هل ينفع النقد الذاتي كما عند الشيوعيين أم يكفي الإستغفار كما في الأحزاب الإسلامية؟
 

في جدول أعمال الخلية التنظيمية للرفاق الشيوعيين بند: النّقد الذاتي، وكان على العضو المنخرط في النضال الشيوعي بأبعاده الأممية، أن يُمارس النّقد الذاتي على شخصه وأفكاره وسلوكه ونشاطاته وأفعاله، وقد تصلُ إلى ما يُسرُّ وما يُعلن. وكان العضو (الفقير للّه تعالى) مضطرّاً أن يبوح بما اعتراهُ خلال الوقت الفاصل بين اجتماعين تنظيميّين من نُكوصٍ وأعراضٍ "برجوازية" مُترسّبة، أو تقصيرٍ في خدمة الجماهير الكادحة، أو خيبة بتنسيب رفاقٍ جُدُد للمنظمة الحزبية، ليتولى بعد ذلك أمين سرّ الخلية إبداء الملاحظات، والتي لا تخلو من اللوم والتوبيخ والنُّصح الذي يكفل استمرار النشاط الكفاحي، وقد يُطلب من العضو (بعد أن يبوء بإثمه وخزيه) أن لا يعود إلى ما يُفسد عمل التنظيم، وربما يتسبّب بأضرار قد تُصيب العمال والفلاحين والكسبة وجمهور الكادحين والمُعدمين.

إقرأ أيضًا: السيد مقتدى الصدر والهيمنة الإيرانية على المنطقة العربية
ثانياً: استغفارات رجال الله...
لم يُقيّض لي (ربما من نعم الله تعالى) حضور اجتماعٍ تنظيميٍ لجماعة دينية، كجماعة الإخوان المسلمين المصرية، أو حزب الدعوة العراقي، أو حزب الله والجماعة الإسلامية اللبنانيين، أو (والعياذ بالله) أحد فروع القاعدة أو داعش، أو ما لا يُحصى من جماعات "جهادية"، لكنّي أتخيّل أنّ القائد المُلتحي (كأبي مالك التلّي مثلاً ) أو رجل الدين (لا داعي لذكر أسماء، فهم لا يُحصون ولا يُعدّون ) ، أو من وهب ماله وروحه وعياله في سبيل الدعوة الإسلامية، لا يلجأ أبداً لعملية نقد ذاتي، إذا قصّر أو تخاذل أو عقد صُلحاً لا يُعلي كلمة الله ويخزي 'المنافقين الكفرة"، أو أكل مالاً حراماً، أو هتك عرضاً، أو جنّد أطفالاً ورماهم في ميادين الحروب، وعلّمهم فنون ذبح الآدميّين المُخالفين، كل ما عليه، إذا آنس من ذات نفسه قصوراً ما أو شائبة شُبهة في قولٍ أو عمل، أن يستغفر ربّه ويُوالي الاستغفار، وهو على يقين برحمة الله التي وسعت كلّ شيء، وأنّ ذنوبه مغفورة لحُسن بلائه في ساح الجهاد، وباب التوبة مفتوحٌ في كلّ حين، وله في رسول الله (ص) أسوة حسنة، فقد افتتح صلوات الله عليه خطبة حجّة الوداع بقوله: إنّ الحمد للّه، نحمدُه ونستعينه ونستغفره ونتوبُ إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يُهد الله فلا مُضلّ له، ومن يُضلل فلا هادي له.
وهكذا أيّها الرفاقُ الشيوعيون، تقوم ممالك اليوم بقصورها وزخارفها ، وتُوضع دماءُ المسلمين (أي تذهب هباءً) بكلمات الإستغفار والتوبة، وللّه الأمرُ من قبلُ ومن بعد.