في ظل التحديّات السياسية والأمنية التي يشهدها لبنان في هذه المرحلة، زادت في هذه الفترة وتيرة الدعم البريطاني – الأميركي للقوى والأجهزة العسكرية والأمنية اللبنانية، ولوحظت كثافة الزيارات التي يقوم بها المسؤولون البريطانيون والأميركيون للبنان واهتمامهم بمتابعة دور لبنان في مواجهة المجموعات المتطرفة، وخصوصاً في منطقة جرود عرسال. فخلال الاسبوع الماضي قام وزير الدولة لشؤون الأمن البريطاني (بن ولاس) بزيارة لبنان، حيث التقى المسؤولين اللبنانيين واطلع عن كثب على المشاريع البريطانية الهادفة الى دعم الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي.

وقد سبقت زيارة المسؤول البريطاني  للبنان سلسلة زيارات قام بها عدد من المسؤولين العسكريين والدبلوماسيين الاميركيين للبنان للاطلاع على أوضاع اللبنانيين، وخصوصاً في منطقة عرسال، وكذلك لمتابعة الجهود اللبنانية في مواجهة المجموعات المتطرفة.

فما هي الأسباب التي تدفع البريطانيين والأميركيين إلى الاهتمام بالأوضاع الأمنية والسياسية في لبنان؟ وما حجم المساعدات التي قُدِّمَت للأجهزة العسكرية والأمنية اللبنانية؟ وكيف يقيّم هؤلاء المسؤولون الأوضاع اللبنانية في هذه المرحلة؟

خلفيات الدعم البريطاني والأميركي

تقول مصادر دبلوماسية مطلعة في بيروت: إن زيادة الاهتمام الدولي عموماً والبريطاني والأميركي بشكل خاص بالأوضاع الأمنية والعسكرية في لبنان ناتج من عدة عوامل ومنها:

أولاً: تصاعد الأزمة السورية وانعكاس هذه الازمة على الاوضاع اللبنانية، ما رتب زيادة المسؤوليات على الجهات اللبنانية في كافة المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية.

ثانياً: الحاجة لضبط الحدود اللبنانية – السورية، وضرورة تقديم المساعدات للجهات اللبنانية في هذا المجال.

ثالثاً: زيادة الدور اللبناني في مكافحة المجموعات المتطرفة والإرهابية وما حققته الأجهزة العسكرية والأمنية من انجازات في هذا المجال.

رابعاً: متابعة ملفات النفط والغاز، والعمل للوصول الى تسوية للأزمة القائمة بين لبنان وإسرائيل حول التنقيب على النفط.

خامساً: تداعيات العقوبات المالية الأميركية على حزب الله ولبنان والقطاع المصرفي اللبناني.

سادساً: الحجم الكبير للاجئين السوريين في لبنان وما يرتب ذلك على لبنان من مهمات كبيرة وحاجة المجتمع الدولي لحماية الاستقرار السياسي والأمني في لبنان. وتضيف المصادر الدبلوماسية: لكل هذه الأسباب ولأن لبنان أصبح ساحة مواجهة امامية في مواجهة الإرهاب والتطرف، ونظراً إلى موقع لبنان الاستراتيجي سواء بالنسبة إلى الوضع السوري أو الإسرائيلي، فقد زاد الاهتمام الدولي بلبنان وتكثفت الزيارات المختلفة للمسؤولين الدوليين عامة وللبريطانيين والأميركيين بشكل خاص للبنان.

حجم الدعم البريطاني والأميركي

لكن ما هو حجم الدعم الأميركي والبريطاني للأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية؟ وما هي الانعكاسات المستقبلية لهذا الدعم على الوضع اللبناني؟

لقد تكثفت في المرحلة الأخيرة المساعدات الأميركية للجيش اللبناني والأجهزة الأمنية اللبنانية، وأوضح تقرير نشرته جريدة الديار اللبنانية في الأسبوع الأخير من شهر حزيران الماضي ان هناك طائرة عسكرية اسبوعية تحمل مساعدات للجيش اللبناني، وفي الأشهر القليلة الماضية قدمت الولايات المتحدة الأميركية مساعدات عسكرية متنوعة  للجيش اللبناني، كجزء من اتفاق لتعزيز أمن الحدود.

وقالت السفيرة الأميركية في لبنان إليزابيث ريتشارد إن تسليم هذه الشحنات يأتي ضمن برنامج حكومتها لزيادة قدرات الجيش اللبناني في القيام بمهمته بصفته مدافعاً وحيداً عن البلاد، مضيفة أن التجهيزات ستستخدم لحماية حدود لبنان مع سوريا.

وتأتي هذه المساعدات في إطار البرنامج المشترك بين الولايات المتحدة ولبنان والمملكة المتحدة لتأمين الحدود اللبنانية السورية، وذكرت السفيرة الأميركية في وقت سابق أن لبنان تلقى حتى نهاية عام 2016 حزمة مساعدات تجاوزت قيمتها 220 مليون دولار، ما يجعله خامس أكبر متلق للمساعدات العسكرية الأميركية.

وأما على الصعيد البريطاني، فقد أوضح بيان للسفارة البريطانية في بيروت خلال زيارة وزير الأمن البريطاني بن والاس للبنان، ان حجم المساعدات البريطانية للبنان بلغ حوالي 100 مليون دولار اميركي، كما ساهمت بريطانيا بتدريب 11 الف جندي لبناني يعملون على الخطوط الأمامية للحدود، كما ستساهم بريطانيا في اقامة مراكز للشرطة النموذجية والعمل لتحسين أداء القوى الأمنية اللبنانية ودعم لبنان في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب، كما انفقت بريطانيا 79 مليون دولار أميركي لتدريب افواج الحدود البرية في الجيش اللبناني واستحداث ثلاثين برج مراقبة على الحدود الشرقية مع سوريا، واقامة أكثر من عشرين قاعدة للعمليات الأمامية على امتداد الحدود، وقد لعبت هذه الأبراج والقواعد دوراً فاعلاً في مواجهة داعش والتنظيمات المتطرفة.

اذن، لبنان يحظى هذه الأيام بزيادة الاهتمام الأميركي – البريطاني، ولا سيما في المجالات العسكرية والأمنية، وقد يكون الهدف الأساسي من وراء ذلك حماية الاستقرار اللبناني، وان يشكل لبنان نموذجاً متقدماً في مواجهة الإرهاب والتطرف حسبما ينظر إليه الأميركيون والبريطانيون ومعظم الجهات الدولية والإقليمية.}