ما زالت مسرحية جرود السلسلة الشرقية لجبال لبنان في المنطقة الحدودية بين لبنان وسوريا من فليطا إلى عرسال تتوالى فصولا
 

ففي الفصل الأول منذ حوالي الأسبوعين تولى الإعلام الحربي لحزب الله عرض مشاهد المعركة عبر كافة وسائل الإعلام من جانب واحد حيث بدأ مجاهدو حزب الله باستخدام مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة مستهدفين مواقع ومراكز وأماكن تجمعات مقاتلي جبهة النصرة الإرهابية محققين إصابات مباشرة وموقعين عشرات القتلى والجرحى في صفوف الجماعات الإرهابية وبدت مؤشرات الغلبة واضحة لحزب الله حيث تمكن مقاتليه من حسم المعركة لصالحهم في فترة زمنية قياسية لا تتعدى الأيام القليلة استطاعوا خلالها من السيطرة على معظم المنطقة التي كانت تهيمن عليها جبهة النصرة ودخلوا إلى المغاور والكهوف ونقاط المراقبة التي كان مقاتلوها يشغلونها كنقاط للتجمع والإستخدام الحياتي والمبيت فيها وكمراكز للانطلاق منها للقتال. 
ونجح حزب الله وبالتنسيق مع مرابض مدفعية الجيش اللبناني المتمركزة على التلال المشرفة على أرض المعركة  ومن خلال إستخدامه لراجمات الصواريخ والمدافع الثقيلة من دحر هؤلاء الإرهابيين وإنزال الهزيمة فيهم وحصرهم في مساحة جغرافية لا تتعدى بضع كيلومترات مربعة. 

إقرأ أيضًا: سوريا ... من الدلفة لتحت المزراب
وحسب المعطيات الميدانية التي كان الإعلام الحربي يروجها فإن حزب الله كان بمقدوره وبكل سهولة القضاء على هذه الجماعات الإرهابية وعلى قيادتها وأميرها الملوثة يديه بدماء العسكريين الأربعة الذين خطفهم مع آخرين في معركة عرسال 2014 والمتورط بتفخيخ السيارات وإرسالها إلى الداخل اللبناني وتفجير بعضها على حواجز للجيش اللبناني وبعضها الآخر إستهدفت أماكن سكنية مأهولة بالمدنيين في عدد من المناطق على الأراضي اللبنانية إلا أنه ولأسباب مريبة وغامضة ولا زالت غير واضحة  وربما لإرتباطها بحسابات إقليمية فإن حزب الله دخل مع جبهة النصرة بمفاوضات برعاية ممثلين عن الدولة اللبنانية أفضت إلى إتفاق تم بموجبه خروج هؤلاء الإرهابيين بأسلحتهم الخفيفة مع عوائلهم إلى منطقة إدلب السورية والإذعان لشروط فرضوها على حزب الله والسلطة اللبنانية وقضت بالإفراج عن بعض الإرهابيين من السجون اللبنانية ومرافقتهم إلى هناك.
الأمر الذي يعتبر في الحسابات العسكرية إنتصارا لهم بخروجهم سالمين مع تنفيذ شروطهم بعد أن كانوا قاب قوسين أو أدنى من معركة القضاء عليهم إلا أن حزب الله تعامل مع هذا الفصل المسرحي الذي قضى بتحرير جرود فليطا وعرسال على أنه إنتصار إلهي أضافه إلى سلسلة إنتصاراته السابقة. 

إقرأ أيضًا: عذرا يا أقصى لك رب يحميك
حتى وإن تم ذلك بالتفاوض مع جماعات تكفيرية كان يدعي في الماضي أنه انخرط في الحروب السورية لقتالهم والقضاء عليهم في ما أطلق عليه بالحرب الإستباقية للحؤول دون تمكينهم من النفاذ إلى داخل لبنان وممارسة نشاطاتهم الإرهابية. 
وبالأمس تم عرض الفصل الثاني وتضمن مشاهد لترحيل 360 مسلحا من تنظيم سرايا أهل الشام التابع للجيش الحر في قافلة باصات بأسلحتهم الخفيفة من مخيمات النازحين السوريين في عرسال باتجاه بلدة الرحيبة السورية في القلمون الشرقي والخاضعة لسيطرة الجيش الحر  وتم ذلك بإشراف ورعاية وتسهيلات وحدات من مقاتلي حزب الله والجيش اللبناني وأنجزت عملية الترحيل بسلام ودون أية عراقيل. 
ولم يعد خافيًا إلا على البسطاء أن ما جرى في الجرود يندرج في إطار فصول من صفقة بين حزب الله والجماعات الإرهابية برعاية إقليمية تتناسب مع حسابات الطرفين وذلك لتغطية خسائر حزب الله وإيران في سوريا وللترويج لإنتصار مزعوم يحتاجه الحزب على الإرهابيين بحجة درأ خطرهم عن اللبنانيين وخصوصا عن المسيحيين بغية جني المزيد من المكاسب على الصعيد اللبناني وفرض هيمنته على الحياة السياسية في البلد.