شكّل لبنان في الفترة الماضية وجهة مفضلة لنجوم عالميين شغلوا عالم كرة القدم بأهدافهم ومهاراتهم وألهبوا حماسة محبّي الساحرة المستديرة. فبعد رونالدينيو ومالديني وفيغو وريفالدو وغيغز وبويول وسالغادو وسكولز وتريزيغيه وغيرهم من النجوم السابقين، سيكون عشاق كرة القدم مجدداً على موعد مع النجوم. هذه المرة ستسنح لهم فرصة مشاهدة ثلاثي برشلونة الإسباني جيرار بيكيه وسيرجيو بوسكتس وجوردي ألبا، الذين سيشاركون في مباراة اعتزال نجم كرة القدم اللبنانية رضا عنتر على ملعب صيدا البلدي، الثلاثاء في 4 تموز.

"هي المرة الأولى التي يحضر فيها لاعبون غير معتزلين للعب في لبنان. النجاح بإقناع لاعبين مازالوا يمارسون كرة القدم مثل بيكيه وألبا وبوسكتس بالمجيء للمشاركة في اللقاء هو إنجاز"، يقول عنتر بكل فخر. إنجازٌ يدرك هذا الأخير صعوبة تحقيقه، لاسيّما أن سماح نادٍ بحجم برشلونة للاعبين أساسيين بخوض مباراة ما قبيل انطلاق الموسم الجديد ليس أمراً سهلاً خوفاً من احتمال تعرضهم للإصابة على حد تعبيره. 

وإذ يثني كابتن منتخب لبنان الأسبق على أهمية هكذا أحداث وانعكاسها الإيجابي على كرة القدم اللبنانية، يرى في استقطاب هؤلاء النجوم "دفعاً مهماً للسياحة وفرصة لإبراز صورة لبنان كبلد جميل وآمن". ووفق منظمي الحدث، سيشارك في اللقاء إضافة إلى الثلاثي الكتلوني مجموعة من النجوم اللبنانيين الحاليين والمعتزلين، سيتم توزيعهم على فريقين بالزيين الأحمر والأبيض. يشرف على الفريق الأبيض- All Stars - المدربان جمال طه ومحمد زهير، ويضم بيكيه وألبا وبوسكتس إلى جانب موسى حجيج ويوسف محمد، ومحمد قصاص وأحمد زريق وعباس عطوي وخالد تكه جي ومحمد جعفر وبلال نجارين وعباس عطوي (أونيكا) وغيرهم. أما الفريق الأحمر فسيتولى الإشراف عليه المدربان محمود حمود وإميل رستم، ويضم رضا عنتر ولاعبين في المنتخب الوطني على رأسهم حسن معتوق ومحمد حيدر ونور منصور وجوان العمري ومهدي خليل وهيثم فاعور وأحمد جلول وعناصر أخرى.

تعتبر هذه المباراة تكريماً لنجمٍ لم يقتصر تألقه على المستوى المحلي، بل تخطاه إلى العالمية. وقد حمل راية بلاد الأرز في الدوري الألماني والصيني وكان خير سفير للكرة اللبنانية. 

انطلقت رحلة رضا في التضامن صور منتصف التسعينات من القرن الماضي، وبعد سنوات من التألق وإحراز الألقاب مع الفريق الأول والفئات العمرية، لفت الشاب الأسمر أنظار طوني برويس، وهو أحد وكلاء اللاعبين فتعاقد معه على الفور. رأى فيه هذا الأخير مشروع نجم قادر على اللعب في أوروبا، فوضع نصب عينيه مسألة احتراف لاعبه. "تلقيت عروضاً من أندية مرسيليا الفرنسي وهامبورغ وبايرن ميونيخ الألمانيين، حيث خضت تجربة أداء مع العملاق البافاري بطل أوروبا في ذلك الوقت"، يروي عنتر. 

حظي اللاعب بإعجاب مدرب فريق بايرن دون الـ23 عاماً، هرمان غيلانت، فأعلم رئيسه أوليه هونيس برغبته في التعاقد معه. لاحقاً، اجتمع هونيس بطوني برويس وأخبره بنية بطل ألمانيا ضم اللاعب اللبناني إلى فريق الشباب على أن يتدرب مع الفريق الأول. وفي حال أعجب به المدرب أوتمار هيتسفيلد سيتم منحه عقداً احترافياً. "فضلت هامبورغ على البايرن لأن حظوظ المشاركة وإثبات الذات في هامبورغ كانت أوفر"، يشرح الرقم 20.

وبالفعل إنطلقت مسيرته الاحترافية مع أحد أعرق الأندية في ألمانيا وشملت اللعب في صفوف فرايبورغ وكولن أيضاً. "لعبت تحت إشراف مدربين كبار من أمثال فولكار فينكيه وكريستوف داوم. كنت أول لاعب آسيوي يحرز ثلاثية في البونديسليغا، وفي أحد المواسم مع فرايبورغ كنت لاعب الوسط الأكثر إحرازاً للأهداف بعد النجم مايكل بالاك"، يضيف الهداف التاريخي لمنتخب لبنان برصيد 20 هدفاً. 

بعد أكثر من سبع سنوات في ألمانيا، شعر النجم الدولي السابق بضرورة التغيير، فانتقل إلى الصين حيث لعب مع أندية شاندونغ لونينغ وجانغسو سونينغ وهانغجو. "تجربتي في شاندونغ كانت من الأنجح في مسيرتي، إذ فزت بلقبي الدوري والكأس، ولعبت نهائيين آخرين في مسابقة الكأس. أشكر الفريق ومشجعيه على اتصالاتهم وعلى الرسائل التي بعثوها لي عقب إعلان اعتزالي، وأشكرهم على تكريمي وأقدر رغبتهم برؤيتي مدرباً للفريق الأول والفئات العمرية. أنا ممتن لهم". بعد الصين، عاد عنتر إلى بيته الأول وأنهى مسيرته مع التضامن صور بعد خوضه الموسم الماضي في صفوفه، ليوفي بذلك بوعده الذي قطعه قبل 17 عاماً بانهاء مسيرته الكروية مع سفير الجنوب.

سيكتب رضا عنتر عصر الثلاثاء المقبل الفصل الأخير من حكايته مع كرة القدم، التي استمرت أكثر من 20 عاماً وكان النجاح عنوانها على الدوام.