عديدة هي التساؤلات وعلامات الإستفهام التي سبقت ورافقت معارك تحرير جرود عرسال التي تفرد فيها حزب الله مشكورًا، والتي أفضت إلى صفقة التبادل مع جبهة فتح الشام وإبعادهم عن الحدود اللبنانية بسلاحهم الفردي وإرسالهم إلى منطقة إدلب.  
صحيح أن كمًّا كبيرًا من هذه الأسئلة بقيت من دون أي إجابة أو توضيح، بحيث طغى ضجيج الإحتفالات وزغاريد الفرح بعودة الأسرى على أي تساؤل، فلا صوت يعلو فوق صوت أهازيج النصر، ولا مكان لأي سؤال أو استفسار قد يعكر صخب الإحتفاء، فالقرار الآن هو بأن  ننتشي بسكرة الإنتصار فقط. 
إلا أن سؤالًا كبيرًا أيضًا بقي يفرض نفسه واستمر إلى ما بعد عودة الناس إلى  بيوتهم وسكون المحررين في أحضان عائلاتهم ورجوع المنتشين إلى أعمالهم وأشغالهم وهمومهم اليومية، وهو عن السبب الذي أقنع حزب الله بضرورة التوقف عند زعرورة حدود جرود عرسال وإعتبار أن مناطق داعش هي خارج إختصاصه؟! 

إقرأ أيضًا: إجتياح اسرائيلي جديد، بقرار من جبران باسيل ؟
وبشكل أكثر وضوحًا، لماذا لم يكمل حزب الله معركته لتحرير جرود القاع من مقاتلي داعش؟ خاصة أن هذا التنظيم الإرهابي يشكل في الأدبيات اللبنانية والوجدان اللبناني والشيعي بالخصوص التنظيم الأكثر خطرًا وتهديدًا بحسب ضخ الماكينة الإعلامية للحزب على مدار سنوات طويلة! 
فمعظم الجمهور الشيعي يعتبر أن حزب الله في سوريا ذهب بمهمة شبه وحيدة وهي قتال تنظيم داعش الإرهابي المجرم الذي يريد أن يسبي نساءنا ويهتك أعراضنا ويذبح رجالنا في جونية كما في الضاحية والنبطية لو لم يذهب الحزب إلى أقاصي الدنيا لقتاله وحماية لبنان من شره المستطير! وفجأة يتوقف على حدود ولايته الجردية بالتماس مع حدودنا ليخبرنا أن قتال هذا التنظيم في أرضنا وبين ظهرانينا هي مهمة الجيش اللبناني وليست مهمته، وهو حاضر لأي مساعدة إن طُلب منه ! 

إقرأ أيضًا: معركة الجرود،،، إساءة لحزب الله
لا يمكن الإجابة عن هذا السؤال الكبير جدًا من دون لحاظ ما يجري من توافقات بين القوى الكبرى المقرِّرة على الساحة السورية والتقسيمات المناطقية التي يجري توزيعها بين روسيا وأميركا وبينهما تركيا شمالًا وإسرائيل جنوبًا، وعليه فيكون ترسيم حدود النفوذ الجديد على كامل الجغرافيا السورية ومن ضمنها الحدود الغربية مع لبنان، هي مسألة قُررت سلفًا بين اللاعبين الكبار، ليتبين حينئذ ومع مرور الوقت بأن جرود القاع ورأس بعلبك هي من حصة الأميركي ورعايته. 
وعليه فقط يمكن أن نفهم وبدون الاستعانة بما كشف عنه إربك باهون المتحدث بإسم البنتاغون عن وجود قوات خاصة اميركية  داخل الأراضي اللبنانية، ومن هنا فقط يمكن أن نستوعب هذا الاعتراض الخجول الذي أبداه الحزب عن هذا التواجد تحت مسمى دعم الجيش، وكذلك الغياب التام لأي دور روسي بالموضوع لأن المسألة هي أكبر بكثير من مجرد جرود القاع.