ما كنت لأتوقف كثيرًا عند دعوة أمين عام حزب الله في خطابه الأخير بمناسبة يوم القدس لعشرات بل مئات الالاف من المقاتلين والمجاهدين ليكونوا شركاء ( والكلام للسيد ) في المعركة القادمة مع إسرائيل، هؤلاء المجاهدين سيأتون تحديدًا من اليمن ومن إيران ومن أفغانستان ومن باكستان. 
والسبب في عدم إعتباري هذه الدعوة هي دعوة لا تعدو أكثر من دعوة إعلامية تصب فقط في سياق الحرب النفسية ( لا أعرف إذا كانت تستهدف العدو هذه المرة ) تهدف إلى إظهار الحزب كقوة اقليمية أكبر من جغرافيا الوطن ولها امتدادات على مستوى إنتشار الشيعة في العالم ليس إلا وهذا إنما يعود لسببين اثنين الأول أنه وعلى امتداد تاريخ الصراع مع العدو الإسرائيلي فقد اثبتت المقاومة بجناحيها الإسلامي والوطني بأنها لم تحتاج يومًا إلى مقاتلين من الخارج وقد الحقت بفضل مقاتليها اللبنانيين فقط هزيمة نكراء بالعدو. 

إقرأ أيضًا: لا قدسية للمسجد الاقصى في التراث الشيعي
والسبب الثاني وهو ما أراه الأهم، أن أمين عام حزب الله يعرف حق المعرفة بأن الفصائل التي أوردها في خطابه المذكور ابتداءًا من الحشد الشعبي العراقي مرورًا بالحوثيين ( أنصار الله ) اليمنيين، ووصولًا إلى الهازارة في أفغانستان، كل هذه الفصائل هي فصائل شيعية مذهبية تُعتبر "فخر" الصناعة الإيرانية، أنشأت ودعمت وتجهزت وعبأت بهدف أساسي واحد لا علاقة له لا بالقدس ولا بالقضية الفلسطينية وإنما في عقيدتها القتالية هي متخصصة فقط بقتال "الأمويين" ظالمي أهل البيت والأخذ بالثأر لمقتل الإمام الحسين!! 
فالسيد حسن نصرالله يعلم بأن المقاتل الأفغاني مثلًا سوف يندهش أشد الإندهاش إذا ما عرضت عليه القدوم إلى جبهة قتال فيها بالمقلب الآخر غير "ناصبي ظالم لأهل  بيت النبوة "!!! وأما العراقي في الحشد الشعبي الذي يقاتل تحت حماية ودعم القوات الأميركية وسلاحها الجوي فهو لا يرى في المحور الأميركي وحلفائه من غير "السُنة" إلا حلفاء له هو الآخر أو على أقل تقدير فهم لا يندرجوا على لائحة أولوياته " الجهادية " في هذه المرحلة خاصة مع عدم  وجود مقامات شيعية في فلسطين. 

إقرأ أيضًا: لقاء بعبدا ... الأبوة الضائعة
وبعد ما تقدم فإنني لا أرى أي مبرر عملاني لدعوة السيد وما أثير حولها من قبل خصومه إلا من زاوية الخلفية العقدية عند حزب الله التي لا ترى في لبنان إلا ساحة جغرافية مفتوحة على مشاريع لا تمت للمصلحة الوطنية وهموم اللبنانيين بأي صلة والمرعب في هذا المجال هو صمت القبور أمام هذه الذهنية من قبل من يدعون الحرص على السيادة والعبور إلى الدولة ومن العهد القوي! وعدا عن هذا فإن بناء هكذا محور مقاوم ما هو إلا وهم يمكن أن نطلق عليه تسمية المحور المستحيل.