن في كونها ستستهدف «نقاط التمركز والتجمع الأساسية» لإرهابيي «داعش» بعدما أعادوا تموضعهم وتحصنوا فيها نتيجة الانسحابات والانكسارات المتتالية التي مُنوا بها على أكثر من محور خلال الفترة الأخيرة، أكدت المصادر العسكرية في المقابل أنّ «الجيش اللبناني مدرك جيداً لخطورة وصعوبة هذه المرحلة وأعدّ العدة والخطط الملائمة لمواجهتها»، مشددةً في هذا الإطار على أنّ الجيش «رايح للآخر» ولن يوقفه شيء عن إنجاز مهمة تحرير الجرود مهما بلغ حجم المخاطر والتحديات.

وعن مجريات معارك «فجر الجرود»، لفتت المصادر إلى أنّ الجيش استطاع تذليل مختلف العقبات التي اعترضت تقدمه على الأرض حيث تمكنت الوحدات العسكرية وفرق الهندسة المختصة من التعامل بنجاح مع حقول الألغام التي زرعها العدو بأقل قدر من الخسائر في صفوف العسكريين الذين استشهد منهم ثلاثة أمس وأصيب رابع نتيجة لغم أرضي انفجر بإحدى الآليات، في مقابل تكبد الإرهابيين خسائر محققة في الأرواح خلال الاشتباكات الأخيرة والتي أسفرت أمس عن مقتل 17 إرهابياً إضافة إلى قتل إنتحاريين على متن سيارة ودراجة نارية مفخختين على طريق وادي حورته ومراح الدوار في جرود رأس بعلبك أثناء محاولتهم استهداف عناصر الجيش في المنطقة. وأفادت المصادر العسكرية أنّ «حجم الإنفجار الذي نتج عن تفجير السيارة والدراجة المفخختين بيّن أنّ العملية الانتحارية التي كانوا بصدد تنفيذها كانت ضخمة»، منوهةً «بعمليات الرصد والمعلومات الاستخبارية الدقيقة» التي يقوم بها الجيش والتي تتيح إحباط مثل هذه العمليات الإرهابية قبل حصولها، مع إشارتها في معرض تدليلها على طبيعة العدو الشرسة إلى أنّ الجيش ومع تقدمه الميداني يعثر تباعاً على جثث مقاتلين من «داعش» تحت أنقاض المواقع التي كانوا يتمركزون فيها بما يؤكد أن بعض الإرهابيين يؤثرون الموت على الانسحاب من مواقعهم حتى لو تيقنوا من أنها باتت بحكم الساقطة عسكرياً.

في المقابل، أكدت المصادر أن معنويات العسكريين على الجبهة مرتفعة جداً، وأشارت في هذا السياق إلى أنّ زيارة قائد الجيش العماد جوزف عون التفقدية أمس إلى مناطق رأس بعلبك والقاع أعطت دفعاً كبيراً للوحدات العسكرية خصوصاً أنه وصل إلى مواقع متقدمة على تماس مباشر مع المعركة حيث عاين جبهة القتال وواكب شخصياً عمليات القصف والاستهداف الميداني للإرهابيين.

العسكريون المخطوفون

أما في مستجدات ملف العسكريين المخطوفين، وبينما نفت أوساط المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم لـ«المستقبل» كل ما أشيع إعلامياً خلال الساعات الأخيرة عن العثور على جثث معينة وإخضاعها لفحوص الحمض النووي، أكدت المصادر العسكرية أن «لا شيء جديداً ولا جدياً حتى الساعة» في هذا الملف، معيدةً التشديد على أنّ الجيش لم يدخل في أي تفاوض حول قضية العسكريين المخطوفين، وأنّ اللواء ابراهيم هو الجهة الرسمية المكلفة والمعنية بمتابعة أي مفاوضات بشأن كشف مصير العسكريين.

 

الديار :

ليوم ينتصر الجيش اللبناني لارواح شهدائه الابرار، اليوم يتقهقر تنظيم «داعش» تحت اقدام الافواج والالوية اللبنانية والمقاومون الذين سجلوا وسطروا ملاحم المجد والبطولة في وجه اشرس تنظيم ارهابي عرفه التاريخ الحديث.
نعم سقط تنظيم «داعش» سقوطاً مدوياً في وجه ضربات وقبضات الجيش اللبناني، حيث وفي معلومات خاصة بالديار ستعلن قيادة الجيش في مؤتمر صحافي بتمام الساعة الخامسة من بعد ظهر اليوم انتهاء المرحلة الثالثة والاخيرة من معركة «فجر الجرود» على ان تبقى قوة عسكرية لاستكمال عمليات تطهير الجرود من بقايا وفلول التنظيم الارهابي.
اذاً، النصر العسكري للجيش اللبناني يأتي بالتوازن مع تقدم الجيش السوري وحزب الله في القلمون الغربي واطباقهم على ما تبقى من مقاتلي التنظيم الارهابي داعش، مما يعني ان في غضون ايام ستصبح الحدود اللبنانية السورية امنة وخالية من اي تواجد ارهابي فعلي ما يطرح الاسئلة التالية على الصعيد السياسي: اي معادلة ستحكم لبنان بعد النصر المشترك للمقاومة والجيش اللبناني في جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع؟ وما هي ارتدادات الانتصار على الداخل اللبناني؟
ان المعادلة التي تحكمت بالاستراتيجية العليا للدولة اللبنانية في السنوات الماضية اي معادلة الجيش والشعب والمقاومة هي التي انتصرت على الارهاب في العام الحالي كما انتصرت على اسرائيل في صيف 2006 واصبحت راسخة في الوجدان الوطني اللبناني، اكثر من اي وقت مضى، اذ اثبتت الايام والتجربة ان تلاحم مكونات هذه المعادلة ضمن للبنان الحماية من الاخطار المحدقة به. وان انتصار الجيش اللبناني على «داعش» في الاراضي اللبنانية بالتلازم مع انتصارات المقامة والجيش العربي السوري على التنظيم في القلمون الغربي يؤكد مرة جديدة انتصار محور الممانعة في لبنان على المحور السعودي وهذا ما يثبت ان معادلة جيش وشعب ومقاومة هي المعادلة الثابتة والمستمرة.
اما عن ارتدادات الانتصار المشترك في الجرود على الداخل اللبناني، فمن المتوقع ان يتواصل ويتصاعد الجدال الحالي حول سلاح المقاومة بين مؤيد ومعارض، خصوصاً مع اصرار فريق 14 آذار على رؤية نصف المشهد العسكري اي معركة  رأس بعلبك والقاع دون الاخذ بعين الاعتبار معركة جرود عرسال والمعارك السابقة التي خاضها حزب الله على الحدود اللبنانية - السورية والتي تعتبر ايضاً انتصاراً مهد للحسم النهائي على الارهابيين.
ان انتصار حزب الله على الارهاب سابقاً مصحوباً بالانتصار الاتي سيعطي الحزب حجماً سياسياً اكبر على الساحة اللبنانية وسيترجم هذا الدور عبر اتخاذ العلاقات اللبنانية - السورية منحى ومرحلة جديدة على كافة الاصعدة بما فيها العسكرية. كما انه سيزداد التنسيق الرسمي مع دمشق وليس من المتسبعد رؤية وفود وزارية ونيابية تزور دمشق وتلتقي الرئيس السوري بشار الاسد، هذا ما قد يعقد المشهد السياسي، الا ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سيلعب دوره الجامع والضابط للعبة السياسية في البلاد لما يتمتع به من احترام وانفتاح على كافة الاطراف اللبنانية خصوصاً بعد وصوله الى قصر بعبدا، حيث ابدى كل  تجاوب وتعاون مع الجهات السياسية بمن فيهم خصوم الامس.

 معركة فجر الجرود 

ميدانياً، لليوم الثاني على التوالي من معركة فجر الجرود، اكد مصدر عسكري للديار ان الجيش امسك بخط التلال باستثناء تلال الكف وسيطر على ما يقارب الـ80كلم2، حيث تمكن من تقسيم وفصل منطقة سيطرة «داعش» الى مساحتين لا يتعدى مجموعها الـ40 كلم2، وتعد هذه المرحلة اساسية لاحراز النصر على التنظيم عبر فصل قواته للانقضاض عليها في المرحلة الثالثة والاخيرة. غير ان المصدر العسكري اعتبر ان المرحلة الاخيرة ستشهد معارك ضارية لانه لن يكون للارهابيين سبيلاً للهرب.
كما اشار المصدر العسكري ان الجيش عمل ليلاً على نقل الدبابات والمدافع الى الجبهة وتحصين المراكز المحررة لكي يستعد للهجوم صباح اليوم من خلال وحدات قتالية تستعمل الـATV (آليات رباعية الدفع) والمشاة من فوج المجوقل والتدخل الاول يليهما القوة الضاربة في مديرية المخابرات ومجموعات من فوج المكافحة للعمليات الخاصة واللواء السادس الذي يتمركز في النقاط المحررة ويحصنها.

 معركة القلمون الغربي 

هذا وواصل الجيش العربي السوري والمقاومة تقدّمهم في جرود القلمون الغربي، في اليوم الثاني من عملية «وإن عدتم عدنا». وأحرزت القوات، تقدّماً كبيراً في المحاور الثلاثة، عقب المواجهات العنيفة ضد مسلحي تنظيم «داعش»، أسفرت عن مقتل وجرح عددٍ منهم.
وفي المحور الجنوبي، سيطرت القوات على قرنة شعبة القاضي، وقرنة مد محبس، وقرنة تم الزمراني، وواطيات الزمراني، وخربة قر علي.
أما في المحور الشرقي، فقد بسط المهاجمون سيطرتهم على دوّار الشقيع، وسن ميري الجنوبي، وجبل سن فيخا، ومرتفع حرف الموصل، ومعبر فيخا، ما منح القوات الإشراف الناري الكامل على معبر ميرا.
وإلى المحور الشمالي، حُرّرت كُلّ من شعبة بيت سليم، وحرف الجفر، وشعبة الزويتينة الغربية، وقرنة الزويتينة، ومرتفع شعبة الصهريج، ومرتفع شعبة شنشارة. 
بدوره، استهدف طيران الجيش السوري ، مواقع إرهابيي «داعش» عند معبري مرطبية والروميات، في جرود القلمون الغربي. 

 الرئيس عون يتفقد العسكريين 

على صعيد اخر، تفقد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون امس الجرحى العسكريين الذين اصيبوا في عملية «فجر الجرود» التي خاضها الجيش ضد تنظيم «داعش» الارهابي، واطلع على اوضاعهم واطمأن على صحتهم ، واستمع منهم الى ظروف اصابتهم، وتوجه اليهم قائلاً: «لم تفاجئني معنوياتكم حين تمنيتم ان تشفوا سريعا لتعودوا الى الجبهة ، فهذا هو جيشنا، وهؤلاء هم ابطالنا».

 جولة قائد الجيش 

كما تفقد قائد الجيش العماد جوزاف عون الوحدات العسكرية في مناطق رأس بعلبك والقاع، حيث زار غرفة عمليات الجبهة واطلع على سير العمليات العسكرية. ثم جال في المراكز التي تمّ تحريرها من «داعش» الارهابي.
كما اعطى الضباط والعسكريين التوجيهات اللازمة.

 

الجمهورية :

يُنتظَر أن ينهيَ الجيشُ اللبنانيّ «فجر الجرود» ببزوغ هذا الفجر نصراً ناجزاً قريباً، تغدو معه جرود القاع ورأس بعلبك نظيفةً من إرهابيّي «داعش» بعدما نُظّفت جرود عرسال من إرهابيّي «جبهة النصرة»، لتصبحَ في هذه الحال كلّ الحدود اللبنانية ـ السوريّة من الشمال وحتى البقاع الغربي خاليةً من أيّ وجودٍ إرهابيّ، ما يؤسّس لاحقاً لتنظيفِ لبنان ممّا تبَقّى من عناصر وخلايا إرهابية نائمة أو «صاحية». وقد نوَّه رئيس مؤسّسة الإنتربول ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والداخلية السابق الياس المر ببطولات الجيش، مؤكّداً «أنّ النصر آتٍ على أيدي أبطال الجيش المندفعين بشجاعة على الجبهات، المستعدّين دوماً للتضحية في سبيل سيادة لبنان وأمنِه. وسينتصر لبنان مجدّداً على الإرهاب مثلما انتصر في كلّ معاركه». ويُنتظر أن يحوّل انتصار الجيش لبنانَ واحةً أمنيةً مستقرّة، لتنصرفَ الاهتمامات أكثر فأكثر إلى معالجة ملفّ النازحين السوريّين، وكذلك معالجة قضايا اللبنانيين على كلّ المستويات، فضلاً عن تأمين واقعٍ محصّن يتيح إجراءَ الاستحقاق النيابي في موعده بغية إنتاج سلطة جديدة يُفترض أن تفرزها نتائج الانتخابات في الربيع المقبل.

تراجعَت الأحداث السياسية، من سلسلة وموازنة وكهرباء وبواخر، وتقدَّمَت الوقائع الميدانية في السلسلة الشرقية، حيث لا صوت يعلو على صوت المعركة في جرود رأس بعلبك والقاع، إذ تمكَّنَ الجيش اللبناني من السيطرة على مساحة 80 كيلومتراً مربّعاً من أصل 120، مقدِّماً ثلاثة عسكريّين على مذبح الشهادة.

فبغطاءٍ سياسيّ شامل ودعمٍ وطنيّ جامع والتفافٍ شعبي عارم حوله تواصَلت عملية «فجر الحدود» في يومها الثاني وسط دعواتِ اللبنانيين للجيش بتحقيق نصرٍ أكيد على «داعش» ودحرِ خطرِ الإرهاب.

مصدر عسكري

وفيما تميّزَت الأيام الأولى من المعركة بسرعة تقدّمِ الجيش ميدانياً، أكَّد مصدر عسكري لـ«الجمهورية» أنّ «هذا التقدّم السريع حصَل نتيجة عوامل عدّة، أبرزُها:

• أوّلاً، التحضير الذي تمَّ على مدى الأشهر الماضية، ووضعُ خطة مدروسة، حيث لم يتأثّر الجيش بالضغط الذي حاوَل البعض ممارستَه عليه.

• ثانياً، تصميمُ الجيش قيادةً وضبّاطاً وأفراداً على إنهاء الظاهرة الإرهابية التي هي بمثابة شوكةٍ في خاصرة لبنان.

• ثالثاً، الغطاءُ السياسيّ الداخلي الذي منِح للمؤسسة العسكرية، إضافةً إلى الثقة الدولية بأدائه.

• رابعاً، مفاعيل الدعمِ الأميركي والبريطاني للجيش، حيث إنّ الأسلحة الأميركية «تفعل فِعلها» في الحرب الدائرة، كما أنّ أبراج المراقبة التي بناها البريطانيون ساهمت في كشفِ مواقع الإرهابيين».

وأكّد المصدر «تقهقُرَ قوّةِ «داعش»، حيث إنّ استراتيجية الجيش في ضربِ تحصينات الإرهابيين وشلِّ حركتِهم ساهمت في انهيارهم سريعاً، في حين أنّ سلاح الطيران كان فاعلاً في اليومين الأوّلين من المعركة بمقدار كبير، وسيَستمر الجيش في استعمال كلّ أنواع الأسلحة التي في حوزته».

وفي وقتٍ أكّدت مصادر متابعة لمجريات المعركة «أنّ اليوم سيكون اليومَ الأخير للعملية، حيث ستُعلَن نهاية المعركة، على أن تستمرّ عملية تنظيف المناطق المحرَّرة»، رَفضت مصادر أخرى «تحديدَ سقفٍ زمنيّ لانتهاء العملية»، مشيرةً إلى أنّها قد تنتهي اليوم أو غداً أو بعد فترة، وهذا رهنٌ بتطوّرِ مسار المعركة، وإنهاءِ «داعش».

وزير الدفاع

وقال وزير الدفاع يعقوب الصرّاف لـ«الجمهورية»: «نحن أمام معركة لن يكون فيها الجيش إلّا منتصراً، فهو يخوض معركة تحرير أرضِه من تنظيمٍ إرهابيّ. صحيح أنّ هذه المعركة تسير بوتيرة جيّدة، لكنّ الصحيح أيضاً أنّ المعركة ليست سهلةً وليست نزهة، فعدوُّنا الإرهاب، وعلى مدى سنوات احتلّ جزءاً عزيزاً من أرض الوطن، وطبيعةُ الأرض قاسية وصعبة، لكنّ جيشَنا مستعدّ للتحرير، وهو انطلقَ في معركته متسلّحاً بعقيدةِ الجيش المؤمن بأرضه ووطنه وبالتفافِ اللبنانيين حوله، ممّا شكّلَ قوّةَ دعمٍ له».

وأضاف: «هنا أقول إنّ ما يمتلكه الجيش من نقاط القوّة يشير بما لا يَقبل الشكّ إلى أنّنا نسير في اتّجاه نصرٍ مؤكّد، لكنّ هذا الأمر يضعنا أمام مسؤولية أن نتركَ الجيشَ يعمل ويتقدّم من دون إلهائه ووضعِ أطرٍ زمنيةٍ لعمله وإطلاقِ تحليلاتٍ وتوقّعاتٍ واستنتاجات حول المعركة».

اتصالات

وفي السياق، كشفَت مصادر واسعة الاطّلاع قبَيل منتصف ليل أمس لـ«الجمهورية» أنّ الاتّصالات الجارية بين بيروت وبعض العواصم الإقليمية عبر مراجع أمنية، والتي يمثّل فيها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم لبنان، تناوَلت إمكانَ التوصّل إلى وقفٍ للنار بين «داعش» والجيش اللبناني.

وقالت هذه المصادر إنّ الردَّ اللبناني كان واضحاً وصريحاً عندما أكّد أنّه لا يرفض وقفاً للنار في المطلق، ولكنّ مفتاح الباب إلى مِثل هذه المفاوضات واحد، وهو يَكمن في إعطاء معلومات دقيقة عن مصير العسكريّين اللبنانيين المخطوفين لدى «داعش»، بعدما تبيَّنَ أنّ إفادات أسرى «داعش» السبت حول وجودِهم في مكانٍ ما مِن جرود عرسال لم تكن صحيحة.

وكان ابراهيم قد اكد أن «لا وجود في الأساس لمغارة في عرسال، لتكونَ مغارةً خالية»، مشيراً إلى أنّ «مهمّة الأمن العام في عرسال سارية إلى الآن»، ومشدّداً على «قدسيّةِ الملف»، داعياً إلى «إبقائه بعيداً عن الإعلام و»السكوبات» الصحافية».

الوضع الميداني

ميدانيّاً، سارت المعركة، حسب قيادة الجيش أمس، على محورَين، وسيطر الجيش على مناطق: مرتفع ضليل أم الجماعة (1605) - ضهور وادي التينة (1551) - قراني مقيال فرح (1575) - جبل وادي الخشن - قرنة حقاب الحمام - قراني العقاب (1563)، ما جَعله يسيطر بالنار على أقسام واسعة من المناطق المحاذية للحدود اللبنانية ـ السورية.

وبذلك بلغت المساحة المحرّرة منذ بدءِ معركة «فجر الجرود» والعمليات التمهيدية التي سبقَتها نحو 80 كيلومتراً مربّعاً من أصل 120 كيلومتراً مربّعاً. وجدَّدت قيادة الجيش تأكيدَها أن «لا تنسيق مع «حزب الله» أو الجيش السوري».
وقد أستشهد خلال العمليات العسكرية ثلاثة عسكريين وأصيبَ رابعٌ بجروح بالغة نتيجة انفجار لغمٍ أرضيّ بآليّة عسكرية.

وفي هذه الأثناء تفقَّدَ قائد الجيش العماد جوزف عون أمس، الوحدات العسكرية التي تُواصِل تنفيذ عملية «فجر الجرود» في مناطق رأس بعلبك والقاع.

من جهته، تفقّد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الجرحى العسكريّين واطّلع على أوضاعهم واطمأنّ إلى صحّتهم.

برّي

بدوره، نوَّه رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره أمس بعملية «فجر الجرود»، وقال: «إنّ الجيش يقوم بعمل بطوليّ ووطنيّ، ويحقّق إنجازاً كبيراً، خصوصاً أنّه يقاتل إرهابيين يخوضون معركة حياةٍ أو موت، وينتصر فيها».

المرّ

في غضون ذلك، تَواصَل إطلاقُ المواقفِ الوطنية الجامعة التي تؤيّد الجيشَ في معركته، وفي هذا المجال نوَّه رئيس مؤسّسة الإنتربول، نائبُ رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والداخلية السابق الياس المر، بعملية «فجر الجرود»، وقال في بيانٍ: «أمّا وقد أطلقَت قيادةُ الجيش عمليتَها الشجاعة ضدّ الإرهابيين في الجرود اللبنانية، فلا بدّ من أن نؤكّد دعمنا المطلق للجيش والوقوفَ إلى جانبه في معركةٍ مزدوجة دفاعاً عن سيادة لبنان ومكافحة الإرهاب الذي لا يُهدّد أمنَ لبنان فحسب وإنّما يهدّد الأمنَ العالمي.

وأنا على ثقةٍ تامّة، خصوصاً وأنّني عشتُ مع الجيش نحو 8 سنوات كوزيرٍ للدفاع، بأنّ النصر آتٍ على أيدي أبطال الجيش المندفعين بشجاعة على الجبهات، المستعدّين دوماً للتضحية في سبيل سيادة لبنان وأمنِه. وسينتصر لبنان مجدّداً على الإرهاب مثلما انتصَر في كلّ معاركه».

جلسة مناقشة

على صعيدٍ آخر، أكّد بري أنّ موعد جلسة الثلاثاء والأربعاء قائمٌ، وسيتمّ خلالها مناقشة الحكومة، وبعد انتهاء النقاش يمكن أن تتحوّلَ الجلسة تشريعية.

وعُلِم أنّ الجلسة ستبدأ بتلاوةِ رئيس الحكومة سعد الحريري بياناً يتحدّث فيه عمّا أنجزَته الحكومة سياسياً واقتصادياً وخدماتياً إنطلاقاً ممّا ورَد في بيانها الوزاري. ولم تستبعِد مصادر نيابية أن تقتصر الجلسة على يومٍ واحد وقد لا تتحوّلُ تشريعيةً في حال صحَّت المعلومات التي تتحدّث عن احتمال دعوةِ مجلس الوزراء إلى جلسةٍ قبل ظهر الأربعاء، سواء أكان في بعبدا أو في المقرّ الصيفي للرئاسة في بيت الدين.

وفي ضوء بيان رئيس الحكومة ستنطلق المناقشات التي قد يستغلّها النوّاب والكتل للإدلاء بمداخلات انتخابية يتوخّون منها كسبَ ودِّ الناخبين، خصوصاً أنّ البلاد تقفُ على أبواب الانتخابات المقرّرة في أيار المقبل.

 

 

اللواء :

لا صوت يعلو على صوت معركة «فجر الجرود» التي أطلقها الجيش اللبناني فجر السبت، لتحرير جرود رأس بعلبك والقاع من مسلحي تنظيم «داعش» الارهابي، ولا حديث الآن في أي شيء، الا في ضرورة تحقيق الانتصار، وفي توفير كل مقومات المعركة، سياسيا واقتصاديا وشعبيا للوصول إلى هذا الهدف، بعد ان بدأ الجيش بدفع ثمنه الغالي من دماء شهدائه وجرحاه، يعضده إجماع لبناني رسمي وشعبي وسياسي قل نظيره.

سيادة الدولة غالية، وكذلك تحرير الأرض من مغتصبيها الارهابيين، وبينهما هدف آخر لا يقل أهمية وهو كشف مصير العسكريين التسعة الذين اختطفهم تنظيم «داعش» في معركة 14 آب 2014، ودون كل هذه الأهداف تهون كل التضحيات، وهو ما حدده قائد الجيش العماد جوزيف عون عند انطلاق العملية، عندما أعلن انها «باسم لبنان والعسكريين المختطفين ودماء الشهداء الابرار وباسم ابطال الجيش اللبناني العظيم».

ولانه القائد الذي لا يكتفي بالتخطيط ورسم الاستراتيجية والاشراف على العمليات من مكتبه، حرص العماد عون على ان ينتقل إلى ميدان المعارك في يومها الثاني حيث تفقد الوحدات العسكرية التي تواصل تنفيذ عملية «فجر الجرود» في مناطق رأس بعلبك والقاع، وزار غرفة عمليات الجبهة واطلع من قائدها وقادة الوحدات على سير العمليات العسكرية، ثم جال في المراكز التي تمّ تحريرها والتقى الضباط والعسكريين واطلع على أوضاعهم وحاجاتهم وزودهم بالتوجيهات اللازمة متمنياً الشفاء لرفاقهم الجرحى.

ميدانياً، يبدو واضحا ان الجيش ينفذ خطة عسكرية محكمة للاطباق على مسلحي «داعش» عبر فكي كماشة، بعدما نجح في ربط جرود عرسال وبجرود رأس بعلبك والقاع، فيما «حزب الله» ومعه الجيش السوري يندفع من الغرب في القلمون الغربي، باتجاه الحدود الشرقية، في عملية مماثلة أطلق عليها اسم: «ان عدتم عدنا»، لحصر «داعش» في منطقة وسطى، لكن من دون تنسيق بين الحزب والجيش، بحسب ما أكّد مدير التوجيه في قيادة الجيش العميد علي قانصو، وأن كان سير المعارك في مرحلة معينة تقتضي نوعاً من التنسيق الميداني والاتصالات، سيما بعد وصول الجيش السوري إلى مناطق التماس الحدودية مع الجيش اللبناني.

وبحسب بيان مديرية التوجيه في القيادة، فإن وحدات الجيش واصلت أمس، ولليوم الثاني على التوالي من عملية «فجر الجرود» هجومها ضد ما تبقى من مراكز تنظيم «داعش» على محوري سهلات خربة داود وضهور وادي التينة، وتمكنت من السيطرة على ستة مرتفعات وتلال ما جعلها تسيطر بالنار على أقسام واسعة من المناطق المحاذية للحدود اللبنانية – السورية.

وأعلنت ان المساحة التي حررها الجيش بلغت حوالى 30 كيلومتراً مربعاً، وبذلك تصبح المساحة المحررة منذ بدء معركة «فجر الجرود» وعمليات تضييق الطوق العسكري نحو 80 كيلومتراً مربعاً من أصل 120 كيلومتراً مربعاً.

وقد أستشهد خلال العمليات العسكرية ثلاثة عسكريين من الجيش وأصيب عسكري رابع بجروح بليغة نتيجة إنفجار لغم أرضي بآلية عسكرية في جرود عرسال، كما أصيب عسكريان اثنان بجروح غير خطرة أثناء الاشتباكات، فيما أسفرت هذه العمليات عن مقتل نحو 15 إرهابياً وتدمير 12 مركزاً تابعاً لهم تحتوي على مغاور وأنفاق وخنادق اتصال وتحصينات وأسلحة مختلفة.

كما تمكّنت قوّة من الجيش من تفجير سيارة ودرّاجة نارية مفخختين تقلّان انتحاريين على طريق وادي حورتة ومراح الدوار في جرود رأس بعلبك، في أثناء محاولتهم استهداف عناصر الجيش، من دون وقوع أيّ إصابات في صفوف العسكريين.

اما الهجوم الشامل الذي بدأه الجيش فجر السبت، فقد تمّ على محاور تلة الحمرا – حقاب خزعل – حرف الجرش، وتمكنت من السيطرة على مجموعة تلال ومرتفعات ما جعله يسيطر بالنار على مسالك التحرك وخطوط الإمداد اللوجستية لـلتنظيم في كامل بقعة القتال، وبلغت المساحة التي حررها الجيش بتاريخ السبت حوالى 30 كلم2 أي ما يعادل 25% من مساحة إنتشار التنظيم المذكور.

وقد أسفرت عمليات الجيش في يومها الاول عن دحر المجموعات الإرهابية ومقتل نحو 20 إرهابياً وتدمير 11 مركزاً تابعاً لهم تحتوي على مغاور وأنفاق وخنادق اتصال وتحصينات وأسلحة مختلفة، فيما أصيب عشرة عسكريين بجروح مختلفة، إصابة أحدهم حرجة.

واعلنت القيادة أن وحدات الجيش تواصل تقدّمها السريع تحت دعم ناري مكثف من المدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ والطائرات، فيما سجلت حالات انهيار وفرار كبيرة في صفوف الإرهابيين.

احتضان شعبي ورسمي

سياسياً، كان اللافت للانتباه، هو هذا الاحتضان الرسمي والسياسي والشعبي الجامع لعملية الجيش، وبرز هذا التضامن من خلال إجماع لبناني كبير في المواقف التي عبر عنها سياسيون ورسميون وشعبيون، في مقدمهم الرئيس سعد الحريري الذي عبر في تغريدة له عبر «تويتر» بسبب وجوده خارج لبنان عن «مواكبته العملية بكل اشكال الدعم والتأييد لطرد فلول الإرهاب من الأراضي اللبنانية، متوجهاً «بالتحية إلى قيادة الجيش وإلى الضباط والجنود البواسل الذين يخوضون معركة الدفاع عن سلامة لبنان وابنائه».

اما الرئيس ميشال عون، فقد انتقل عند الخامسة والنصف من صباح السبت، وفور تبلغه بانطلاق عملية «فجر الجرود» إلى غرفة العمليات المركزية في قيادة الجيش في اليرزة، واطلع من قائد الجيش وكبار الضباط على سير العملية كما واكب بالصورة المباشرة والنقل الحي، مراحل التقدم الذي تحققه الوحدات العسكرية ميدانياً في مواجهتها مع الارهابيين.

وخلال وجوده في غرفة العمليات، اجرى عون اتصالا مباشرا مع قائد القوى العسكرية لعملية «فجر الجرود» متمنيا التوفيق للعسكريين في مهمتهم الوطنية ومؤكدا وقوف جميع اللبنانيين الى جانبهم. وقال خلال الاتصال: «انا معكم، اتابعكم من غرفة العمليات، عقلنا وقلبنا معكم. احييكم ولبنان باسره يتطلع اليكم، وينتظر منكم تحقيق الانتصار. احيي كل عسكري يقاتل معكم وانا على ثقة ان امال اللبنانيين لن تخيب. كل شيء يجري حتى الان في شكل جيد، وان شاء الله تستمر معركتنا من دون خسائر مهما كانت الظروف. يعطيكم العافية وسنبقى معكم طوال الوقت».

وتفقد الرئيس عون امس، في اليوم الثاني للعملية، الجرحى العسكريين الذين اصيبوا في العملية، واطلع على اوضاعهم واطمأن الى صحتهم واستمع منهم الى ظروف اصابتهم، معرباً عن تمنياته للجرحى بالشفاء العاجل، محييا تضحياتهم ومقدرا استشهاد رفاق لهم في سبيل تحرير الاراضي اللبنانية الحدودية من الارهابيين.

وعبر كثير من السياسيين عن قناعاتهم بأن الجيش اللبناني سيخرج منتصراً من هذه المعركة لقادته. وانه سيرفع علم السيادة بأسرع وقت، بحسب الرئيس السابق ميشال سليمان الذي لاحظ أن توقيت المعركة هو التوقيت المناسب بعد أن تقهقر تنظيم «داعش» في مختلف البلدان والمدن التي سيطر عليها تنظيم «داعش» منذ العام 2014، في إشارة إلى انطلاق معركة تحرير «تلعفر» في العراق والرقة في سوريا والقلمون الغربي.

وإذا كانت قيادة الجيش، رفضت تحديد موعد لانتهاء العملية، تاركة ذلك إلى ظروفها الصعبة، فإن مصادر مطلعة توقعت ان لا تستمر طويلاً، خصوصاً وأن «تنظيم الدولة الاسلامية» بدأ يُعاني تضعضع صفوفه، سواء على الجبهة اللبنانية أو الجبهة السورية، بدليل حالات الفرار والاستسلام لعناصره، ما دفعه بحسب معلومات محطة «الميادين» إلى طلب وقف إطلاق النار، لكن الجيش رفض ذلك قبل الكشف عن مصير العسكريين المختطفين.

تزامناً، تعددت روايات حول المهمة التي يقوم بها موكب للأمن العام اللبناني في جرود عرسال، بصبحة عدد من سيّارات الصليب الأحمر، حيث تردّد ان المهمة كانت الكشف عن مغارة تحتوي جثثاً، لكن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم كشف لمحطة NBN ان لا وجود في الأساس لمغارة في عرسال لتكون غارة خالية من الجثث.

وأعلن ان الأمن العام والجيش يقومان بمهمة لها طابع القدسية الوطنية، وطلب من الاعلام عدم الخوض في التحليلات حفاظاً على نجاح المهمة، ومنعاً للتلاعب بعواطف اللبنانيين، واعداً بالإعلان عن نتائج المهمة التي لا تزال سارية إلى الآن فور إنجازها.

مجلس الوزراء وجلسة المناقشة

في غضون ذلك، ينتظر أن يتحدد اليوم، مع موعد الرئيس الحريري من الخارج، مدعو عقد جلسة مجلس الوزراء ومكانها وجدول أعمالها، بعد ان فاجأت دعوة الرئيس نبيه برّي لعقد جلسة مناقشة عامة للحكومة غداً، والأربعاء، رئيس الحكومة الذي كان يميل الي عقد جلسة للحكومة الأربعاء المقبل في قصر بيت الدين المقر الصيفي لرئيس الجمهورية، حيث كان من المقرّر ان يرأس الجلسة الرئيس عون.

وفي حين ذكرت مصادر رسمية متابعة للموضوع ان الموعد النهائي أمام الرئيس عون لتوقيع قانون السلسلة والضرائب هو يوم الأربعاء وانه سيوقع عليهما، فإن جلسة الحكومة ما زالت قائمة «مبدئياً» يوم الأربعاء إلا انه لم يعرف ما إذا ما كانت جلسة المناقشة العامة ستقتصر على يوم واحد هو غداً الثلاثاء.. أم تبقى يومين، بحسب الدعوة وسير المناقشة، وبالتالي يُصار إلى عقد جلسة الحكومة الخميس بدلاً من الأربعاء.

 

 

الاخبار :

لم تكد تمرّ 48 ساعة على العملية العسكرية «المتزامنة» التي ينفذها الجيش اللبناني والجيش السوري وحزب الله ضدّ تنظيم «داعش»، حتى استطاعت القوات المهاجمة تحقيق تقدّم كبير على مختلف محاور الهجوم من الجهتين اللبنانية والسورية، في مقابل انهيار كبير يسود صفوف مقاتلي التنظيم الإرهابي.

وما لا شكّ فيه، أن الهجوم من عدّة محاور، سواء من داخل الأراضي السورية أو من اللبنانية وبشكل متزامن، والنتيجة الحتمية لهذه المعركة الخاسرة، كان العامل الأوّل في تسريع انهيار الإرهابيين وإفقادهم عنصر الدفاع الفعّال، وخصوصاً مع سقوط صورة القتال الشرس التي اشتهر بها «داعش» في السنوات الأخيرة. وبحسب معنيين بسير المعارك على جانبي الحدود، يظهر إرهابيو التنظيم في أضعف صورهم، سواء لجهة تخلّيهم عن مواقعهم بسرعة، وفرارهم أمام تقدّم قوات الجيش السوري والمقاومة والجيش اللبناني، وغياب التنسيق في ما بينهم وظهور خلافات داخلية حول الخيارات المتاحة، فضلاً عن استسلام مجموعات منهم، ولا سيّما تلك التي استسلمت لمقاتلي المقاومة داخل الأراضي السورية، بعد ساعات قليلة من بدء المعارك.


 

 


وفي ظلّ هذا الإنجاز العسكري، الذي لم يكن ليحصل بهذه السرعة وبهذه الكلفة «المقبولة نسبيّاً» من الخسائر البشرية، سواء في صفوف الجيش اللبناني أو في صفوف القوات السورية والمقاومة، لولا تنسيق الحدّ الأدنى والعمل المتزامن والمتكامل على جانبي الحدود، تستمر فئة من السياسيين اللبنانيين بمحاولات تسخير إنجاز الجيش اللبناني العسكري، لمصلحة نظريّة أفضلية سلاح على سلاح، ومن ثمّ التأسيس لاحقاً للقول بعدم جدوى سلاح المقاومة بعد إظهار الجيش اللبناني قدرته في الميدان. وقد ساهم تبادل المعلومات، أمس، في تجنيب الجيش اللبناني وقوع مجموعة منه في شرك عملية انتحارية تستهدف جنوده، وجرى إحباطها وتمكن الجيش من تدمير سيارة ودرّاجة نارية مفخختين، على متنهما انتحاريون، على طريق وادي حورتة ومراح الدوار في جرود رأس بعلبك. إلا أن «المحرّضين» يستمرون في الضغط السياسي والإعلامي لإحراج الجيش، ودفعه إلى القول إنه لا يوجد تنسيق فعلي على الجبهات، مع أن مبدأ التنسيق، في حدّه الأدنى على الأقل، لا يحتاج إلى المعلومات، بل إلى قراءة ولو بعيدة لمجريات المعركة، منذ انطلاقتها بزمن واحد، وحتى اقتسام المحاور والقضم المتوازي للتلال والمرتفعات.
وفي تفاصيل التقدّم الميداني، حفلت الساعات الـ 48 الأخيرة بتقدّم كبير للقوات المهاجمة في عمليتي «إن عدتم عدنا» من الجانب السوري و«فجر الجرود» من الجانب اللبناني.
من الجهة اللبنانية، تقدّمت وحدات الجيش اللبناني على محاور «سهلات خربة داود» و«ضهور وادي التينة»، وتمكّنت من السيطرة على مناطق: مرتفع ضليل أم الجماعة (1605)، ضهور وادي التينة (1551)، قراني مقيال فرح (1575)، جبل وادي الخشن، قرنة حقاب الحمام، قراني العقاب (1563)، ما يمكّن القوات من السيطرة بالنار على أقسام واسعة من المناطق المحاذية للحدود اللبنانية السورية. وبلغت المساحة التي حررها الجيش أمس، حوالى 30 كلم مربعاً، وبالتالي بلغت مساحة السيطرة منذ بدء العمليات حتى ليل أمس، حوالى 80 كلم مربعاً من أصل 120 كلم مربّعاً يحتلها «داعش» من الأراضي اللبنانية. واستشهد أمس ثلاثة عسكريين، وأصيب رابع بجروح بليغة نتيجة انفجار لغم أرضي بآلية عسكرية، فيما أصيب عسكريان اثنان بجروح غير خطرة أثناء الاشتباكات. وتمكّن الجيش من قتل 15 إرهابياً وتدمير 12 مركزاً تابعاً للتنظيم. ويوم السبت، تمكّن الجيش من السيطرة على مناطق «مراح المخيرمة»، «شعاب المخيرمة»، «المرتفع 1564»، «ضهرات حقاب العش»، «سهلات قلد الثعلب»، «وادي خربة الشميس»، «وادي الخشن»، «ضهور المبيّض»، «ضهور وادي التينة»، «جبل المخيرمة»، «شعبات الدرب»، «قلعة الجلادة»، «قرنة الجلادة»، متمكّناً من قتل نحو 20 إرهابياً، فيما أصيب عشرة عسكريين بجروح مختلفة، إصابة أحدهم حرجة. ويستخدم الجيش أسلحة المدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ، فضلاً عن استخدام طائرات الـ«سيسنا» والطوافات المقاتلة والطائرات المسيّرة في استهداف المواقع التي تصعب إصابتها بأسلحة الميدان.


 

 


أمّا من المحور الجنوبي على الجانب السوري، فقد سيطرت القوات السورية والمقاومة على «قرنة شعبة القاضي» و«قرنة مد محبس» و«قرنة تم الزمراني» و«واطيات الزمراني» و«خربة قر علي». وفي المحور الشرقي، بسط المهاجمون سيطرتهم على «دوّار الشقيع»، و«سن ميري الجنوبي» و«جبل سن فيخا» و«مرتفع حرف الموصل»، و«معبر فيخا»، ما منح القوات الإشراف الناري الكامل على «معبر ميرا». وكذلك في المحور الشمالي، حرّرت القوات المهاجمة «شعبة بيت سليم» و«حرف الجفر» و«شعبة الزويتينة الغربية» و«مرتفع شعبة الصهريج»، و«مرتفع شعبة شنشارة». و«قرنة الزويتينة»، المرتفع الذي يُعتبر من أبرز مواقع التنظيم في المنطقة، لإشرافه الناري وتحصيناته المُحكَمة. وترافق التقدّم البرّي مع عشرات الغارات الجويّة العنيفة من قبل سلاح الجو السوري على معظم محاور العمليات ومواقع إرهابيي «داعش» عند معبري مرطبية والروميات في جرود القلمون الغربي. كذلك تمّت السيطرة على ثلاثة معابر، هي: الزمراني، أبو حديج ومعبر ضهر علي. وفي اليوم الأول كذلك، تمت السيطرة على مساحات كبيرة من المحاور الثلاثة، أهمها جبل الموصل الاستراتيجي في جرود البريج، إضافةً إلى ضهر شعاب الحصن، ومنطقة السماقيات والعرقوب، وخربة اسطنبول، وحقاب الرواشنة، وسهلات درويش، وسهلة سيسيان. وبات معبر فيخا بحكم الساقط عسكرياً، بعد السيطرة على موقع الموصل. وفي المحور الجنوبي، استعادت المقاومة والقوات السورية «قرنة الشلوف»، «شعبة المحبس»، «شعبة المغارة»، «حرف وادي الدب» و«شعبة يونس».
ويمكن القول إن التقدّم الذي حصل أمس في «شعبة الزويتينة» و«الزويتينة الغربية»، لا بدّ من أن يوازيه تقدم مماثل للجيش اللبناني إلى منطقة «عقاب الكيف» و«الكهف»، على غرار التقدّم المتوازي الذي حصل في «الحشيشات» من الجهة السورية و«ضهور الخنزير» من الجهة اللبنانية في بداية المعركة. وتشير مصادر معنية لـ«الأخبار» إلى وجود مغاور كبيرة يستخدمها عناصر التنظيم للاختباء والحماية في «عقاب الكيف» و«الكهف».
وفيما تستمر المعارك، ومن المتوقّع اليوم أن يستمر تقدّم القوات المتنوّعة على كل المحاور، تزداد حالات الانهيار وسط صفوف الإرهابيين. ويشير وجود ضباط من الأمن العام اللبناني إلى جهدٍ ما يقوم به هؤلاء لتفكيك التنظيم وتسريع انهياره وإقناع مجموعات أخرى بالاستسلام للجيش اللبناني أو السوري أو المقاومة، على غرار المجموعة التي استسلمت للمقاومة، وعلى رأسها المدعو أحمد وحيد العبد، الذي كان يعمل «شرعيّاً» على معبر الزمراني وحوالى خمسين إرهابيّاً مع عائلاتهم. ويستمر العمل مع مجموعات أخرى، بغية الوصول إلى معلومات حول العسكريين اللبنانيين المختطفين لدى التنظيم، ومحاولة إقناع هؤلاء بتسليم أنفسهم حقناً للدماء.
كذلك تمكّنت المقاومة أمس من تفكيك 28 «تشريكة»، هي عبارة عن مجموعة من العبوات والألغام يستخدمها «داعش» كخطّ دفاعي أوّل في بعض البقع. إلّا أن الخبرة التي اكتسبتها مجموعات الهندسة في المقاومة، باتت تمكّنها من التعامل بسهولة مع هذا النوع من الفخاخ، وخصوصاً أن عمل التنظيم في التفخيخ مشابه في مختلف أماكن عمله.