في ظل الجمود الاقتصادي التي تعاني منه القطاعات كافة، والمناشدات المتواصلة من قبل القطاع الخاص لوضع سياسات اقتصادية لتحفيز النمو وتحريك العجلة الاقتصادية، تلقت القطاعات الاقتصادية امس ضربة موجعة تمثلت بسلة ضرائب جديدة، بدل جرعة «الاوكسيجين» التي تطالب بها منذ العام 2012 مع بدء مرحلة التدهور الاقتصادي في لبنان.
 

أقرّ مجلس النواب أمس بنودا ضرائبية تضاف الى البنود التي سبق واقرّها في آذار الماضي من اجل تأمين ايرادات سلسلة الرتب والرواتب.
وفي الوقت الذي كانت تنتظر فيه القطاعات الاقتصادية خطوات تحفيزية تنتشلها من حالة الشلل الاقتصادي التي تمرّ بها منذ 5 سنوات، تلقت أمس ضربة جديدة قد تسلبها آخر ركيزة لها للصمود.

الضريبة على القيمة المضافة

تجاهلت الدولة المطالبات القديمة الجديدة بمكافحة التهرب الضريبي، واقدمت على رفع الضريبة على القيمة المضافة من 10 الى 11 في المئة وضريبة الارباح من 15 الى 17 في المئة، لتزيد بذلك حجم فاتورة التهرب الضريبي، وتساهم في توسيع الاقتصاد غير الشرعي على حساب الاقتصاد الشرعي.

ويرى التجار ان هذه الخطوة ستساعد الشركات غير الشرعية التي تتهرب من دفع الضرائب ولا تملك رقماً مالياً، حيث ستزدهر اعمالها على حساب المؤسسات الشرعية.

كما ان رفع الضريبة على القيمة المضافة سيساهم ايضا في زيادة عدد الشركات الاسمية التي تؤسسها الشركات التجارية بهدف تحقيق رقم اعمال لا يفوق الـ 100 الف دولار والتهرب من دفع الضريبة.

وبما ان الشركات التي لا يتجاوز حجم أعمالها الـ 100 الف دولار معفية من الضريبة، يلجأ العديد من الشركات التجارية الى تأسيس 10 شركات اسمية على سبيل المثال، لا يتخطى حجم مبيعات الواحدة منها الـ100 الف دولار، من اجل التهرب من دفع الضريبة على القيمة المضافة رغم ان مجموع مبيعات الشركات العشرة مجتمعة، يكون قد بلغ حوالي مليون دولار.

الودائع المصرفية

في القطاع المصرفي، فرضت الدولة ضرائب على فوائد وعائدات كافة الحسابات المصرفية وعلى ارباح المصارف بنسبة 7 بالمئة. يؤكد الخبراء ان تلك الضريبة لا تستهدف فقط الطبقة الغنية واصحاب رؤوس الاموال كما يظن معظم المواطنين، بل ان هذه الضريبة ستطال كافة شرائح المجتمع والحسابات المصرفية لكافة المواطنين، خصوصا الذين قبضوا تعويضات واودعوها في المصارف ويعتاشون من فوائد تلك الحسابات.

والاخطر من ذلك فان رفع الضريبة على الودائع المصرفية سيؤثر على التدفقات المالية الى لبنان، والتي تُستخدم من اجل تمويل الدين العام، حيث ان اي تراجع او غياب للتدفقات المالية سيترجم ارتفاعا في اسعار الفوائد على سندات الخزينة.

بطاقات السفر

في القطاع السياحي، أقرّ مجلس النواب زيادة على رسوم بطاقات السفر السياحية، وقد أوضح نقيب اصحاب مكاتب السفر في لبنان جان عبود لـ«الجمهورية» انه تمّت اضافة 10 آلاف ليرة على رسوم الدرجة السياحية لترتفع من 50 الى 60 الف ليرة، ودرجة رجال الاعمال من 75 الف الى 120 ألف ليرة، والدرجة الاولى من 100 الف الى 150 الف ليرة لبنانية، كما ان الرسوم على ركاب الطائرات الخاصة أصبحت 400 الف ليرة للشخص الواحد.

واشار عبود الى ان الرسوم القديمة التي كانت مفروضة على بطاقات السفر كانت تمثل ما بين 15 الى 20 في المئة من قيمة الـpackcage البالغة كلفته 400 - 500 دولار، ومع زيادة الرسوم اليوم سترتفع هذه النسبة 5%، «وسيكون الاثر الاكبر لتلك الزيادة على بطاقات السفر على الدرجات السياحية».

وكشف عبود ان زيادة الرسوم على بطاقات السفر السياحية سيدرّ للدولة ما بين 450 الى 500 مليون دولار سنوياً.

من جهته، قال نقيب المؤسسات البحرية السياحية في لبنان جان بيروتي لـ»الجمهورية»: طالبنا بدعم تذاكر السفر وايجاد آلية لتخفيض الاسعار، حصلنا على مزيد من الضرائب على تذاكر السفر!

واشار الى ان اللبنانيين يقصدون بالآلاف الدول التي تدعم اقتصادها السياحي عبر تسيير رحلات «شارتر» منخفضة التكلفة، بينما نقوم نحن في لبنان برفع الاسعار!

الاملاك البحرية

اما بالنسبة للغرامات المفروضة على الاملاك البحرية العمومية، قال بيروتي: «اننا كنا ننتظر ان تتم معالجة التعديات على الاملاك البحرية العمومية بشكل جذري وليس فرض الغرامات، لأن هذه الطريقة ليست الحلّ لمعالجة تلك الآفة المزمنة».

القطاع العقاري

لم يسلم القطاع العقاري الذي يعاني من الشلل والجمود، من تداعيات سلسلة الرتب والرواتب والضرائب المتصلة بها، حيث كانت حصته فرض رسم على عقود البيع العقارية بنسبة 2 في المئة.

وقد اشار الخبير العقاري رجا مكارم لـ«الجمهورية» الى ان اي اتفاقية او عقد بيع بين طرفين سيخضع اليوم الى رسم بنسبة 2%، مما قد يدفع المشتري الى تفادي هذا الرسم من خلال توقيع عقد بيع ممسوح (بيع وشراء كامل). وبالتالي لن يكون باستطاعة اي طرفين التعاقد عقارياً الى حين اتمام عملية البيع والشراء بالكامل، إلا اذا تم دفع رسم الـ2 في المئة.