لزيارة مقتدي الصدر الى السعوديه دلالات وأهداف وما بعدها عراقيا ليس كما قبلها
 

القسم الأول :

نظرة عامة على أحوال المنطقة

الفتن والمعارك على أشدها في البلاد العربية ( البحرين ، سوريا ، اليمن والعراق) كلها تحت عناوين طائفية مذهبية ، قتال المسلمين فيما بينهم.
الطرفان السني والشيعي يتبادلان التهم ويتراشقان ببيانات الإدانة الصحفية وأبنائهم يتقاتلون على الأرض ، وكلٌ منهما يحيل مسؤولية ما يجري على الآخر .

إيران – مع التنظيمات التابعة لها في العراق ولبنان - والنظام السوري وحركة الاخوان المسلمين – باستثناء الملف السوري- مدعومة من روسيا بمحور ، والسعودية والإمارات والبحرين والأردن ومصر والحركة الوهابية مدعومة من أمريكا بمحور أخر .

طهران الساعية بقوة لتوسعة نفوذها والتمدد غرباً لم تجد أفضل من إلباس سياستها لبوس مذهبي مستخدمة شعارات دينية مثل مواجهة خطر النواصب والدفاع عن المقدسات وكذلك نصرة المظلومين والدفاع عن حقوق الشيعة متخذة من مشروع تكوين منظمات عقائدية مسلحة في كل بلد يتواجد فيه الشيعة بحجم كبير يكون ولائهم لإيران ولزعيم ثورتها ودعم هذه التنظيمات الى أن تصبح أقوى من الحكومة وجيشها الوطني  تصطدم بجدار وطموحات الرياض الساعية لاحتكار زعامة العالمين العربي والإسلامي والتي لا تتوقف عن دفع أموال طائلة لتقويض حكم أي نظام لا يخضع لزعامتها من أشقائها العرب وهذا ما حصل للأن مع أنظمة العراق وليبيا السابقة ويحدث الان مع سوريا وممكن نراه مع قطر .

الوصاية الإيرانية على التشيع

بعد الضربات الموجعة التي تلقتها الحوزات العراقية في النصف الثاني من القرن الماضي على يد الحكم البعثي واغتيال المرجعين والزعيمين الصدرين الكبيرين ، انفردت إيران تماماً بقيادة وتمثيل المذهب الجعفري ، وبظهور مرجعية اية الله السيستاني بعد 2003م استعادت النجف جزء مهم من تأثيرها الديني العالمي والسياسي الداخلي ، مع ذلك عَمَدَت إيران (الحكومة) على الاستمرار بالتفرد بقيادة شيعة العالم وفرض قيمومتها السياسية والثقافية عليهم ، ومن يتمرد على هذه القيمومية ويحاول خلع الوصاية الإيرانية (الحكومية) سيكون مصيره الهتك والاغتيال المعنوي أو حتى أكثر من ذلك ... ، حتى لو كان من أكابر الشخصيات العلمائية والروحية ، ساكناً في إيران أو خارجها .

ببساطة شديدة لا يحق لأي إنسان أثنى عشري على وجه الأرض أن ينشط سياسياً أو اجتماعياً أو دينياً الا بمشاورة المؤسسات الحكومية الإيرانية والتنسيق معها وأخذ الأذن منها ، والا سيصنف على أنه عميل لأمريكا او أسرائيل او السعودية (أخيراً) أو على الأقل هو إنسان بسيط ساذج فاقد للبصيرة لايعرف حجم المؤامرات على المذهب والتي تدركها جيداً القيادة الايرانية الخبيرة والحكيمة ، وسيكون مصير هذا (العميل أو الساذج) حرب شعواء على الأقل سيخسر فيها سمعته ومستقبله – وربما أكثر من ذلك-  هو ومن يساعده او يتعاطف معه  .

متخذة (طهران) لإدامة وصايتها هذه سياسة الترهيب والترغيب ، العصا والجزرة ، المال والجاه لمن يطيع والفقر والتنكيل لمن يرفض ، مغلفة عملها بتهويلات عقائدية دينية تأريخيه في مقدمتها وجوب طاعة الولي الفقيه وممثل إمام الزمان – حتى لو كانت فقاهة وليها محل جدل للان- ووحدة الطائفة في مقابل اعدائهم السنة والوهابية .
وعليه أصبح لزاماً على ابناء الطائفة الإمامية عامة أن يحالفوا من تحالف الجمهورية الإيرانية ويقاطعوا من تقاطع ويحبوا من تحب ويكرهوا من تكره بل ويحاربوا من تحارب .

منطلقات ورؤية السيد الصدر

سماحة السيد مقتدى الصدر الذي يحمل الإرث العظيم لعائلة ال الصدر ، أهم اسرة في تأريخ الإسلام الشيعي ، ينطلق في رؤيته وفهمه لما يجري في الإقليم من منطلقات فكرية اسس لها اباءه واجداده ، والمثبّتة بكون أعداء الإسلام لن يجدوا سلاحاً أمضى من سلاح الخلاف المذهبي لإضعاف المسلمين ، وأن اسرائيل تعيّ ذلك جيداً ، لذلك نفخت كثيراً بالخلاف الإيراني-السعودي محفزة المذهبين السني والشيعي للاقتتال ، وحصلت فعلاً على مبتغاها بإضعاف خصومها وتحويل بوصلتهم بعيداً عنها حتى بات أفراد كلا من المحورين يرى بالأخر العدو الحقيقي ويصرف كل طاقته لإضعافه ، بينما هي تزداد قوة ومنعة .
الحل الوحيد لوقف كل هذه الحروب والفتن والصراعات – بحسب عقيدة السيد الصدر- هي بعدم مذهبة الخلاف السياسي الايراني – السعودي الذي تصر عليه الدولتان والشروع بإيقاف الهجمات الكلامية المتبادلة بينهما كبداية لتهدئة الأمور وترك الشعوب هي من تقرر مصيرها والتي يراها الصدر هي صاحبة الحق دائماً .

وعلى الشعوب والحكومات والعلماء ان تتقارب فيما بينها وتذوّب الحواجز المصطنعة وتترك لغة التكفير والتآمر وتمد الجسور بين بعضها البعض بما ينشر شعور الأمان والأخوة ويقضي على التصورات القبلية بالعداء والكراهة التي لا تخدم الا الثالوث المشؤوم ( امريكا ، بريطانيا واسرائيل).

حيث إن هذا الخلاف لم يجني منه المسلمون الا خراب العراق واليمن وسوريا وتقتيل ابنائهم وتضرر البحرين وهرولة الإيرانيون والسعوديون لأجل الفوز برضى وود الشيطان الأكبر (أمريكا) فحكام طهران وقعوا عقداً عملاقاً مع شركة بوينغ الأمريكية مما دفع أمراء الرياض الى زيادة عروضهم لواشنطن أضعاف مضاعفة عن العقد الإيراني وبشكل مجنون وكأننا امام من يدفع أكثر لكبيرة الشر .

يتبع القسم الثاني 

 فراس محمد