على رغم الحماوة العسكرية في جرود السلسلة الشرقية، إلّا أنّ ملف سلسلة الرتب والرواتب ما زال يأخذ حيّزاً كبيراً من النقاشات الداخلية، خصوصاً بعد إرتفاع الأصوات المطالِبة بإعادة النظر فيه.
 

وفي السياق، علمت «الجمهورية» أنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سيدرس قانون الضرائب المرافق لسلسلة الرتب والرواتب، لكنه لن يوقّعَه ليصبح نافذاً، بل يتجه لردّه الى مجلس النواب لإعادة درسِه مجدّداً.

أمّا أبرز النقاط التي يطالب رئيس الجمهورية بإعادة النظر فيها، فهي مسألة فرض الضرائب، حيث يصرّ عون على عدم تحميل المواطنين تداعيات السلسلة، لذلك سيدعو النواب الى «دوزنة» هذا الأمر لأنّ الوضع الإقتصادي لا يتحمّل مزيداً من التدهور، في حين انه لن يردّ قانون السلسلة الى المجلس.

ولم يغِب الهمّ الإقتصادي وتداعيات السلسلة عن لقاءات عون أمس، فقد حضر بشكل قويّ خلال إستقباله وفدَ المدارس الكاثوليكية برئاسة رئيس اللجنة الأسقفية للمدارس الكاثوليكية المطران حنا رحمه، حيث أعلم الوفدُ الرئيس أنّ المدارسَ الكاثوليكية مقبلةٌ على كارثة في حال إستمرّت الدولة في فرض السلسلة على قطاع التعليم الخاص.

وعلى رغم الإيجابية التي أبداها رئيس الجمهورية، لكنّ محصّلة اللقاء كانت عدم وجود أمل كبير في إعفاء المدارس الخاصة من تداعيات السلسلة إلّا إذا طار القانون نهائياً بعد ردّه الى مجلس النواب.

لذلك، تؤكد المعلومات أنّ المدارس الخاصة ذاهبةٌ نحو الطعن في المشروع، وقد بدأت تحضّر ملفَّها، وأبرز النقاط التي ستستند اليها هي عدم إجبارها على تطبيق إجراء لا ترغب به ويخصّ القطاع العام، لأنه سيؤدّي الى إنهيارها وإقفال العدد الأكبر منها.

وعلمت «الجمهورية» أنّ دعوة وُجّهت الى المطارنة الكاثوليك والرؤساء العامين وأصحاب المدارس الكاثوليكية لإجتماع يعقد يوم الإثنين المقبل في الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية من اجل درس الخطوات التصعيدية والذهاب نحو المواجهة المفتوحة.

وفي وقت لا يمكن فصل تداعيات ملف السلسلة عن وضع المالية العامة، أثار كلام عون أمام وفد المدارس الريبة، حيث يكشف المطران رحمة لـ«الجمهورية» أنّ «عون قال إنّ الوضع الإقتصادي في لبنان سيّئ، وبات يشبه وضع اليونان»، موضحاً أنّ «رئيس الجمهورية طلب دراسة أُعدّت سابقاً وأعلم الوفد أنّ الدين العام تخطى المعقول، وندفع كل سنة نحو 7 مليارات دولار خدمة دين، وبالتالي فإنّ الأمر يتطلب معالجةً سريعة وإلّا سنصل الى الإنهيار، فأنا أحاول أن أوقف مزاريبَ الهدر والفساد لكنّ الأمر يحتاج وقتاً لأنني ورثتُ تِركةً صعبةً من سوء إدارة الإقتصاد إضافة الى الفساد والدين العام».

ويضيف رحمة: «عندها قلت للرئيس، لماذا إذاً أقرّيتم السلسلة، وماذا سيحلّ بالمؤسسات؟ فالإنهيار سيتسارع. وعرضنا عليه عدداً من الحلول، وقلنا له: إذا صرفتم موازنة التعليم الرسمي على المدارس الخاصة، فإننا قادرون على تعليم جميع تلامذة لبنان مجاناً وبالمستوى نفسه، ونحن نقدّم الرهبان والمباني والخبرات مجاناً ولا نريد مقابلاً، عندها إستغرب الرئيس قدرتنا على هذا الأمر بالكلفة ذاتها بعدما تحدّثنا عن الهدر والفساد الذي يواكب القطاعات العامة، خصوصاً أنّ موازنة التعليم الرسمي ليست بقليلة».

بعد انتهاء اللقاء بين عون ووفد المدارس، إتصل رحمة بالبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لوضعه في أجوائه، خصوصاً أنّ تداعيات ملف سلسلة الرتب والرواتب لم تنتهِ، ورئيس الجمهورية سيقوم بما هو مقتنع به من حيث الضرائب وليس من حيث تداعيات السلسلة على التعليم الخاص، لكنّ الخطوات الأساسية ستصبح في يد الكتل النيابية التي ينتظر الجميع ماذا ستفعل، وأيّ سيناريو سيكون أمام جلساتها المرتقبة، خصوصاً انّه لا يمكن السير في السلسلة من دون تمويل الإيرادات.

في المحصّلة، لم تكن الرسائلُ التحذيريّة التي أطلقها رئيس الجمهورية بقليلة، خصوصاً أنّ الإقتصاد هو أساس بقاء البلد، وإذا إتّجه الوضع اللبناني الى ما يشبه اليونان فسيواجه لبنان الكارثة مضاعفة، فالمؤتمرات الخارجية على شاكلة مؤتمرات باريس تُعتبر مسكّناً فيما الأزمة وطنية بامتياز، وتلامس حدودَ بقاء الكيان.