عرفنا الشهيدين في فترة تاريخية لم يكن الاستقراء فيها متاحاً لمعرفة مهمة شخصين اتصالا بحالة المقاومة ضدَ الاحتلال الاسرائيلي من موقع قيادي وريادي في لحظة كان يتدافع فيها الجميع للهرب من أزمة السلاح المحمول خدمة للقضية الفلسطينية ودفعاً للاعتداءات على الحدود من قبل العدو الطامع بالمزيد من أراض عربية .

آنذاك ملأت حركة أمل الفراغ السياسي وقادت أولى حركات الفعل ضد الاحتلال من خلال مظاهر شعبية كانت قاعدتها الأساسية قرى منتمية سياسياً للمرجعية الصدرية الأملوية وتحولت مع المواجهات المفتوحة مع العدو الى جبهة يقف في صفوفها الأمامية الشهيدان سعد وجرادي .

وفي اللحظة التي أدرك فيها الشهيدان فرصتها الذهبية تحولت المقاومة من اعتراض مدني الى مواجهة عسكرية وبامكانيات متواضعة بلغت معهما ومن خلالهما جدوى المقاومة مبلغاً مهماً في التأثير المباشر على العدو من جهة وفي دفع الاعتراض الجنوبي الى مساحات أكبر من جهة ثانية .أي أنهما أسهما في التنشئة العسكرية الميدانية من زاوية وفي جعل الفعل اليومي للجنوبي حركة في التحرر والتحرير من الاحتلال ونتائجه .

بالتأكيد الذي لايعتريه شك أو شائبة يمكن التأريخ المطمئن لجهة الحقوق المحفوظة للمقاومة بأن الشهيدين قد وضعا الحجر الأساس لمشروع التحرير وتكمن أهميتهما بعد كلَ هذه السنين في دائرة الجهاد المشروع على ضؤ الفقه الدفاعي والقيم الوطنية بما يتناسب مع المصالح الوطنية العليا وشرط الشهادة لحماية هذه المصالح وتحرير الدولة من قيود الاحتلال .

هذا الفهم الأملوي لجيل تربى على قيم ومفاهيم صدرية شكل على الدوام استثناءًا في علاقته مع القيادة الجديدة للحركة وتأزماتها المتكررة معها في أكثر من مرحلة ووصولها الى التشظي والتعبير عن نفسها كحالة خاصة داخل الحركة وخارجها وعدم امكانية امتصاصها من قبل حزب الله أوالتماهي مع منطقه نتيجة للتنشئة الصدرية المؤثرة في صياغة الشخصية الرسالية الأملوية بما يتناسب مع شخصية المؤسس السيد موس الصدر الذي لبنن ظاهرته السياسية بطريقة لايمكن معها اخراج أي تشكيل أنشأه السيد الصدر تحت سقف الدولة من لبنانيته واعطائه هوية أخرى مهما كانت لصيقة لخصوصيات طائفية ومذهبية .

في ذكراهما نستعيد أمجاد مرحلة بطريقة مفتوحة على الاستقراء المقارن لاتجاه سياسي يتغذى باستمرار من دماء الشهداء .