مواقف الحريري من معركة جرود عرسال وتغطيته لعملية التفاوض التي أنجزها اللواء عباس ابراهيم هي مواقف مسؤولة حيث مايز الرئيس الحريري بصفته رئيس حكومة عن كونه رئيس تيار سياسي يعارض سياسات حزب الله
 

إنتهت معركة جرود عرسال إلى ما انتهت إليه من تحرير الجرود من الجماعات الارهابية المسلحة والتفاوض على مغادرتها الأراضي اللبنانية، وقد تم الإتفاق وأنجز وغادر أبو مالك التلي وجماعته لبنان إلى الاراضي السورية. 
فرضت المعركة التي خاضها حزب الله إيقاعها على الداخل الشعبي والرسمي فدخلت السلطة لتقود تلك المفاوضات عبر المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الذي أثبت دور السلطة وحضورها السياسي والميداني على الأرض ليدحض بالعمل والفعل أن القرار هو رسمي لبناني وبغطاء من الرئيس الحريري نفسه وهو ما عبّر عنه يوم أمس بعد لقائه اللواء عباس ابراهيم حيث أكد أن الحكومة منحت الغطاء السياسي للتفاوض الذي قاده اللواء ابراهيم وأفضى الى الإتفاق على مغادرة مسلحي النصرة وصولا الى تأكيده أن الدولة حررت أرض عرسال .
وما لفت الانتباه أكثر في كلام رئيس الحكومة بعد لقائه مع اللواء ابراهيم هو أنه اعتبر أن حزب الله أنجز شيئا ما عبر العملية العسكرية التي نفذها، وهو إقرار جديد بمشاركة الحكومة اللبنانية قرار الحرب الذي اتخذه حزب الله ولو بطريقة خجولة، إلا أن هذا الموقف استطاع أن يؤكد الحضور السياسي والميداني للحكومة اللبنانية ومشاركتها عملية حزب الله في جرود عرسال سواء بالغطاء السياسي غير المعلن أو من خلال المؤشرات الكثيرة التي حصلت قبل وخلال وبعد هذه المعركة .

إقرا أيضا: انقسامات في تيار المستقبل بسبب معركة عرسال !!

وبمواقف الرئيس الحريري تلك بدا واضحا أن هذه  المواقف لم يكن باستطاعة الحريري أن يخفيها وأن اللحظة السياسية تفرض نفسها بشكل أو بآخر فإما أن يكون رئيس حكومة أو أن يكون رئيس تيار سياسي وهذا ما يتمايز به الحريري الرجل المسؤول الذي يتماهى مع المصلحة الوطنية والوقائع التي تفرضها التطورات والأحداث التي تمر بها البلاد .
ومن موقف الحريري يوم أمس الذي اعترف به أن حزب الله أنجز شيئا ما في جرود عرسال، إلى تغطيته المباشرة لعملية التفاوض الرسمية التي قادها اللواء عباس ابراهيم والتي شملت التواصل مع الجهات السورية الرسمية وهو بالتأكيد لم  يقم بذلك دون علم وتنسيق مع الحكومة اللبنانية ومع الرئيس الحريري تحديدا وإن هذه العمليّة برمّتها ما كانت لتحدث لولا هذا التنسيق بين الجانبين السّوري واللّبنانيّ خصوصاً لناحية الإفراج عن عناصر النصرة من سجن رومية.
ولذا فإن الكلام السياسي في العلن يختلف تماماً عن الأمور التي تُحكى في الكواليس حيث يؤشر موقف الحريري إلى تمايز كبير عن موقف الرئيس السينورة وكتلة المستقبل التي كانت قد اصدرت الاسبوع الماضي، خلال وجود الحريري في واشنطن، بــيانا حادا ضد حزب الله والمعركة التي خاضها لتحــرير الجرود، ما يطرح مرة أخرى السؤال القديم  الجديد عما إذا كان هناك توزيع أدوار بين الحريري والسنيورة  أم يوجد اختلاف حقيقي بينهما في مقاربة ملف العلاقة بالحزب أم أن الحريري في العلن غير الحريري في السر، وفي كل الحالات فإن الحريري الحريري يحرص بمواقفه هذه على تحييد لبنان من أي ارتدادات سلبية قد تؤثر على حكومته وخصوصا جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد اليوم .