شكلت ″مجموعة العشرين″ خلال الهجرة القسرية للرئيس سعد الحريري واحدة من الخلايا الأساسية التي إعتمد عليها الرئيس فؤاد السنيورة في الحفاظ على دينامية ″تيار المستقبل″ من خلال التشاور في إجتماع يُعقد شهريا، حول كل القضايا المتعلقة بالوضع السياسي لـ″التيار″ والخطوات التي يجب إتخاذها للحفاظ على ما تبقى من حضوره ومن شعبيته.

وذلك على غرار خلايا كثيرة أنشأها السنيورة خلال تلك الحقبة، من محامين لمتابعة مسار المحكمة الدولية، ومن مهندسين، وتجار ونقابيين وكوادر شعبية، من أجل مواجهة تداعيات غياب الحريري والحدّ من آثاره السلبية في الشارع.

لا يوجد بين أعضاء ″مجموعة العشرين″ من هو منتسب الى ″تيار المستقبل″، بل هم عبارة عن أصحاب رأي وفكر تربطهم علاقات صداقة مع الرئيس الحريري الذي كان يشاورهم في بعض الأمور، وهم: الرئيس تمام سلام، الرئيس فؤاد السنيورة، المفتي مالك الشعار، عمر مسقاوي، رشيد درباس، نهاد المشنوق، خالد قباني، عاصم سلام، صلاح سلام، محمد بركات، أمين حوري، عمر عصام حوري، محمد السماك، رضوان السيد، فاروق جبر، محمد السعودي، محمد سنو، أحمد الغز، بشار شبارو، إضافة الى شخصية صيداوية من عائلة قبرصلي.

لم يكن كل أعضاء ″مجموعة العشرين″ يحضرون الاجتماعات بشكل متواصل، حتى أن الرئيس تمام سلام والوزير نهاد المشنوق توقفا عن الحضور بعد تشكيل الحكومة السلامية، وكذلك بعض الشخصيات التي كانت تشارك بشكل متقطع قبل أن تتوقف، وتتوقف معها إجتماعات المجموعة بشكل كامل بعد عودة الرئيس الحريري من هجرته القسرية.

لا يختلف إثنان على أن السنيورة لم يكن راضيا عن التنازلات التي قدمها الرئيس الحريري، سواء باختياره ترشيح النائب سليمان فرنجية الى رئاسة الجمهورية، ومن ثم تبني ترشيح العماد ميشال عون، وقد شعر لفترة طويلة بأن ″المياه تسير من تحته″ بسبب وقوفه الدائم بوجه التسويات، وهو ما جعله على خلاف مع وزير الداخلية نهاد المشنوق ومع الدائرة الضيقة للحريري التي كانت تأخذ على عاتقها هندسة التسويات التي كان يرفضها السنيورة جملة وتفصيلا.

من يعرف فؤاد السنيورة يدرك أنه عنيد في مواقفه، لكنه يتماشى بعد ذلك مع الأمر الواقع، وهذا ما حصل بعد إنتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية، لكن السنيورة لم يستسغ لا سيما بعد تشكيل حكومة ″إستعادة الثقة″ الإنضباط الكلي للرئيس الحريري بسقف التسوية، والتي قابلها خروقات عدة من قبل التيار الوطني الحر ولا سيما رئيسه وزير الخارجية جبران باسيل، في وقت كان يستشعر فيه السنيورة خطورة ما يجري على شعبية الحريري في الداخل، وعلى حضوره في الخارج لا سيما في السعودية التي عبرت وما تزال عبر أكثر من طرف عن عدم رضاها على سلوك الحريري تجاه حزب الله والتيار الوطني الحر.

لذلك وجد السنيورة في ″مجموعة العشرين″ ضالته في إمكانية إقناع الحريري في وضع حد لتنازلاته السياسية ولصمته على تجاوزات الأطراف الأخرى، فكان إجتماع ″بيت الوسط″ الذي حضره عدد من أعضاء ″المجموعة”، وشهد عصفا فكريا ونقاشا جديا وحادا، واجهه الحريري (بحسب أحد المشاركين) ″بكثير من المنطق الذي لا يتماشى مع وضع الشارع والانقسام العامودي في البلد″.

تقول المعلومات الاضافية المسربة من ذاك الاجتماع: إن عددا من الشخصيات، أشاروا الى أن التنازلات التي قدمها الحريري قد أصبحت من الماضي وهي شكلت بعض النظر عن الخلاف والاختلاف السياسيين، شبكة أمان للبنان باعادة إنتظام حياته الدستورية بانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة وطنية، لافتين إنتباه الحريري الى أنه لم يعد هناك أية مبررات لتقديم المزيد من التنازلات، أو السير في ركب أي تيار سياسي آخر، بل عليه أن يضبط إيقاع بعض التيارات الأخرى، ويضع حدا للتحريض المتمادي الذي تمارسه قياداتها لأن الاستمرار في هذه الأجواء الطائفية سيؤدي الى ما لا يحمد عقباه.

وتضيف المعلومات: إن بعض الشخصيات أكدوا للحريري أنه إستخدم كثيرا من رصيده السياسي والشعبي، فحمل تيارات سياسية الى مواقع السلطة بخلاف رأي شارعه، وروّج لأخرى في مناطق تشكل لأهلها إستفزازا، وقدم مقاعد نيابية كجوائز ترضية لأحزاب وتيارات، وإنتخب ميشال عون لرئاسة الجمهورية، مؤكدين أن هذا الرصيد بات على وشك الانتهاء، ولم يعد يسمح بصرف المزيد منه، لأن ذلك كفيل بالوقوع في عجز سياسي وشعبي بدأ يلوح في الأفق.

 

سفير الشمال