لم يدر أحد كيف قرر وليد جنبلاط في ليلة لا ضوء قمر فيها، الانتقال من ضفة رفض النسبية بشكل قاطع الى ضفة تأييدها لضم بصمته الى باقي بصمات القوى السياسية التي استسلمت مرغمة، رغم كل ما تدّعيه، لخيار التغيير ودفن قانون الستين
 

كثرت التحليلات والقراءات حول أدوار خفية وعلنية واعتبارات سياسية آنية ومستقبلية دفعت بالزعيم الدرزي الى افلات يديّ القانون القائم للإمساك بخيط النسبية، وجرّ الآخرين الى ملعب يعرف الجميع أنه لن يكون نزهة بسيطة ولا اختباراً سهلاً.

لا حاجة هنا لاستدعاء عباقرة جدول الضرب والقسمة والفرز للتأكد بأن صناديق الاقتراع وفق النظام النسبي، لن تكون بكرم "حاطم طي" ولن تتوانى عن القضم من صحن وليد جنبلاط مهما بلغت عظمة زعامته لدى أبناء الجبل. ثمة ثمن سيدفعه من جيب مقاعد المختارة النيابية، وتحديداً من الحصة المسيحية التي ستقاسمه عليها القوى المسيحية، وبشراهة.

ولكن ماذا عن الجناح الدرزي من مقاعد الجبل؟

اذا ما استعدنا شريط الأرقام التي سجلها الاستحقاق الأخير في العام 2009، يتبيّن الآتي:

يضمّ قضاء الشوف ثمانية مقاعد: درزيان، 3 موارنة، سنيان، وكاثوليكي. يبلغ عدد الناخبين أكثر من 182 ألف، فيما بلغ عدد المقترعين أكثر من 91 ألف بنسبة تقدر بـ50% وهي تقريبا نفسها لعام 2005.

نال مرشحو اللائحة الجنبلاطية متوسط أصوات بلغ نحو 68% فيما نال مشرحو المعارضة 23%.

شارك المقترعون المسيحيون بنسبة 46% وكانت الأدنى في الجبل، وقد حصل مرشحو اللائحة الجنبلاطية على متوسط بلغ 48% والمعارضة 42%، والنسبة الأعلى كانت لجورج عدوان (أكثر من 50%).

أما الدروز فقد شاركوا بنسبة 46%، وحصل مرشحو اللائحة الجنبلاطية على أكثر من 85% من المقترعين الدروز بينما كانت 93% في العام 2005، ونالت المعارضة نحو 7%.

وفي أرقام المرشحين، كان نعمة طعمة الأول: أكثر من 62 ألف صوت، بينهم أكثر من 21 ألف مقترع درزي، فيما نال جنبلاط: 62 ألف صوت، بينهم أكثر من 22 ألف درزي.

وفي قضاء عالية الذي يضم مقعدين درزيين، مارونيين، وارثوذكسي، فقد بلغ عدد الناخبين أكثر من 116 ألف ولم يتعد عدد المقترعين الـ60 ألف أي ما نسبته نحو 51%، بينما كانت في 2005 نحو 56%، وبذلك تكون الأقل اقتراعاً بين دوائر جبل لبنان.

بلغت نسبة مشاركة الدروز 55%، فيما كان المعدل الوسطي لمرشحي اللائحة الجنبلاطية من أصوات الدروز 68%، في المقابل نال طلال ارسلان 33%، أما مرشحو المعارضة المسيحيون فنالوا 24% اما مرشح وئام وهاب فنال نحو 5%.

بلغت نسبة مشاركة المسيحيين نحو 52%، حيث حصل مرشحو اللائحة الجنبلاطية على 48% من هؤلاء، ومرشحو المعارضة 47% بعدما كانت 65% في العام 2005.

هكذا، نال أكرم شهيب أكثر من 36 ألف صوت بينهم 18 ألف درزي، فيما نال طلال ارسلان أكثر من 23 ألف صوت بينهم نحو 9 ألاف درزي.

بالنتيجة، سُجل للمختارة أنّ لديها نحو 22 ألف درزي في الشوف ونحو 18 ألف صوت درزي في عالية، ما مجموعه 40 ألف مؤيد درزي. ويفترض أن يصار الى توزيع هذه الكوتا على أربعة مقاعد بين الشوف وعالية، أو بالأحرى ثلاثة اذا ما قرر جنبلاط ترك المقعد الرابع لطلال ارسلان، وهو المرجح، على أن يخوض الاشتراكيون معركة في بعبدا لتحصيل مقعد درزي.

وبمعزل عن خارطة التحالفات التي سينسجها الحزب التقدمي في الجبل، والتي يبدو أن الجناح القواتي قد حسم فيها، والتي ستساعد على رفع عتبة اللائحة واستطراداً عدد ركابها الناجحين، فإن المجهود الجنبلاطي، وفق أهله، سيتركز خلال الفترة المقبلة على رفع منسوب الحماسة لدى أبناء الطائفة الدرزية لبلوغ مرتبة الـ44 ألف مقترع (24 ألف في الشوف و20 ألف في عالية)، وذلك لقطع الطريق على أي محاولة من جانب الخصوم لحجز مقعد من المقاعد الدرزية الثلاثة، لا بل أكثر من ذلك لرفد مقعد مسيحي اضافي يراد ضمه الى الجَمعة الجنبلاطية، من دون أن ننسى الحصتين المسيحية والسنية من عباءة الزعامة الجنبلاطية التي ستجيّر أصواتها لصالح مقاعد غير درزية ستضع المختارة عينها عليها.

طبعاً، كل هذه الحسابات لا تزال من باب التمني والنظريات، أما العملي فينتظر الكثير من الخطوات قبل أن يحسم أصحابها قدرتهم على تنفيذها.