سؤال أساسي ومهم شغل بال معظم المراقبين والصحفيين ونشطاء السوشل ميديا، لحظة الإعلان عن بداية السقوط المدوي لتنظيم داعش والقضاء عليه في مدينة الموصل حيث المكان الذي من داخله أعلن  المدعو إبراهيم عواد البدري (أبو بكر البغدادي ) قيام ما يسمى بدولة الخلافة وعن المصير الذي آل إليه هذا التنظيم ومئات مقاتليه الذين كانوا يحتلون المدينة وأحيائها كما كان يقال؟ 
بالخصوص أن كل الصور والمشاهد القادمة من هناك لم تحتو على أي من القتلى الدواعش ولا عن أسير واحد أو حتى فار واحد، مما رسم علامة إستفهام ضخمة عن مجريات الأحداث، ليس لهذه المرحلة فقط بل بالرجوع إلى اللحظات الأولى أيضًا والعودة إلى 29 حزيران 2014 يوم الإعلان عن ولادة هذا المسخ المسمى تنظيم داعش.

إقرأ أيضًا:  السيد نصرالله والمحور المستحيل

وللجواب عن كل هذه التساؤلات، لا بد من معرفة الهدف الأساسي والظروف الموضوعية التي أدت إلى ولادة داعش، وهنا لا بد من الرجوع إلى ما كان قد صرح به الراحل الشيخ هاشمي رفسنجاني: "أن السياسات الإيرانية في المنطقة، وأداء الحكومات العراقية الموالية لإيران هي السبب الرئيسي في ولادة داعش"، وهنا أيضًا لا بد من التذكير عن الدور الرئيسي الذي لعبه رئيس الحكومة العراقية السابق نور المالكي والتسهيلات الكبرى التي وفرها عبر قرار الإنسحاب من مساحات جغرافية ضخمة وترك خلفه امكانيات لوجستية كبيرة جدا كان لها الدور الأساسي في هذه الولادة.

قيل، أن في لبنان كان الإحتلال الإسرائيلي هو الرحم الذي منه ولد حزب الله وهذا صحيح، والصحيح أيضًا أن حزب الله تحول بعد التحرير إلى ذراع إيراني في المنطقة بعيدًا عن الهدف الذي وجد من أجله (مقاومة الإحتلال)، وكمحاولة لإعادة التجربة ومن أجل خلق "حزب الله" عراقي تستطيع من خلاله إيران وضع يدها على العراق كان لا بد من الإستعانة بإحتلال من نوع آخر  يكون بمثابة رحم جديد لولادة ذراع "تحريري" سمي لاحقًا بالحشد الشعبي. 
حتى إذا ما اكتمل هذا المولود الإيراني الجديد في العراق، واشتد عظمه وقوي ساعده وحصل على شرعيته عبر الأمر الديواني رقم (91) بتاريخ 2016/2/24 (على غرار البيانات الوزارية في لبنان)، فلا حاجة بعد ذلك إلى أي مبرر لبقائه، بالخصوص إذا ما أخذنا بعين الإعتبار أن خصوم إيران (أميركا) صاروا يستعملون هم أيضًا نفس الرحم الملعون لخلق أبناء غير شرعيين يرجعون إليهم، مع عودتهم إلى المنطقة بنفس الحجة (محاربة الإرهاب) صار من الضروري حينئذ إجراء عملية إستئصال رحم فكان تحرير الموصل بهذه البساطة والإعلان عن موت البغدادي.

إقرأ أيضًا: لا قدسية للمسجد الاقصى في التراث الشيعي
يبقى القول بكل بساطة، أن إيران تعمل على إستنساخ التجربة اللبنانية في العراق، وأن مرحلة الحشد الشعبي وبسط سلطته على كامل مفاصل العراق وقراره السياسي عبر تجويف كل معاني قيام الدولة الحديثة ومقوماتها، لن تكون أقل تدميرًا لهذا البلد من مرحلة داعش، وأن 7 ايار عراقي قادم هو الآخر، على أمل أن لا تكون المعارضة هناك على شاكلة معارضة لبنان حمى الله العراق من كل أنواع  الدواعش.