تناول مفتش أسلحة الأمم المتحدة السابق في العراق سكوت ريتر قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنهاء برنامج وكالة الاستخبارات المركزية CIA تزويد المعارضة المعتدلة في سوريا بالسلاح، معتبراً أنّ هذه الخطوة ستُبقي الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة، إذ أنّها ستضع مصيره بين يدي شعبه وحلفائه، بعدما حدّد سلفه باراك أوباما تغيير النظام شرطاً مسبقاً لتسوية السياسية
 

وعاد ريتر في تقريره إلى حيثيات انطلاق مهمة وكالة الاستخبارات المركزية هذه، موضحاً أنّها بدأت في ربيع العام 2011 إبان اندلاع الثورة الليبية للإطاحة بمعمر القذافي، حيث تم تدريب الثوار وتسليحهم لإسقاطه.

وتابع ريتر قائلاً إنّ أوباما اتخذ قرار اتطبيق هذا البرنامج في سوريا منذ أيلول العام 2013، بعد الهجوم الكيميائي على الغوطة الشرقية، فبدأت أعمال تدريب مقاتلي المعارضة وتزويدهم بالسلاح عبر قطر والإمارات.

وكشف ريتر أنّ قطر بدأت تغيير مسار الأسلحة التي كانت تُرسل إليها قبل وصولها إلى الثوار في ليبيا إلى تركيا، بعدما بسط هؤلاء سيطرتهم على العاصمة، لافتاً إلى أنّها كانت تُسلَّم إلى مقاتلين معارضين انضووا تحت "لواء الجيش السوري الحر" منذ حزيران العام 2011.

وأشار ريتر إلى أنّ عدداً كبيراً من الأسلحة كان يصل إلى مقاتلين إسلاميين انشقوا عن "الجيش السوري الحر" وانضموا إلى "جبهة النصرة"، فرع "القاعدة" في سوريا، ما يعني أنّ واشنطن كانت تسلّح هذا التنظيم بالإضافة إلى مجموعات إرهابية أخرى، على حدّ قوله.

وأوضح ريتر أنّ تأثير هذا البرنامج بدأ يتجلى بشكل ملحوظ في سوريا بحلول خريف العام 2015، حيث أوشك الجيش السوري على الانهيار، ما استدعى تدخل روسيا العسكري المباشر إلى جانب الأسد، وفقاً لتحليله.

ورأى ريتر أنّ المغامرة الروسية نجحت، فاستعاد الجيش السوري زمام المبادرة في العام 2016، وبسط سيطرته على حلب ملحقاً الهزائم بمقاتلي المعارضة المدعومين أميركياً على الجبهات كافة.

توازياً، أكّد ريتر أنّ قرار ترامب وقف دعم المعارضة يعدّ جزءاً لا يتجزاً من السياسة الأميركية العامة الهادفة إلى السيطرة على أهداف الولايات المتحدة في المنطقة، مشيراً إلى أنّ سياسة تغيير النظام في سوريا التي اعتمدتها واشنطن، والتي شكّل برنامج دعم المعارضة المعتدلة جزءاً كبيراً منها، أدت إلى اندلاع الأزمة الحالية في سوريا والمنطقة.

في هذا الصدد، شدّد ريتر على أنّ سبب الفشل الأميركي يعود إلى عدم وجود قوة معارضة وعلمانية تستحق الدعم في سوريا، متوقعاً أن يستبدل الإسلاميون المتشددون الأسد بـ"ديكاتور أسوأ منه بكثير"، إذا ما أُطيح به.

وشبّه ريتر سياسة تغيير النظام التي اتبعها أوباما بسوريا بسياسة سلفه جورج بوش في العراق التي كبدّت الشعب الأميركي مئات المليارات من الدولار وسفكت دماء عدد كبير من الجنود الأميركيين.

وعليه، رأى ريتر أنّ قرار ترامب التعاون مع روسيا في سبيل القضاء "داعش" يمهّد للعب واشنطن دوراً كبيراً على مستوى بلورة حل سياسي للأزمة السورية، مشدّداً على صعوبة التوصل إليه وعلى نتائجه، وواصفاً قرار إنهاء دعم المعارضة بالحكيم.

 

 

 

( The American Conservative)