هل نحن بحاجة لاعادة إحياء دائرة الأحصاء المركزي كي تقوم بغربلة الوظائف التي لسنا بحاجة اليها ؟وماذا عن الوظائف الوهمية وهي كثيرة جداً ؟
 

كلنا يتذكر كيف كانت الدولة اللبنانية قبل عام 1975 تاريخ اندلاع الحرب اللبنانية السيئة الذكر، عندما يتقدم أحد المواطنين لوظيفة مدنية أو عسكرية ، كيف كانت الأجهزة تعمد الى التحري عنه فيما لو كان ينتمي الى حزب سياسي فلا يُقبل طلبه . هذا المعيار الذي نرفضه طبعاً من ناحية عدم احترام حرية الفكر والمعتقد لكنه من ناحية اخرى نرى ان المواطن العادي كان له الحظ الأوفر في تولي الوظائف العامة. أما بعد سيطرة الاحزاب السياسية على الحكم بعد انتهاء الحرب، انقلبت الصورة وصارت الوظيفة حكراً على أتباع النافذين في السلطة تُوزع فيما بينهم حسب انتماءاتهم أو حسب طوائفهم فاندمجت الطائفة بالسياسة وصارت الوظيفة حكراً على المحازبين حتى ضمن الطوائف نفسها . ففي كل منطقة من لبنان لا يستطيع مواطن تولي وظيفة مهما كانت درجتها دون رضا وموافقة ولي أمره السياسي والطائفي . وهنا بيت القصيد فالمرجع الاكبر يوظف من يقدم له الخدمات ، ومن يتوظف يحصر معظم خدماته بمن هم قريبون منه ، وبات المواطن العادي رهينة لا يصل الى مركز عام ما لم يعلن ولاءه لأرادة رجال السلطة كل في منطقته الجغرافية او بالتحديد دائرته الانتخابية .
وكلنا يلاحظ ايضاً كيف تتم التعيينات الادارية وخاصة في الفئات الأولى، فكلٌ يرشّح من يواليه وتُقسّم هذه الوظائف حسب مقاييس معقدة، فنرى من يعارض ومن يوافق ومن يتحفّظ، وتأخذ هذه التعيينات أحياناً سنوات حتى يتم إقرارها.. وباختصار نحن لسنا ضد أي موظف يحمل فكرأ سياسياً وهذا حق له ، لكننا ضد من يستغل وظيفته لصالحه الشخصي او السياسي او المذهبي . نحن مع الموظف الكفوء صاحب الضمير الحي الذي يوضع في مكانه المناسب والذي يقدّم مصلحة الوطن على اي مصلحة اخرى . 
ولكي تتنزه الوظيفة العامة يجب تحريرها من ايدي السياسيين ، وتفعيل دور مجلس الخدمة المدنية والتفتيش المركزي والاجهزة القضائية العادلة المطلقة الصلاحية، كما نحن بحاجة لاعادة إحياء دائرة الأحصاء المركزي كي تقوم بغربلة الوظائف التي لسنا بحاجة اليها وهي كثيرة جداً والوظائف الوهمية التي فرضت علينا وبكلمة واحدة العمل الفعلي على تطهير الوظيفة من الرشوة والمصالح الخاصة ومن الفساد بكل انواعه.

 

 

نبيل خطار