لقد أصلح العبادي ما أفسده المالكي فهل يحول النصر العسكري إلى نصر سياسي يعطي السنة ما لا يشعرهم بأنهم مغبونين ؟
 

دخل الحشد الشعبي مدينة الموصل مركز دولة الخليفة البغدادي وآخر معاقل تنظيم داعش في العراق دون دلالة على ما خوّف منه المتحالفون الدوليون من إمكانية قيام التنظيم بنسف الجسور والسدود المائية أو من خلال تسميم المياه من ضمن مجموعة خطوات تدميرية وكارثية ممكن أن يقوم بها التنظيم إذا ما شعر بقرب أجله في الموصل بعد أن خسر مدناً كانت جزءًا من دولته المزعومة .
لقد دخل الجيش بواسطة الحشد الشعبي والطائرات الأمريكية إلى الموصل في ظل مواجهة لم تكن كما كان يقال عنها من قبل خبراء عسكريين وإستراتيجيين بأنها أمّ المعارك كون التنظيم سيستشرس للدفاع عن آخر معاقله وخاصة أن قوّة داعش محتشدة في الموصل وقد نبه الخبراء لخطورة ما سيقدم عليه التنظيم من نسف للجسور والسدود المائية وتلويث المياه من ضمن رزمة كارثية كاملة سيدفع به التنظيم في حال إقتراب الجيش العراقي من محافظة الموصل .
لا هذا حصل ولا ذاك وقد مرّ الحشد الشعبي وخلفه الجيش العراقي بعد أن دمرت الآلة الأمريكية مدينة  الموصل من دون أن نشهد ما صنعه الإعلام من أوهام فلا نسف ولا تلويث ولا إستخدام للأسلحة الكيماوية وتبيّن أن التنظيم في الموصل قد مرّ في ممرات آمنة قبيل تسليم المدينة المدمرة فلا القيادات البعثية موجودة جثثاً أو كمعتقلين ولا الخليفة البغدادي في قبضة الحشد أو الجيش أو في يد أميركا الجهة المعنية بمحاكمة كبار الإرهابيين ولا صغار اللحى ميتون أو معتقلون ممن شغلوا مناصب في إدارة دولة الخليفة .

إقرأ أيضا : باسيل يتباكى على النازحين السوريين.. كلُّكم يبكي، فمن سرق المصحف؟
أين ذهب الجميع ؟ سؤال مفتوح على إجابات غير شافية حتى الآن طالما أن العمليات ممسرحة في كثير من مشاهدها وقد يظهر البعض منهم في الدول التي كانت تحارب التنظيم تماماً كما تبيّن ذلك مع تنظيم القاعدة ويبدو أن التفاهمات قد سبقت أيام الدخول إلى الموصل وهذا ما سيضع التنظيم في أجواء المرحلة المقبلة ولكن بأدوار أخرى وبحسابات مختلفة بحسب الأهداف المرسومة من قبل المستفيدين من بقاء التنظيم حيّاً غير ميت .
ها هو العراق يتخلص مجدداً من المستبد الإرهابي بعد أن تخلص من المستبد القومي ولكن دون الإستفادة من الأسباب التي جعلت الإستبداد سلطة مسلطة على رأس العراقيين ويبدو أن حزب الدعوة غير مقتنع حتى الآن بضرورة إجراء مراجعة نقدية لدوره السياسي والسلطوي لإنقاذ ما تبقى من العراق وكذلك حال الأطراف الشيعية الأخرى المعنية في السلطة كما أن إيران ليست في هذا المجال وهذا ما يعني أن تحرير الموصل والإنتهاء من دور داعش لن يغير شيئًا في أوضاع العراق وستبقى الأزمة مفتوحة ما بين السنة والشيعة وستبقى السلطة الممسوكة من قبل الشيعة سبباً كافياً لحدة التوترات الشيعية – الشيعية وهي مدعوة إلى التعبير عن عنف الخلاف بين الأحزاب الشيعية وهذا ما سيتحضر العراق لإستقباله في أقرب وقت .

إقرأ أيضا : داء العصر الأخطر .. سببٌ كل جريمة !!
أسئلة عراقية كثيرة كانت قبل دولة الخلافة وقد تكاثرت ما بعد داعش عن السلطة والأمن والتنمية والوحدة العراقية جغرافياً وبشرياً وهي لا تنتظر إجابات كون الواقع محكوم لصراعات متعددة ستبقي العراق في دوامة دائمة وهي ستطحن ما تبقى من أمل في لمّ العراقيين حول دولة مدنية يتساوى فيها الجميع لأن العراقيين أنفسهم غير مؤمنين بمشروع الدولة العادلة .

إقرأ أيضا : إسرائيل تشكو لبنان لدى الأمم المتحدة!
لقد أصلح العبادي ما أفسده المالكي فهل يحول النصر العسكري إلى نصر سياسي يعطي السنة ما لا يشعرهم بأنهم مغبونين ؟ وبالتالي يضع العراق على سكة التصالح الداخلي ويعطي فرصاً جديدة لعيش ممكن بين مكونات باتت غير قادرة على التعايش مع بعضها البعض بعد أن تمّ غمد السيف المذهبي في رقاب العراقيين لقتلهم بإسم الإله المذهبي والطائفي .
مهمة شاقة وصعبة تنتظر رئيس وزراء العراق في ظل غياب كامل لأي تعاون داخلي أو خارجي معه في هذا المجال إذ أن مصالح الجميع قائمة على شرذمة العراق وتركه فريسة ذئاب جائعة .