أكل الولد التفاحة. الولد هو الفاعل والتفاحة باتت في بطنه. هذه بديهية.

في أوقات الأزمات، أو الحروب، أو موجات تسونامي البروباغندا، وعواصف غسيل الدماغ العملاقة، لا يوجد أكثر ضرورة من التذكير بالبديهيات. بديهيات قد ننساها في لحظات صعبة. كأن ينسى محتجزان في غرفة مقفلة أنّه لا يجوز أن نأكل لحم بعض، بدل أن نتساعد للخروج من الأزمة. أو كأن ينسى شعبٌ ما أنّ الدولة يجب أن تحمي الوطن، وليس الميليشيات.

بديهيّ أن اعتداء مجموعة اجنبية على شعب أو جزء من شعب في دولة أخرى، هو احتلال. هذه بديهية. لا يهمّ الشعار أو السبب ادّعاء حمل تكليف إلهيّ. هذه بديهية.

بديهيّ أنّه في أيّ دولة الجيش هو من يحمي حدود الوطن، وليس ميليشيا تابعة لحزب. فكيف إذا كانت ميليشيا مذهبية تابعة لحزب يأتمر من دولة أخرى. هذه بديهية.

بديهيّ أنّه إذا كتب صحافيٌ مقالاً يدعو إلى قتل كلّ من يخالفه الرأي، على النيابة العامة أن تتحرّك، وأن تستجوبه وأن تحتجزه وأن تسأله عن جرائم الاغتيال التي وقعت بعد تهديدات مشابهة في جريدته. هذه بديهية.

بديهيّ أنّه إذا تضامن طيفٌ واسع من قوى السيادة والاستقلال مع ميليشيا مذهبية تقاتل مجموعات أجنبية في بلادهم، خارج حدود السيادة، فعلى مريدي هذه القوى أن ينتفضوا. هذه بديهية.

بديهيّ أنّه إذا ترك العالم بلداً مثل لبنان تسرح وتمرح فيه ميلشيا بقيادة أجنبية، وتشتري إعلامه وصحافييه وجرائده وتلفزيوناته ومواقعه الإلكترونية، فإنّه مهما تجبّرت هذه الميليشيا وتمادت، لن تجد من يكتب ضدّها. هذه بديهية.

بديهيّ أنّه إذا كان هناك حزب يقتل قيادات سياسية تعارضه، ثم يعقد معها تسويات تحت طائلة القتل في حال عدم إبرام التسوية، فإنّ القيادات المهدّدة بالقتل لن تكون حرّة في قرارها وفي اعتراضها على تحرّكاته وقراراته العسكرية والسياسية. هذه بديهية.

بديهيّ أنّه إذا شتم منشدٌ حزبي نائباً في البرلمان اللبناني ودعا إلى إعدامه في وسط بيروت، أن تتحرّك القوى الأمنية لتوقيف المنشد واستجوابه وأن يبادر القضاء إلى سجنه. هذه بديهية.

بديهيّ أن الوطن يحميه الجيش وأن الحدود تكون تحت سيطرة القوى الأمنية الرسمية. هذه بديهية.

أكل الولدُ التفاحة. إحتلّت ميليشيا مذهبية الجرد. سكت معظم السياسيين. إنتصر منطق الأقوى.

هذه ليست بديهية.

لنعُد إلى البديهيات: أكل الولدُ التفاحة.