لا تدري هل هو اعتزال ام زهد، ام شعور بأنه لم يعد يوجد ما يفترض تحقيقه. يعلن نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري انه لن يترشح للانتخابات النيابية المقبلة، مبيّناً انّ لديه قناعة في ان لا دور لكل الشخصيات السياسية في لبنان بعدما اقتصرت الحياة السياسية على 4-5 اشخاص في البلد، ويشدّد على انه لن يوقف خدمة الناس.
 

يوضح مكاري انه منذ 9 سنوات اعلن عدم ترشّحه، الّا انّ التمديد أخّر الاعتزال السياسي، ويشير الى انه قسّم حياته الى 4 اجزاء، اول جزء في المدرسة، والجزء الثاني كان للعمل، والثالث للحياة السياسية وخدمة الناس، والجزء الاخير هو «لنفسي كي أرتاح».

وحول التشكيلات الدبلوماسية، يؤكد انّ رئيس الحكومة سعد الحريري خذله فيها، وهي «القشة التي قصمت ظهر البعير» في العلاقة، معتبراً انّ «هناك تهميشاً للأرثوذكس منذ عام 2000 في معظم الفئات الاساسية في البلد، مع العلم اننا رابع طائفة في البلد ولدينا 11 في المئة من حصص الوظائف في الدولة، ولكنّ الوظائف فئات ونحن لم يعد لدينا ايّ مركز رئيسي».

ويلفت مكاري الى انه «لا يوجد أحادية او ثنائية ارثوذكسية كما في باقي الطوائف، بل هناك تفاهم بين عدد من الشخصيات. وقد حاولنا جمع الشخصيات في الطائفة ولم ننجح في ذلك، والوزراء الارثوذكس حاليّاً لا رأي منفصلاً لهم بعيدا عن المرجعيات التي يتبعون لها، كما انه في التعيينات الاخيرة العسكرية والدبلوماسية لم يؤخذ بعين الاعتبار حصة الارثوذكس».

و«حول الجهود التي يبذلها العهد لتحصيل حقوق المسيحيين»، يلفت مكاري الى انّ «العهد يحاول ذلك ولكن الظاهر انّ الارثوذكسي ليس من ضمن خطة العهد»، معتبراً انّ الرئيس ميشال عون جاء بعنوان عريض هو اعادة الحق للمسيحيين، وهذا الحق يجب ان يشمل الجميع.

ويشير الى انّ «السلطة التنفيذية مناطة في الدولة بالرئاستين الاولى والثالثة، ورئيس الحكومة هو المسؤول عن التعيينات، ما يعني انه مسؤول عن ضمان حقوق الطوائف وليس فقط الطائفة السنية، وحين اكتشف انّ حق الطائفة الارثوذكسية مهدور كان يجب عليه ان يحفظ هذا الحق، وما عرفته انّ الحريري تَمسّك بطلب النائب وليد جنبلاط حصوله على السفارة اللبنانية في موسكو».

وأوضح انّ «عواصم القرار اكثر من 3 ونحن الطائفة الرابعة، ما يعني انه يحقّ لنا سفارة رئيسية في عواصم القرار. علاقتي مع الحريري على الصعيد الشخصي جيدة ولكن في العمل السياسي كلّ له طريقه وخَطّه».

ويشدّد مكاري على انه لن يشارك في الانتخابات النيابية ترشّحاً وترشيحاً، وسيكون مجرد ناخب.

وحول توجّه قاعدته الشعبية أكد انّ كل الخيارات مفتوحة، وهي بين رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية ورئيس حزب «القوات» سمير جعجع، وسأقترع لقناعتي السياسية والشخصية.

وحول قانون الانتخابات، يوضح انه سهل على الناخب كما انّ النتائج تصدر بسرعة نظراً للتقنيات الحديثة، بينما القانون اصعب على المرشح وعلى من يشكّل اللوائح، معتبراً انه من الممكن ان تكون مصلحة المرشح القوي مع المرشح الضعيف لا مع المرشح القوي الآخر في الدائرة.

ويرى انّ صعوبة النسبية على الناخب هي بسبب حساسية بعض الناخبين تجاه بعض المرشحين الموجودين على اللائحة وهذه هي ضريبة النسبية، متوقعاً الّا يتمّ العمل بهذا القانون لأكثر من دورة واحدة.

ويعتبر مكاري انّ «الفريق الشيعي لا يتأثر بالقانون الانتخابي الجديد، بينما لدى بقية الطوائف سنشهد بعض الخروقات في عدد من المناطق، لأنّ الفريق الشيعي يستطيع توجيه ناخبيه بشكل افضل من غيره، وهذا القانون حَسّن التمثيل بشكل عام ولكن ليس بشكل كامل»، مجدداً التأكيد انّ «المستفيد الاكبر من هذا القانون هو التحالف الشيعي الذي يستطيع ان ينجح معارضين لتيار المستقبل في الطائفة السنية، بالمقابل المستقبل سيخسر الى درجة ما في هذا القانون».

ويرى مكاري انّ الصوت التفضيلي على اساس القضاء أسلم لأنّ الناخب يعرف مرشّحيه، وعلى الصعيد الشخصي أفضل قانون «one man one vote»، ولكنّ الموضة اليوم في البلد هي موضة النسبية التي ستنتج أقطاباً في المجلس النيابي.

ويشير الى انّ الانتخابات لن تغيّر كثيراً في موازين القوى السياسية ولن تؤثر بشكل كبير على الانتخابات الرئاسية المقبلة لأنها تحتاج الى الثلثين، وهذا ما لا يستطيع ايّ فريق تحقيقه في الندوة البرلمانية في الظروف الحالية.

وعند الحديث عن معارك جرود عرسال، يؤكّد نائب رئيس المجلس النيابي ثوابته من حيث رفض تدخّل «حزب الله» في سوريا، مشيراً الى انه لم يقتنع بحجة التدخّل وهي الدفاع عن لبنان، ويرى انّ «وجود «داعش» و«النصرة» في الجرود هو نتاج تدخّل «حزب الله» في المعارك السورية، ولذلك من الجيد ان يقوم «حزب الله» بتطهير الجرود من المجموعات الارهابية وما نتج عن تدخّله في المعارك السورية».

ويعتبر مكاري انّ ما يقوم به الجيش اللبناني هو منتهى الحكمة والشجاعة، وهو يدافع عن الحدود ويصدّ المسلحين ويمنعهم من التوغل في الاراضي اللبنانية، وهذه هي وظيفة الجيش الرئيسية ضد اي مسلّح أجنبي يحاول دخول البلاد. وفي الخلاصة يؤكد مكاري انّ «ايّ مهمة عسكرية داخل الحدود هي من مهمة الجيش، وخارج الحدود لا علاقة لنا بها».

ويوضح مكاري انّ هناك اتفاقاً جيداً بين الافرقاء السياسيين هو تحييد الامور الخلافية وعدم التحدّث بها، مُجَدداً الدعوة الى جلسة حوار لوضع الاستراتيجية الدفاعية للبلد في وجه المخاطر كافة.

وحول النازحين السوريين، يحسم موقفه من منطلق انّ كل الاتفاقات التي تم توقيعها مع سوريا لم تكن من مصلحة لبنان، والتجربة السابقة مع النظام السوري غير مشجّعة للتواصل معه في موضوع النازحين، و«إجمالاً انا ضد رَمي السوريين في المجهول عبر دفعهم للعودة الى سوريا بالقوة»، مشيراً الى انّ «هناك من يؤيّد النظام السوري ويدخل ويخرج يومياً الى سوريا وعليه ان يعود الى بلده، ونحن شاهدنا ذلك وقت الانتخابات الرئاسية السورية، ومن عليهم خطر من النظام يتمّ العمل على إيجاد حلّ لهم مع الامم المتحدة، لأنّ بقاء النازحين بشكل عام، أكانوا موالين أو معارضين، اصبح عبئاً كبيراً على لبنان. واعترف مكاري لـ«التيار الوطني الحر» انه كان الأبعد نظراً في ملف النازحين منذ بداية الازمة.

ويعتبر مكاري انّ الحاكم الفعلي لسوريا هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وانه لولا تدخّل روسيا وايران لم يكن هناك وجود للنظام السوري، مشيراً الى انّ المنطقة ذاهبة الى تقاسم نفوذ، ومتوقعاً ان يخرج لبنان سالماً من هذه الاحداث.

وحول زيارة الحريري الى واشنطن، يلفت الى انّ هناك عدة نتائج ايجابية لزيارة الحريري، وهذه الزيارة لا تقيّم الّا على اساس نتائجها التي تحتاج الى بعض الوقت حتى تظهر، داعياً الى عدم المزايدة على الحريري في موضوع الرد على مواقف الرئيس الاميركي دونالد ترامب، لأنّ «من يعتبر ان الحريري يمكن ان يغيّر نظرة اميركا تجاه «حزب الله» هو واهم، مع العلم انّ كلام ترامب عن «حزب الله» بحضور الحريري مُحرج للأخير، وانّ اي رئيس آخر غير ترامب كان سيراعي ظروف الحريري الداخلية ولا ينطق هذه الاتهامات ضد «حزب الله»، كما انه لم يكن ليستعمل هذه المصطلحات التي استعملها ترامب. ولكن هذه هي شخصية ترامب، والمزايد في الموضوع كمَن يبحث عن إشكال مع الحريري».