بعد تحرير عرسال من الوجود الارهابي والاستعدادات الجارية في المؤسسة العسكرية لاستكمال التحرير فإن التحدي الأبرز هو بالعمل على استعادة العسكريين الاسرى المحتجزين لدى تنظيم داعش الارهابي
 

طويَت صفحة جرود عرسال بإخراج إرهابيي جبهة النصرة منها، وانتهت تلك الحقبة السوداء التي جثمت على صدر البلد لسنوات، ولم يعد هواء تلك المنطقة كما كان ملوّثاً برائحة القتل والدم والسيارات المفخّخة والأحزمة الناسفة، وبات نظيفاً، وسيصبح أكثرَ نقاوةً مع ارتفاع العَلم اللبناني فوق تلك الجرود وحضورِ الجيش اللبناني على كامل ترابها بين الأهل والأبناء.
ما حدث بالامس يرقى الى مستوى تصحيح الاخطاء والخطايا التي ارتكبت بحق الجغرافيا السياسية والحقائق التاريخية وأهالي عرسال وعلى الحدود بين لبنان وسوريا، منذ عام 2011. 
ومع انطلاق اولى الحافلات متوجهة الى العمق السوري، عاد ابو مالك التلي الى حجمه الطبيعي، بعدما حاول ان يستفيد من حالة انعدام الوزن التي مر فيها لبنان خلال السنوات الماضية كي يبني إمارة وزعامة.
يستعيد الجيش اللبناني زمام المبادرة ويستعد لاستكمال العملية العسكرية في رأس بعلبك والقاع لوضع حدّ نهائي للإرهاب الذي يهدد المناطق اللبنانية كافة، وأمام الإستحقاق فإن التحدي المهم أمام الجيش والمؤسسة العسكرية والحكومة هو استعادة العسكريين الأسرى لدى داعش حيث لا يسع أي لبناني إلاّ أن يتوقّف مجدّداً ومليّاً أمام مأساة هؤلاء العسكريين وأن يُبدي كلّ تعاطف ممكن مع أهاليهم، وأن يدعم من دون تحفظ أي جهد، وكل جهد، من أجل إطلاقهم وإعادتهم سالمين.

إقرا أيضا: تحدي ما بعد المعركة!!

وإن هؤلاء الأسرى الذين مرّت على محنتهم ثلاث سنوات عجاف، يستحقّون من الجهات الرسمية المعنية، اهتماماً استثنائياً من أجل السعي الى تحريرهم، بغضّ النظر عن المزايدات الفارغة، التي لا يجد أصحابها حرجاً في الكيل بمكيالَين. كأن يهلّلوا لعودة أسرى حزب الله بعد مفاوضات مع جهة موصوفة بأنّها إرهابية، ويعتبرون ذلك إنجازاً وانتصاراً.. لكنّهم يحذّرون، ويرفضون السعي نفسه الخاص بالعسكريين الأسرى، بحجّة رفض التفاوض مع داعش.
دول كبرى وصغرى، بدءاً بالولايات المتحدة، لم تتردد في فعل كل شيء ممكن من أجل إسترجاع رهائن أو مخطوفين، لدى جماعات إرهابية، واعتبرت ذلك أمراً حتمياً من أجل الحفاظ على حياة مواطنيها وردّهم الى بلادهم وعائلاتهم من دون أن يعني ذلك انتقاصاً من سيادتها أو كرامتها أو مواقفها المبدئية المضادة للإرهاب والتطرف.
والدولة اللبنانية، في تالي الأمر، لا يجب أن تكون مختلفة في هذا الشأن بل العكس هو المطلوب خصوصاً أن الأسرى هم من أبناء المؤسسة العسكرية التي دفعت أنقى الدماء وأغلى الأرواح دفاعاً عن لبنان واللبنانيين.
إن استعادة هؤلاء الأسرى، الأبطال البواسل، هي مهمة إنسانية وطنية كبرى، بل أوجب الواجبات وأولى الأولويات.