معروف أنه قد مضى على وجود المسلحين والإرهابيين في منطقة جرود عرسال أكثر من ثلاث سنوات، وقد صرح بذلك وزير الداخلية نهاد المشنوق في 28 آب 2014، وطيلة هذه الفترة لم يحرك حزب الله ساكنًا ولم يقم بأي عمل عسكري حقيقي لإنهاء تواجدهم في تلك المنطقة اللبنانية، بل إستمر في معاركه حتى وصل إلى ريف حلب وإلى درعا وصولًا إلى الحدود العراقية وكل ذلك تحت حجة الدفاع عن لبنان!! 
من هنا يكتسب السؤال عن توقيت هذه المعركة وتضخيمها إعلاميًا مشروعيته، لماذا الآن، وما الهدف من تحويل مجموعة قليلة من الإرهابيين المنسيين في الجرود الجرداء وكأنهم الخطر الأعظم في حين أن أهالي عرسال أنفسهم لا يكادون يتلمسون وجودهم بالخصوص مع الإجراءات الأمنية الحمائية المعمول بها من قبل الجيش اللبناني! 

إقرأ أيضًا: جميل السيد ,,, والمسخرة
أعتقد جازمًا بأن هذه الهوبرة الإعلامية التي ترافق الحديث عن معركة "تحرير" الجرود ليست إلا من قبيل البحث عن إنتصار مفتعل يحتاجه الحزب في لحظة التقارب الروسي الأميركي، وتزايد الكلام عن المنطقة الآمنة في الجنوب السوري وطرد العناصر الإيرانية منها بموافقة وتسليم من نظام بشار، الأمر الذي يؤدي إلى تهافت كل التبريرات الإعلامية التي على ضوئها دخل الحزب إلى المعركة السورية (توحيد الجبهات ضد اسرائيل). 
الأمر الثاني الملح في هذه المرحلة، والذي يشكل أولوية الأولويات عند حزب الله هو العقوبات الإقتصادية الأميركية، والوفود اللبنانية الموكلة مساعدته في حل هذه المعضلة، ومن بين هذه الوفود وأهمها هو ذاك الذي سيترأسه خصم حزب الله المفترض سعد الحريري إلى أميركا  في الأيام المقبلة، وفي مقدمة الوفد المرافق حاكم مصرف لبنان وقائد الجيش. 

إقرأ أيضًا: هكذا يُبحث ملف اللاجئين بين لبنان وسوريا ( حوار إفتراضي )
وعليه فإن الحزب معني بتزويد حقيبة الحريري التفاوضية بأوراق دفاعية يستخدمها في واشنطن، وواحدة من أهم هذه الأوراق هي إعتبار أن حزب الله يحارب الإرهاب والإرهابيين، لمعرفة من يعنيهم الأمر بأن هذا العنوان وحده يمكن أن يرن في أذن ترامب والإدارة الأمريكية معه، بالخصوص إذا كانت أصوات الحوار مع ترامب سيترافق مع أصوات القذائف في جرود عرسال حتى ولو كانت أصوات إنفجارات لا يسمعها أبو مالك التلي!