محاولات يائسة , بل حتى أحلام شبه مستحيلة التحقق  , للنهوض بلبنان إلى مصاف الدولة الحقيقية التي تشبه الدول الأخرى , هذا الكلام ليس إختراعا للذرة كما يّقال , وإنما يستطيع أي مراقب أن يعرف حجم الكارثة التي حلّت بلبنان , بمجرد مراجعة السلوك السياسي الفوضوي غير المرتبط ببرنامج واضح للنهوض خاصة على المستوى الاقتصادي , حيث وصل العجز إلى 150%  من الناتج المحلي الاجمالي للدولة اللبنانية , بالاضافة إلى حجم الفساد الاداري في كل المؤسسات بدون إستثناء .

هذا المشروع اللبناني قد يكون مستحيلا  , في ظل جعل أبواب الانتماء إلى  الدولة تمر عبر ميليشيات مذهبية وليس فقط عبر الطائفية , هذا يعني أن الطائفة لم تعد هي الاساس في الانتماء الاول , بل أصبحت عنوانا للتلطي , وتحوّلت مصالحها إلى مصالح أفراد ينتمون إليها , فالعنوان الاول للإنتماء هو ميليشوي ضمن الطائفة , ولا يكفي أن تنتمي إلى الطائفة فضلا عن الهوية اللبنانية , حتى تكون مواطنا له حقوقه , وآثار هذا الانحطاط الوطني نراه عند كل محطة من التوظيفات , من أصغر وظيفة إلى أكبرها , ونرى الصراعات الحزبية بعنوان مذهبي مقرف , وكان آخرها الصراع على عميد الجامعة اللبنانية .

لذا لا يمكن بناء دولة جامعة قوية تحفظ نفسها أولا , ومن ثم مواطنيها ثانيا , في هذه الآلية الميليشوية  في الحكم , وكل مَن يحلم بدولة  ومؤسسات قوية , عليه أن يعترف أن هذه الالية لن توصله إلى ما يريد , هذه تزيد التفتيت المؤسساتي وبالتالي إنهيار كل أمل في بناء دولة قوية .