التقينا بها على أبواب الشعر والقصيدة حاورناها فوجدنا بين كلماتها همس وروائع الحرف ،وبين النقطة والفاصلة تضع كلمات ممزوجة بألوان ربيع الحب ، هي عاشقة للكلمة ومن خواطرها " لو كان الجنوب رجلا لعشقته جميع الرجال \لكن الجنوب وطن بعطر الكبرياء " إنها كاتبة رقيقة وشفافة إنها رشا مكي وهذا الحوار :  


 1 .نعرف رشا مكي الشاعرة والكاتبة هل يمكننا أن نتعرف على رشا مكي المعلمة العاملة في الحقل التربوي؟ 

التعليم مهنة صعبة لا يبرع فيها إلا من تسلّح بالصبر والتأني  .هو بمثابة التحدي كون الصف عبارة عن مجتمع مصغّر يجمع شخصيات مختلفة وأطباع تنتمي للعديد من الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية والنفسية وبرأيي أن التعليم يُكسب المعلم نوعاً من الذكاء الاجتماعي يجعله قادراً  على التفاعل في أية ظروف كانت .كما أن المعلم هو المربي ولا يمكن أن نفصل التعليم عن التربية لأننا نتعامل مع إنسان وهذا الإنسان بحاجة للرعاية والاحتواء ووجود ثقة واحترام  متبادلين يكونان جسراً بينه وبين المعلم لتتم عملية التعلم بالشكل الصحيح .

 
 2 .  كيف تنظر الكاتبة رشا مكي إلى رسالتها في الشعر والأدب هل من رسالة محددة يمكننا ان نتعرف عليها؟

الكتابة قبل كل شيء حالة إبداعية .هي القدرة على خلق الجمال من العدم والتعبير عما يختلج في الذات من مشاعر .كل نتاج أدبي هو عبارة عن رسالة يوجهها الكاتب أحياناً لجمهور معين وأحياناً للا أحد لكن خير لها أن تكون رسالة إنسانية موجّهة نحو الخير والسلام وزرع ورود المحبة في كل القلوب بغية الوصول لمجتمعات مبنية عل التفاهم وخالية من الأحقاد .والكتابة كما قلت عنها في مقدّمة كتابي " سيدة الخاطر المكسور " :(هكذا تقضي الكتابة على الرتابة ..هكذا تكون الكتابة علاجاً للكآبة ).إذاً فإن الكتابة هي أولاً محاولة لتطهير النفس الإنسانية من أوجاعها وثانياً وسيلةً للإصلاح والتغيير في المجتمع ولنشر الثقافة والعلم ، هذا ان استخدمت بالشكل الصحيح ومن قبل أشخاص مسؤولين.


 3 . كتاب سيدة الخاطر المكسور للكاتبة رشا تمت طباعته في لندن لماذا ،هل هل وجدت مشكلة في الطباعة في لبنان ؟

لبنان بلد الطباعة والنشر ومنارة يقصدها الباحثون عن التميّز .لم أجد مشكلة بالتعامل مع أي دار نشر لبناني ولي صداقات في هذا الوسط  لكن الصدفة شاءت ان أتعامل مع دار الحكمة لندن وهي درا نشر عراقية مقرّها في لندن ،وتلقيت منها الدعم الكامل ، علماً أن الدار تطبع أغلبية إنتاجها في بيروت .
 4 . تكتب رشا مكي القصة والخاطرة من أين تستوحي كتاباتها من الخيال أو الواقع أو الاثنين معا ؟

لم أختر أن أكتب القصة او الخاطرة أو الشعر لأن الفكرة هي التي تختار القالب الذي تسكن فيه والشكل الأدبي الذي تظهر من خلاله .أما بالنسبة للوحي أو الإلهام فإن الكاتب يعيش هذا التناغم بين الواقع والخيال بين ما يعيشه وما يتذكره وما يطمح إليه فهو كإنسان عبارة عن محطات زمنية بين ماضٍ وحاضرٍ ومستقبل .بعض الكتّاب مثلاً يحتاجون لشخصٍ ملهم يتعلّق به كل نتاجهم  وإبداعهم وهم بدونه  لا قدرة لهم على الخلق  ولكن بالنسبة لي من الممكن أن يلهمني شخص حقيقي أو خيالي , أو فكرة أو كلمة أو مشهد أو صورة أو قضية, وأحبّذ الإلهام المتعدد  الذي لا يقيّد الكاتب ولا يؤثر سلباً على إنتاجه الإبداعي وهذا هو الفن الحقيقي.


 5 . ما مدى تأثر كتابات رشا مكي بالحالات الاجتماعية و النفسية التي نعيشها في مجتمعنا اليوم ؟

الكاتب قبل أن يكون كاتباً هو كائن اجتماعي يعيش ضمن مجموعة لذا من الطبيعي أن يتأثر بمحيطه و أن يدافع  عن القضايا التي يؤمن بها من خلال كتابته ونشر معرفته للناس وتوعيتهم وتسليط الضوء على المشاكل التي تحتاج المعالجة كونه يعتبر من ضمن الفئة الأكثر وعياَ .بالنسبة لكتاباتي أستخدمها معظم الوقت لتسليط الضوء على مختلف المناسبات الوطنية والاجتماعية والأحداث المهمة في المجتمع .
 6.   رشا مكي المرأة هل تستطيع مجاراة الرجل في الكتابة و الشعر ؟ هل من مواجهات شعرية مع الرجل؟

الرجل حاضرُ في حياتي ،حاضر في كتاباتي ،له أحياناً دور الحبيب ,دور الملهم ، دور الخصم ,دور الصديق ومن المؤكد أنني أستطيع مجاراة الرجل في الكتابة لأنني دائماً ما أخوض سجالات أدبية مع العديد من الأصدقاء الكتّاب والشعراء ، الأمر الذي يؤكد جمالية التكامل بين الرجل والمرأة في الشعر والأدب وفي الحياة .بعض الشعراء الرجال أكون سعيدة بالحوارات الأدبية معهم لما يتحلّون به من احترام للمرأة وتقدير لقدراتها وكفاءتها ولاعتبارهم إياها نداً لهم.لهؤلاء أجمل تحياتي .
 7 . كتابات الحب و العشق كثيرة في كتابات رشا مكي هل من حالة واقعية للكتابة تنتهجها الكاتبة رشا ؟

الكتابة حالة  من العشق الدائم لا تتوقف عند انسان .أحياناً يلهمني حب حياتي ويكون هو المصدر والوحي لما أنتجه وأحياناً تكون الكتابة تعبيراً عمّا أطمح إليه في الحب .بالنهاية على الجميع أن يعلموا أن الكاتب لا يكتب بالضرورة قصة حياته وإلا انتفى الشق الخيالي لديه .ويبقى الحب من أجمل الدروب المؤدية للإبداع.
 8 . نشهد تطورا ملحوظا في الشعر الحديث هل من صراع بين القديم والجديد على المستوى الشعري والثقافي؟

لا شك أن الشعر القديم يرتكز على قواعد ثابتة وله دور أساسي في كل الانتاجات الأدبية الحاضرة ولكن الأوساط الثقافية الحالية والجمهور العربي يميل للشعر الحديث أكثر ويحتاج للإيجاز في الكلام وللتحرر من قيود الشكل .الجمهور الحالي يعتمد مبدأ خير الكلام ما قلّ ودلّ ولأننا في عصر العولمة تجد  لدى القارئ (وبخاصة القراءة الإلكترونية )نزعة نحو القصائد المختصرة الصغيرة الحجم والعميقة المعنى .ولكل زمن شعراءه لأن الشعر يجاري العصر الذي يعيشه الشاعر وكل المتغيّرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والنفسية لا بد أن تطال الشعر.


 9 . كيف بدأت رشا كتاباتها الاولى هل تتذكر أولى الكلمات ؟

بدأت كتاباتي  منذ طفولتي أي منذ تعلّمت بعض قواعد اللغة ومفاهيمها .في البداية كنت مدمنة مطالعة مما جعل ملامح الكاتبة تتجلّى في شخصيتي وبدأت العمل على تحقيق هذا الحلم .كان أهلي وأصدقائي في المدرسة يحبون الاطلاع على كل ما  أكتبه الأمر الذي جعل من الكتابة لديّ ميزةً أتفرّد بها عن الآخرين ونعمة إلهية لا يملكها الجميع.صار الحلم حقيقة بأسرع مما تخيّلت ولكن كله بالعمل والمثابرة والسعي لتطوير أسلوبي الأدبي .وأنا في حالة بحث دائم عن كل جديد وكل ما يساهم في الارتقاء بالمستوى الأدبي الذي أكتب به.
 10 . رشا مكي الناقدة ماذا تقول عن كتاباتها ؟

أن تكون ناقداً معناه ان تكون ملماَ بمختلف الجوانب الأدبية والنحوية  ولا أعتقد أنني أمتلك مواصفات الناقد كوني لم أتخصص في مجال اللغة العربية وكل ما اكتسبته كان مجهوداً شخصياَ ورغبة حقيقية مني باحتراف اللغة والأدب وما زال ينقصنا الكثير لنكتسبه من بحر اللغة الواسع.أما بالنسبة لرأيي بكتاباتي يمكنني أن أقول أنني سعيدة جداً بالتفاعل الذي يبديه قرّائي وما يهمني أن إحساسي يصل لقلوبهم لأن أجمل لحظة يعيشها الكاتب أن يجد أشخاصاً متلهفين لمتابعة إنتاجه الأدبي .

وفي الختام أشكرك صديقي المبدع مصطفى الشامي على هذا الحوار الذي أحببته وكنت سعيدة بالإجابة عليه كما وأشكر روح الصداقة والتواضع اللذين تمتلكهما ولك أمنياتي بالمزيد من التألق والإبداع .