بداية مناقشات بعد عطلة العيد و مطالبة إقرار السلسلة قبل الموازنة

 

المستقبل :

مع عودة الحياة إلى دورة العمل والانتاج بعد منخفض ملحوظ لا تزال تردداته مسيطرة على أجواء الحراك السياسي في البلد تحت تأثير عطلة الفطر، وبينما يتأهب ممتهنو «الشعبوية» لاستئناف جولات جديدة من سياسة «المعارضة للمعارضة والمزايدة للمزايدة»، يستعد أركان الدولة للخوض في مرحلة الترجمات العملانية لما سبق إقراره في سجل إنجازات العهد والحكومة لما فيه صالح الوطن والناس، وآخرها قانون الانتخاب و«وثيقة بعبدا 2017»، بحيث ستتسارع عملية التحضير اللوجستي لتطبيقات قانون النسبية تمهيداً لإنجاز الاستحقاق النيابي في موعده، في حين سيتم التحضير لوضع «وثيقة بعبدا 2017» على سكة التنفيذ بدءاً من شقها الإصلاحي.

في هذا السياق، وبعد أن غادر رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري في عطلة الفطر إلى المملكة العربية السعودية حيث أدى صلاة العيد إلى جانب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الذي عاد فاستقبله في قصر الصفا في مكة المكرمة عقب الصلاة، قبل أن يزور الحريري وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان في قصر السلام في جدة مهنئاً ومستعرضاً العلاقات الثنائية وأوضاع المنطقة، نقلت مصادر قصر بعبدا لـ«المستقبل» أنّه

من المفترض أن يعقد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اجتماع عمل مع رئيس مجلس الوزراء غداة عودته من الخارج يصار خلاله إلى البحث في سبل وضع مضامين «وثيقة بعبدا» موضع التنفيذ عبر الاتفاق بينهما على «خارطة طريق» تركز على ترجمة الإصلاحات الواردة في الوثيقة باعتبار أنّ الشق الميثاقي منها تحتاج ترجماته إلى مزيد من الوقت.

وإذ لفتت إلى أنّ البحث سيتناول فرز البنود الإصلاحية بين تلك التي سيتم إقرارها وتنفيذها على طاولة مجلس الوزراء وبين البنود الأخرى التي تحتاج ترجمتها إلى إصدار مراسيم وقوانين، أكدت المصادر أنّ الفترة المقبلة ستشهد مشاورات رئاسية مكثفة تشمل كلاً من الرؤساء الثلاثة عون ونبيه بري والحريري بهدف دفع العجلة الإنتاجية حكومياً وتشريعياً إلى الأمام، كاشفةً في سياق موازٍ أنّ ملف التعيينات كما غيره من الملفات سيوضع في المرحلة الآتية على «نار حامية» في إطار العمل الرامي إلى تزخيم إنتاجية مؤسسات الدولة وإداراتها، على اعتبار أنّ التعيينات تتصدر الأولوية في هذا السياق وكان قد تأخر إنجازها في المرحلة الماضية بسبب الإنشغال بإنجاز ملف قانون الانتخاب الجديد.

 

الديار :

بعد انتهاء عطلة الأعياد التي عكرتها قضية الفنانة اصالة التي شغلت الأوساط السياسية والشعبية وطرحت تساؤلات حول الإجراءات القضائية التي رافقت توقيفها وتركها بسند إقامة وسفرها، ستبدأ الأوساط السياسية بالتحضير للاستحقاقات القادمة سيما إقرار الموازنة وسلسلة الرتب والرواتب والبدء بتنفيذ خطة الكهرباء. وفيما يتعلق بالموضوعين الاولين أي سلسلة الرتب والرواتب والموازنة علمت الديار انه من المرجح ان يبدأ درس الموازنة خلال شهر تموز حيث تكون لجنة المال والموازنة قد أنجزت دراستها لكن يبقى على هذا الصعيد حل مشكلة قطع الحساب التي لم تظهر حتى الان بوادر او معطيات الحل، سيما وان مشروع قطع الحساب يجب ان يأتي من الحكومة كما ان الدستور قد نص في المادة 87 على ان « حسابات الإدارة المالية النهائية لكل سنة يجب ان تعرض على المجلس ليوافق عليها قبل نشر موازنة السنة التالية». علما ان الحسابات المالية للسنوات الماضية لم تنجز بعد. وعلمت الديار في هذا الإطار، ان هناك اقتراحاً بتعليق العمل بالمادة 87 لحين انجاز الحسابات المالية حتى لا يتخلى المجلس النيابي عن دوره وصلاحياته الرقابية فيما يتعلق بحسابات السنين الماضية. اما فيما يتعلق بسلسلة الرتب والرواتب فترى هذه الأوساط المتابعة انه لم يعد هناك من مهرب لإقرارها، خاصة ان غالبية القوى السياسية قد تعهدت بذلك.
وهنا سؤال يطرح نفسه: كيف ستقوم الدولة بتمويل العجز الذي سيتراكم سيما انه بلغ بدون السلسلة وخطة انقاذ الكهرباء 4.8 مليار دولار لسنة 2017،  فهل يلجأ المجلس لإقرار ضرائب جديدة في ظل وضع شعبي يعارض هذه الإجراءات ويطالب بترشيد الانفاق ووقف الهدر وعمليات الفساد؟
 

 

 

 

 

 

 

 

 

 كنعان للديار: اقرار الموازنة امر ضروري


بدوره، قال رئيس لجنة المال والموازنة النيابية النائب ابراهيم كنعان لـ «الديار»: نعتبر اقرار الموازنة امر ضروري واستراتيجي ينهي التفلت في الانفاق من خلال الاعتمادات التي تضمنتها الموازنة، ووافق عليها مجلس النواب. وخصوصاً للاصلاحات الموجودة فيها، بدءاً من وضع سقف للاستدانة وصولاً الى رقابة مسبقة على الهبات والقروض، والى التوصيات التي صدرت باعتمادات متعلقة بالادارات والوزارات. وفي الوقت ذاته نرى ان احالة قطع الحساب الى المجلس النيابي موقتاً حسب الاصول امر يفرضه الدستور بناء للمادة 87 ويتكامل مع الموازنة بتأمين الشفافية والمحاسبة في الانفاق العام.
وتابع قائلاً «نأمل ان نتمكن من تحقيق انجاز قطع الحساب بالتعاون مع الكتل النيابية وتحديداً وزارة المالية المولجة باعداد هذه الحسابات. 
 

 خطة الكهرباء


وحول خطة الكهرباء الجميع ينتظر إحالة الملف الى دائرة المناقصات والتدابير التي سيتم اتخاذها من قبل الدائرة المذكورة كما يترقب الجميع إذا كانت ستعيد درس هذا الملف وتضع ملاحظاتها وتعيده الى مجلس الوزراء لإقراره فتتم المناقصة بشكل قانوني وشفاف يضع حدا للتساؤلات.
كل هذه القضايا سيبدأ العمل بها منذ اليوم وهنا تشير الأوساط السياسية ان لهذه الملفات أهميتها ان على صعيد نجاح الدفع الجديد الذي ينطلق به العهد والحكومة وان لجهة طمأنة الراي العام اننا امام مرحلة جديدة، علماً ان لا جلسة لمجلس الوزراء هذا الاسبوع بسبب عطلة عيد الفطر المبارك وقضاء البعض لاجازاتهم في الخارج. 
وفي هذا السياق، سألت الديار نائب رئيس حزب القوات اللبنانية جورج عدوان عن تحالفات الحزب وعلى أي أساس ستكون مبنية فرد: «نحن بصدد دراسة تقنية لتطبيق القانون الجديد ومفاعيلها علما اننا ننطلق من تحالفاتنا الثابتة والاكيدة مع حلفائنا لكننا بحاجة لاستكمال الدراسة التقنية حتى يتم التطبيق والتكييف على ضوء المعطيات التقنية بحيث تأتي الملاءمة بين التحالفات السياسية والمتطلبات التقنية للحصول على النتائج المرجوة... لكنني أؤكد ان تحالفاتنا ستبقى هي الأساس».
من جهة أخرى، اعتبرت مصادر موثوقة ان التحالفات التي ستنشأ على ضوء الانتخابات النيابية المقبلة قد تؤدي الى خلط الأوراق من جديد خصوصا في ظل الحلف الثنائي المسيحي القواتي والعوني الذي سيؤثر بشكل كبير على تشكيل اللوائح وعلى التحالفات في مناطق لبنانية معينة. وفي هذا السياق، اشارت هذه المصادر الى ان حزب الله ثابت في التزاماته مع حلفائه انما عندما يتعارض حلفاؤه فيما بينهم عندها سيكون لحزب الله موقفاً اخر تجاه ذلك. وعلى سبيل المثال لا الحصر، إذا تحالف التيار الوطني الحر مع القوات اللبنانية ضد تيار المردة فهنا سيحاول حزب الله العمل على تقريب وجهات النظر بين التيار الحر والمردة وإذا لم يؤد ذلك الى نشوء حلف بين العونين والمردة عندها سيدعم حزب الله حليف واحد من بينهم وذلك لا يعني انه تخلى عن أحدهم. ومثال اخر على ذلك، إذا تحالف التيار الوطني الحر مع تيار المستقبل في صيدا بوجه زعيم التنظيم الشعبي الناصري أسامة سعد، سيدرس حزب الله الوضع وسيكون له موقف داعم على الأرجح لأسامة سعد بما انه أيضا حليف له.
اما من جانب المجتمع المدني، فقد كشفت الناشطة رانيا غيث ان المجتمع المدني هذه المرة يسعى الى ان يكون لديه مجموعات تحضر للوائح مكتملة في كل الاقضية وتشمل المناصفة بين المرأة والرجل.
 وفي هذا المجال، اشارت الى انعقاد لقاءات متواصلة بين مكونات المجتمع المدني لرص الصفوف وتكوين خط سياسي جديد قادر على مواجهة الأحزاب. وأوضحت ان اختيار مرشحي المجتمع المدني مبني على الكفاءة وعلى الأكثر والاصح تمثيلا للشعب اللبناني قائلة: نحن اشخاص احرار نعمل من اجل مصلحة المواطن والوطن لا ضده على غرار ما يفعله الاخرون.». وطالبت بإنشاء موقع الكتروني يسمح للمواطنين بالاطلاع على مشاريع القوانين التي قدمت ومتابعة ذلك لمعرفة إذا طبقت او لم تطبق بهدف إعطاء الشعب اللبناني الحق في محاسبة النواب ومساءلتهم على أعمالهم.
 

 السفارة الأميركية تحسم موقفها الداعم للجيش اللبناني


قال مصدر رفيع في السفارة الأميركية للديار انه عند تسليم المعدات العسكرية المعنية بحماية الحدود للجيش اللبناني الشهر الماضي، أوضحت السفيرة الأميركية اليزابيث ريتشارد ان هذا مثال اخر على دعم الحكومة الأميركية المستمر والبرامج الهادفة الى تحسين قدرات القوات المسلحة اللبنانية من اجل القيام بمهمتها بصفتها المدافع الوحيد عن لبنان والعين الساهرة الوحيدة على امنه. 
وبالإضافة الى ذلك، ذكر المصدر في السفارة الأميركية للديار ان قائد القوات المسلحة المركزية المعروفة بـ«سنتكوم» والمسؤولة عن منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا (باستثناء إسرائيل) الجنرال فوتيل كان قد اكد خلال زيارته في وقت سابق من هذا الشهر التزامنا المشترك بضمان الاستقرار والامن في هذا الجزء الهام من العالم وشدد اننا نعتزم مواصلة العمل معا للتصدي لهذه التحديات الماثلة امامنا.
 

 مصادر للديار: حزب الله غير معني بالخلاف الخليجي


على صعيد اخر، قالت مصادر موثوقة للديار بان حزب الله لم يبد أي موقف من الازمة الخليجية ولا يريد التدخل بذلك ولكن موقف المقاومة من الوهابية السعودية ثابت ويعود ذلك الى حرب اليمن وسوريا ردا على الاقاويل التي ترددت بان التصعيد في خطاب سماحة السيد حسن نصر الله الأخير ضد السعودية له علاقة بالصراع الخليجي مع قطر. واعتبرت هذه المصادر ان بعض «خفيفي العقل» توصلوا الى تحليلات واستنتاجات لا صلة لها بالمنطق حول موقف حزب الله وخطاب سماحة السيد الهجومي على السعودية معتبرين ان اللهجة العدائية تجاه الوهابية تعكس تعاطف المقاومة مع قطر من تحت الطاولة.  
وفيما يتعلق باخر الاوضاع في سوريا، اكدت هذه المصادر للديار بان حزب الله وحلفائه لعبوا دورا مهما في الحفاظ على وحدة سوريا والتطورات الميدانية تشير الى ان المدن الكبرى باتت تحت سيطرة النظام وحلفاءه خلافا لما كان حاصلا في السنتين الماضيتين.
 وبناء على ذلك، اكدت هذه المصادر بان حزب الله وحلفاءه يسيران على الطريق الصحيح طالما ان مشروع تقسيم سوريا أحبط بعودة انتشار الجيش السوري في اغلب المدن واكبرها والتي كانت خارج سيطرته في السنين الماضية وبتقهقر تنـظيم داعـش في العراق وقريبا في سوريا. 
وحول الأجهزة اللبنانية الأمنية، أوضحت مصادر موثوقة ان سماحة السيد يشيد دائما بدور هذه الأجهزة في تامين الاستقرار واستتباب الامن مؤكدة ان حزب الله على علاقة جيدة وتنسيق دائم مع الأجهزة الأمنية في محاربة الإرهاب.

 

 

الجمهورية :

أمّا وقد انتهت عطلة عيد الفطر فينتظر أن تستعيد الحركة السياسية نشاطها في مختلف الاتجاهات، سواء على مستوى التحضير للانتخابات النيابية، او على مستوى التصدي للملفات المختلفة ولا سيما العالق منها وفي مقدمها ملف سلسلة الرتب والرواتب التي بَدا انّ لدى رئيس مجلس النواب نبيه بري اتجاهاً لوضعها على جدول اعمال الجلسة التشريعية المقبلة المتوقع انعقادها خلال الشهر المقبل. وعلمت «الجمهورية» انّ بري «مُصرّ على إقرار سلسلة الرتب والرواتب قبل إقرار مشروع الموازنة العامة». بيد انّ انتهاء العطلة لم يلغ إجازة مجلس الوزراء الذي لن يجتمع اليوم في جلسته الاسبوعية، على ان يعاود جلساته الاسبوع المقبل. امّا على صعيد قانون الانتخاب فلا يتوقع ان يطرح ايّ جديد في شأنه، خصوصاً لجهة التعديلات التي يتحدث عنها البعض وفي مقدمهم رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، علماً انّ ما يتردد في بعض الاوساط انه اذا كان لا بد من تعديلات فإنها ستكون شكلية وليست بنوية، وانّ إجراءها ليس محسوماً بعد.

وقالت مصادر نيابية لـ«الجمهورية» انّ الحكومة «لا تستطيع ان تنام اليوم على مجد تحقيق قانون الانتخاب ولا على إنجاز وثيقة بعبدا، كون التحديات الماثلة أمام لبنان في هذه المرحلة كبيرة جداً، وأبرزها:

أولاً، إنعكاس أحداث سوريا على لبنان في ضوء الحديث عن معركة قريبة ضد تنظيم «داعش» و«جبهة النصرة» في جرود عرسال.

ثانياً، سبل مواجهة العقوبات الاميركية التي ستفرض على «حزب الله» في لبنان والخارج وما يمكن ان تكون لها من انعكاسات على أوضاع لبنان الاقتصادية والمالية والعامة.

ثالثاً، مصير النازحين السوريين في لبنان في ضوء صدور مواقف جديدة في الامم المتحدة وبعض عواصم دول القرار تدعو الى استيعاب هؤلاء النازحين حيث هم، علماً انّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ما انفكّ منذ تسلّمه مقاليد الحكم يولي هذا الموضوع أهمية قصوى لكن من دون ان يلقى ايّ صدى إيجابياً لدى المجتمع الدولي والعربي سوى الوعود التي لم تجد طريقها الى التنفيذ بعد.

وفي موازاة ذلك، تحاول الحكومة أن تملأ الاشهر الـ11 الفاصلة بين تاريخ صدور قانون الانتخاب وإجرائها، في وقت تزداد المعلومات عن انّ هذه الأشهر ليست موعداً نهائياً إذ انّ التمديد قد يطول أشهراً اخرى لكي تمرّ سنتين على انتخاب رئيس الجمهورية، فيصبح حينئذ المجلس النيابي الجديد هو المجلس الذي ينتخب الرئيس الجديد للبنان عام 2022.

وما يعزّز هذه المعلومات التي ليست اخباراً عادية، انّ النزاع بين الحلفاء بدأ يبرز علناً، إذ يكفي مراقبة التصريحات التي حفلت بها الايام الاخيرة للاطلاع على وجود اتجاهات مختلفة لا بل متناقضة بين المتحالفين كما يؤدي الى تنافس داخل اللائحة الواحدة بسبب الصوت التفضيلي.

وثيقة بعبدا

وفي وقت أكّد الرئيس ميشال عون خلال إستقباله بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك مار يوسف الأوّل على أهمية الحوار بين جميع الطوائف، قالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انّ دوائر قصر بعبدا ستواكب الحركة الجديدة انطلاقاً ممّا تقرّر في لقاء بعبدا الأخير، كلّ في مجاله.

فما هو من نصيب مجلس النواب سيكون موضوع ورشات العمل التشريعية المنتظرة التزاماً بما تعهّد به رئيس المجلس بالدعوة الى جلسة تشريعية خلال الشهر المقبل وسط توقعات بإعطاء الأولوية للموازنة العامة وسلسلة الرتب والرواتب. أمّا ما سيكون على عاتق الحكومة فستتولّاه هي، بحيث سيترجم البرنامج الذي تضمّنته «وثيقة بعبدا» بمختلف عناوينها وفق سلّم أولويّات تفرضه حاجات البلاد في المرحلة الراهنة.

الحريري

وفي الوقت الذي ستعود الحركة الى قصر بعبدا وعين التينة، فإنها ستتأخر في السراي الحكومي في انتظار عودة الرئيس سعد الحريري من باريس التي قصدها قبل يومين برفقة عائلته من السعودية. ولم تشر المعلومات الى ايّ لقاءات يمكن أن يعقدها، علماً أنه أجرى اتصالات من هناك مُستطلعاً آخر التطورات الداخلية في ضوء اللقاءات التي عقدها مع بعض المسؤولين الكبار في المملكة على هامش الاحتفال بعيد الفطر.

نصرالله

وعلى رغم عطلة العيد تفاعل كلام الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله الاخير، وإعلانه انه في حال شَنّت إسرائيل حرباً على محور المقاومة، فإنّ الأجواء والحدود ستفتح أمام آلاف المقاتلين، للمشاركة في هذه المعركة.

وفيما اعتبر البعض انّ كلامه «يناقض» الحالة الوفاقية التي تعيشها البلاد خصوصاً بعد لقاء بعبدا التشاوري، إستغرب مصدر سياسي «عدم إدلاء الحكومة بأيّ موقف ليس حيال كلام نصرالله عن السعودية وهو ليس بجديد، إنما تلويحه باستقدام مئات ألوف المقاتلين ليحاربوا على الارض اللبنانية ضد إسرائيل».

الحوت

وخالفَ نائب «الجماعة الاسلامية» عماد الحوت القول «اننا نعيش أجواء وفاقية» وقال لـ«الجمهورية»: «أولاً، نحن نعيش وهم وجود حالة وفاقية في البلاد بينما الواقع الحقيقي هو انّ قوى سياسية تقيم ثنائياً ترتيبات في ما بينها لتهدئة الوضع، وليست حالة وفاقية عامة متّفَق عليها بين الجميع.

ثانياً، خطاب السيد نصرالله في هذا التوقيت له وجهان: وجه إيجابي بمعنى ترهيب العدو الاسرائيلي ضد أي تفكير بالاعتداء على لبنان، ولكن اعتقد انّ هذا الخطاب ينبغي أن يصدر عن الدولة اللبنانية وليس عن مكوّن من مكوناتها.

وفي المقابل، إنّ للخطاب وجهاً سلبياً جداً لأنه في نهاية الامر واضح تماماً انّ السيّد يقول ان ليس في لبنان ايّ سيادة لبنانية، وانه هو الذي يقرّر من يتجاوز الحدود ومن يقاتل داخل لبنان ومن يقاتل خارج لبنان، والدولة اللبنانية غير موجودة، وبالتالي هو لا يعترف بها.

لذلك كنت اقول دائماً انّ اولوية فخامة رئيس الجمهورية اليوم هي استعادة سيادة لبنان المسلوبة الضائعة التي سلبها «حزب الله» وسلب قرارها ويتصرّف به. وبالتالي، انا اعتقد انّ دور رئيس الجمهورية الآن هو استعادة هذه السيادة».

وأبدى الحوت اعتقاده «أنّ الاولوية الرقم واحد هي إقرار الموازنة وسلسلة الرتب والرواتب، في محاولة لتحريك عجلة الحكومة والاقتصاد في البلد. أمّا الاولوية الثانية فهي تأمين كل عناصر الشفافية والاطمئنان لإجراء الانتخابات النيابية بأفضل مستوى ممكن».

أبي نصر

وحدّد النائب نعمة الله ابي نصر أولويات المرحلة المقبلة، وقال لـ«الجمهورية»: «انّ ما اتّفق عليه في اللقاء التشاوري في بعبدا يجب ان يكون اولويات العمل، وفي مقدّم هذه الاولويات معالجة الوضع الاقتصادي الملحّ، ثم الانماء، ولا أعرف كيف سنعيد الانماء المتوازن والمُستدام على كل الاراضي اللبنانية في ظل وجود هذه التركة المُفلسة التي ورثها رئيس الجمهورية والحكومة الحالية من العهود السابقة.

لذلك يتطلب الامر جهداً استثنائياً في سبيل الاقتصاد، حتى اذا أقرّينا الموازنة وبدأنا نلتقط انفاسنا إقتصادياً، نبدأ التفكير بسلسلة الرتب والرواتب للموظفين، فعندما يشبع الموظف لا يمدّ يده، لكن اذا كان راتبه لا يكفيه لإعالة عائلته فسيبرّر فعلته.

لذلك نحن مقبلون على مرحلة صعبة جداً، لكن بالإرادة وحسن التعاون بين مختلف الاطراف السياسية يمكن ان نصل الى نتيجة. واستناداً الى ما تقدّم فإنّ الكرة هي في ملعب الشعب الذي عليه ان يُحسن اختيار النواب الذين يمثلون تطلعاته فعلاً، وعليه ان يسأل نفسه هل قاموا بواجبهم التشريعي؟ وهل راقبوا فعلاً السرقات الحاصلة؟

وهل حاسبوا الحكومات طوال 8 سنوات وطرحوا الثقة فيها وساءَلوها؟ وعندما دخل مليون ونصف مليون سوري خلال سنة ونصف سنة في حدود مشرّعة وتداعيات ذلك السياسية والاقتصادية والامنية مَن وقف من النواب يتفرّج على ما يجري ومن تصدى منهم لهذه الظاهرة؟

فكيف يدخل الى لبنان مليون ونصف مليون نازح من دون ان يسألوا لا عن هوياتهم ولا عن سيرتهم تحت شعار الانسانية؟ إنسانياً ندخل المرضى والجرحى والعجزة وعددهم لا يتجاوز المئة الف تقريباً، فهذا إهمال خطير يمسّ السيادة والكيان، وعلى الشعب محاسبة المهملين ومحاكمتهم».

 

 

اللواء :

سحبت عطلة الفطر السعيد نفسها على الملفات الداخلية، على الرغم من انتهائها رسمياً، بحيث يغيب مجلس الوزراء بجدول أعماله العادي والملح، لا سيما لجهة بواخر الكهرباء التي تخضع لفحص في إدارة المناقصات، والتعيينات التي لم يحسم امرها بعد، لا في الوظائف الملحة، ولا في تلك التي هي موضع تشاور، لم ينته بعد كتعيينات في مواقع شاغرة ومجلس إدارة تلفزيون لبنان، أو التشكيلات الدبلوماسية والقضائية التي لا تزال موقع تجاذبات.
وإذا كان جدول الأعمال اليومي، بدءًا من مطلع تموز المقبل يستند إلى ما وضع في «وثيقة بعبدا 2017» في ان المصادر الوزارية تؤكد ان جهداً غير عادي يبذل في سبيل إنهاء درس إدارة المناقصات لتلزيم بواخر الكهرباء واقراره في جلسة مجلس الوزراء المرتقبة الأربعاء المقبل.
بالموازاة، لاحظ مصدر نيابي ان الخلافات تجددت حول أولويات جلسة مجلس النواب التشريعية في الفترة الفاصلة بين 10 و15 تموز، بين الموازنة وسلسلة الرتب والرواتب.
وكشف المصدر ان مسألة الضرائب التي بموجبها سيتم تمويل السلسلة عادت إلى الواجهة، فضلاً عن نسب الزيادات على سلاسل المعلمين والموظفين والمتقاعدين.
وكان من المثير للاهتمام مسارعة النائب وليد جنبلاط، غداة عودته من موسكو، وفي أوّل تغريدة له المطالبة بانصاف المتقاعدين، لأنه «لا يجوز ولا يقبل بعدم انصافهم ضمن السقف المقترح في السلسلة».
وبالنسبة للأجواء السياسية في البلاد في ضوء التداعيات الإقليمية – الدولية، بعد خطاب السيّد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله وبيان كتلة المستقبل النيابية، استبعدت الأوساط المعنية حصول أية انعكاسات على البرنامج التنفيذي الداخلي للحكومة، على الرغم من توقف الحوار بين تيّار المستقبل وحزب الله وابتعاد وإبقاء في المرحلة المقبلة، نظراً لانتفاء الحاجة إلى مفاعيل هذا الحوار.
مجلس الوزراء
رسمياً، تعود الحياة إلى دورتها العادية ابتداءً من اليوم، بعد إجازة طويلة نسبياً فرضتها عطلة عيد الفطر السعيد، لكن عملياً، ستبقى الحياة السياسية ومعها الملفات السياسية والحياتية مؤجلة إلى حين انعقاد جلسة مجلس الوزراء المؤجلة بدورها إلى الأسبوع المقبل، ريثما يعود الرئيس سعد الحريري من إجازة العيد التي امضاها مع عائلته في المملكة العربية السعودية، حيث كانت له لقاءات مهمة، أبرزها مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز صبحية العيد، وولي عهده الأمير محمّد بن سلمان، قبل ان ينتقل لاحقاً إلى باريس، حيث سجل تواصل هاتفي بينه وبين الرئيس ميشال عون الذي ينوي القيام بزيارة رسمية إلى العاصمة الفرنسية لم يُحدّد موعدها مع انها قيد التحضير وفق القنوات الدبلوماسية.
وفي تقدير مصادر وزارية ان الملف الأوّل على طاولة مجلس الوزراء الأربعاء المقبل، سيكون للوضع الأمني في البقاع، في ضوء التقرير الذي قدمه وزير الداخلية نهاد المشنوق في آخر جلسة للحكومة، بالإضافة إلى ملف استئجار بواخر الكهرباء في حال انجزت هيئة إدارة المناقصات تقريرها في هذا الشأن، واحالته إلى وزير الطاقة سيزار أبي خليل لدرسه قبل تحويله إلى مجلس الوزراء.
وتوقعت المصادر الوزارية، ان تعقد قبل نهاية الأسبوع خلوة عمل بين الرئيسين ميشال عون والحريري في بعبدا، للاتفاق على برمجة الملفات التي ستدرج على مجلس الوزراء في إطار تفعيل مقررات وثيقة بعبدا ووضعها موضع التنفيذ على صعيدي خطة النهوض الاقتصادي والأمور الادارية لا سيما ان لقاء بعبدا كرس تفاهماً بين الرؤساء الثلاثة على كل الأمور وفي مقدمها ملف التعيينان وملء المراكز الشاغرة تعيين محافظ الجبل ومجلس إدارة تلفزيون لبنان في حين افيد ان التشكيلات الدبلوماسية متأخرة بعض الشيء، مع ان معالمها الرئيسية باتت واضحة لدى وزير الخارجية جبران باسيل، على صعيد السفراء من داخل الملاك، بحسب المسودة التي اعدها، لكن المشكلة تكمن في توزيع واختيار السفراء من خارج الملاك الذين سيتوزعون على المراكز الأساسية في واشنطن والقاهرة والفاتيكان وباريس وموسكو إلى جانب العاصمة البريطانية.
قالت مصادر وزارية مقربة من رئاسة الجمهورية لـ«اللواء» أن الحكومة مصممة على مواكبة ما تم الاتفاق حوله في ما خص وثيقة بعبدا 2017وان بنود جدول أعمال الجلسات الحكومية المقبلة يفترض بها أن تلحظ المواضيع التي تضمنتها هذه الوثيقة.
وقالت المصادر نفسها أن ملء الشواغر والتشكيلات الديبلوماسية يشكل محور اهتمام الرئيس عون الذي أعرب عن ارتياحه لمسار الأمور بعد أن تم تجاوز المراحل الصعبة،كما يبدي ارتياحا للتعاون مع الرئيس الحريري.
أما بالنسبة إلى جلسة مجلس الوزراء المخصصة للوضع الأمني في البقاع،فتؤكد المصادر أنها لم تحدد بعد ولكنها ستعقد في أقرب وقت ممكن.
جلسات التشريع
اما بالنسبة إلى الجلسات التشريعية التي يفترض ان تكون طلائعها ما بين العاشر أو الخامس عشر من شهر تموز المقبل، بحسب ما رجح الرئيس نبيه برّي الموجود حالياً خارج البلاد، في إطار الدورة الاستثنائية المفتوحة حتى 16 تشرين الأوّل ضمناً، فإن الأكيد، بحسب الرئيس برّي أيضاً ان تكون سلسلة الرتب والرواتب، من أبرز موضوعات هذه الجلسة لا سيما وأن محضر آخر جلسة نيابية ناقشت السلسلة ما زال مفتوحاً، في حين يرجح ايضاً ان يكون موضوع الموازنة في صدارة مشاريع القوانين التي سيقرها المجلس في دورته الحالية، علماً انها ما تزال تخضع للتشريح من قبل لجنة المال والموازنة، منذ شهر أيّار الماضي، عندما احالت حكومة استعادة الثقة مشروع الموازنة إلى المجلس.
وفيما اعلن رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان في حديث تلفزيوني «ان الموازنة ستنجز في لجنة المال منتصف تموز المقبل، ونحن مع اقرارها دون ابطاء»، اكد عضو لجنة المال والموازنة النائب نبيل دو فريج ل «اللواء» ان اللجنة لم تنتهِ من درس موازنات كل الوزارات وهي بحاجة لمزيد من الوقت للانتهاء من كامل المشروع، ولكنه قال: نحن نأمل ان تكون الموازنة جاهزة خلال اسبوعين او ثلاثة لتعرض على الجلسة التشريعية.
وعن مصير السلسلة قال: قد نقرها في الجلسة التشريعية قبل الموازنة، واذا انتهينا من الموازنة نقر المشروعين سوية.
وحول مصادر تمويل السلسلة؟ اجاب: قد يتم من خلال الرسوم والضرائب من ضمن الموازنة، واما من قوانين مستقلة تقر لاحقا بمعزل عن الموازنة.
ماكينات انتخابية قبل التحالفات
في غضون ذلك، بدأت باكرا قبل الانتخابات النيابية عملية استنهاض الماكينات الانتخابية للقوى السياسية، حيث اقام «حزب الطاشناق» احتفالا امس لاطلاق ماكينته، بعدما اطلقها الاسبوع الماضي «التيار الوطني الحر»، بينماتتريث القوى السياسية في اعلان تحالفاتها، ربما بانتظار الوصول الى قرار حاسم نهائي حول انجاز البطاقة الانتخابية الممغنطة، التي ما زالت تحوم التساؤلات حول امكانية وزارة الداخلية في انجازها ضمن المهلة المحددة لنحو ثلاثة ملايين و600 الف ناخب مسجلين على لوائح الشطب، علما ان وزيرالداخلية بدأ مع طاقم عمل الوزارة ورشة التحضير للانتخابات في ايار المقبل.
وبينما لم تتضح بعدخريطة التحالفات، قال الوزير الاسبق فيصل كرامي ل «اللواء» في مكتبه في «قصر كرم القلة» بطرابلس حيث استقبل مئات المهنئين بالعيد: من المبكرالحديث عن التحالفات لكن بعض الامور واضحة امامنا.
وكانت لكرامي كلمة امام المهنئين انتقدفيها قانون الانتخابات اولا لجهة تقسيم الدوائر فقال: انها قسمت على قياس اصحاب السلطة والقابضين على السلطة. والصوت التفضيلي الواحد، الذي للاسف الشديد، كنا اقريناه في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي لكن بصوتين تفضيليين وبتكبير الدوائر، والذين كانوا يشددون على الصوت التفضيلي الواحد اليوم هم نفسهم الذين وقعوا على الصوتين التفضيليين في السابق، لذلك نأمل اعادة النظر في هذا القانون حتى يعود للنسبية معناها ورونقها.
وعلق على «اللقاء التشاوري» في قصر بعبدا وقال: لدينا ملاحظات في الشكل، اولا، لماذا تم تجاوز هيئة دستورية مثل مجلس الوزراء؟ ثانيا، الحوار دائما يتم بين السلطة والمعارضة، وما حصل هو حوار بين السلطة بعضها مع بعض، لكن في بلد مثل لبنان لا بد من جمع اكبر عدد من الآراء من اجل الخروج بنتائج ايجابية من هذا الحوار.
وقال عضو تكتل التغيير والاصلاح النائب آلان عون في حديث تلفزيوني: ان التحالفات الانتخابية مع «القوات اللبنانية» ستكون بالقطعة لا بنموذج واحد للوائح.
كذلك علق عضو تكتل التغيير والاصلاح النائب الدكتور نبيل نقولا على قانون الانتخاب الجديد قائلاً: لقد تمّ إنتاجه بشكل سريع جدًّا لعدم الوقوع في الفراغ، لذا سيتم تعديل الشوائب شيئاً فشيئاً.!
كذلك كشف رئيس «حركة الاستقلال» ميشال معوض أنه سيتحالف في دائرة زغرتا -بشري -الكورة – البترون مع «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» و«المستقبل»، ومن جهة ثانية سيكون هناك تحالف بين «المردة» و«الحزب القومي السوري الاجتماعي».وقال معوض، في حديث تلفزيوني: اذا فزت سأبقى قوة مستقلة داعمة للعهد والتفاهم المسيحي.
وينتظر ان يشهدالاحد المقبل مواقف سياسية بارزة من التطورات لكل من: رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، والمعاون السياسي للرئيس نبه بري الوزيرعلي حسن خليل، ورئيس الحزب القومي الوزير علي قانصو، ورئيس حزب الاتحاد النائب والوزيرالاسبق عبد الرحيم مراد، وعضو قيادة تيار المردة الوزير الاسبق يوسف سعادة، وعضو قيادة التيار الوطني الحر النائب نبيل نقولا، في الاحتفال الذي يقيمه الحزب القومي في قاعة قصر الاونيسكو لمناسبة ذكرى استشهاد مؤسس الحزب انطون سعادة.

 

الاخبار :

جولة تسخين جديدة تحوم فوق سوريا برعاية أميركية. واشنطن التي خسرت «بوابة التنف» مع نجاح الجيش السوري وحلفائه في الوصول إلى الحدود العراقية وتوسيع نطاق سيطرتهم شمالاً نحو دير الزور، بدأت بالتهديد «النظري» بسبب «تحضيرات» يجريها الجيش السوري لتنفيذ هجوم كيميائي جديد! هذا «الهجوم» الذي علمت الإدارة الأميركية أنّه «سيقتل أطفالاً أبرياء» رافقه عزف بريطاني ــ فرنسي على الموجة نفسها. واشنطن تريد القطع مع مرحلة الاندفاعة الكبرى لدمشق نحو شرق البلاد... وتبدو أنّها في صدد التحضير لسيناريو «شعيرات 2» بحجم أكبر يقيها الخسائر التي تُمنى بها في «حاصل» الميدان السوري العام

 

فرضت مجريات الميدان السوري خلال الأسابيع الأخيرة تحديات ــ من مستوى جديد ــ على الولايات المتحدة وحلفائها، وضعتها أمام عدد محدود من الخيارات على الأرض. فالجيش السوري وحلفاؤه، الذين لم توقفهم الغارات الأميركية حول التنف، وصلوا إلى الحدود العراقية ووسّعوا سيطرتهم في الأيام القليلة الماضية نحو نقاط متقدمة مجاورة لحدود دير الزور، مسقطين ذريعة الأميركي بدعم «فصائل البادية» في حربها ضد «داعش».

اليوم، تجد واشنطن نفسها مضطرة إلى رفع هامش المخاطرة بالانزلاق إلى مواجهة أوسع، لتدارك اندفاعة دمشق وحلفائها، واضعة نصب عينيها الإبقاء على هدفها الاستراتيجي بحصار الدور الإيراني في سوريا وتحجيمه. ويشير التهديد الأميركي الجديد، الذي حمل صيغة حادة اللهجة ضد الجيش السوري والرئيس بشار الأسد، إلى أن واشنطن تنوي تعميق تدخلها العسكري، عبر دفعه بضربة «مؤثرة» على توازنات الميدان الحالية. كما بدا من تصريحات السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة أن التصعيد موجه بالقدر نفسه إلى طهران وموسكو.
وفي الوقت نفسه، يبدو التحرك الأميركي كأنه نقطة ارتكاز لبناء «تحالف» جديد مع شركاء أوروبيين لشرعنة الاعتداءات المتكررة ضد الجيش السوري من جهة، وكمدخل للخروج من حالة الجمود التي دخلتها القوات الأميركية مع الفصائل التي ترعاها في منطقة التنف من جهة أخرى. فالتهديد الذي تم تبريره برصد «تحضيرات» يجريها الجيش لتنفيذ هجوم كيميائي، لقي أصداء أوروبية مباشرة، تمثّلت باستعداد «مبدئي» بريطاني للمضي قدماً مع واشنطن في أي تحرك عسكري «مبرر»، إلى جانب إعلان الرئاسة الفرنسية أن الرئيس إيمانويل ماكرون اتفق مع نظيره الأميركي دونالد ترامب في اتصال هاتفي أمس، على العمل معاً على رد مشترك في حالة وقوع هجوم كيميائي في سوريا.


 

 

 

كما يتقاطع مع ما تشير إليه مصادر مطلعة، عن تحضير أوروبي لتصعيد واسع ضد دمشق، قد يجد طريقه إلى الميدان بالتوازي مع خروجه عبر المنابر الإعلامية والدولية. وهنا يجب الإشارة إلى ما خرج عن المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفن دوغريك أمس، من إدانة «بأقوى العبارات» لأي استخدام محتمل للأسلحة الكيميائية في سوريا، والدعوة إلى محاسبة المتورطين في شنها، برغم تأكيده أن المنظمة الدولية «لا تريد التعليق على أمر لم يحدث بعد».
كذلك يأتي التصعيد في وقت تكتمل فيه التفاصيل التقنية لاتفاق مناطق تخفيف التصعيد الموقع في أستانا، والذي من شأنه إخراج مناطق مهمة لحلفاء واشنطن من دائرة العمل العسكري، كما في درعا. وبرغم أن روسيا دعت إلى انضمام الولايات المتحدة إلى الاتفاقية، بما يتيح لها المشاركة في أمن تلك المناطق، فإن التوتر الروسي ــ الأميركي وتوقف قناة التنسيق حول أمن العمليات الجوية، من شأنه استبعاد انضمام واشنطن إلى اتفاق تشارك فيه إيران كأحد الأطراف الضامنة.
وفيما تبقى سيناريوهات الضربات المتوقعة رهناً بحسابات أميركية تراعي الوجود الروسي في سوريا، فإن استهداف مراكز حساسة للجيش، أو مواقع استراتيجية له ولحلفائه على طول الجبهات المشتعلة، سيكون متوقعاً من واشنطن. ومن المحتمل أن يكون إبطاء تقدم القوات السورية وحلفائها نحو دير الزور، إحدى أهم الأولويات التي تستهدف تحقيقها أي غارة محتملة. وليس لزاماً أن يستهدف الأميركيون الخطوط الأمامية المتقدمة باتجاه دير الزور، بل يكفي تكرار سيناريو الضربات في الثردة ــ من حيث الموقع ــ في مواقع أخرى مثل محيط تدمر، لإشغال الجيش ومنع تثبيته لنقاط متقدمة في عمق البادية، ولا سيما أن واشنطن تبحث عن حلول بديلة للسيطرة على وادي الفرات، وقد تجدها عبر «قوات سوريا الديموقراطية»، التي لا ينفي المتحدث باسمها طلال سلو وجود مثل هذا الخيار. ويوضح لـ«الأخبار» أن قواته «سوف تعمل على قتال (داعش) في دير الزور بعد الانتهاء من معركة الرقة»، لافتاً إلى أن «التوجه نحو الدير هو قرار ستحكمه الظروف، ومتوقف على قرار القيادة العامة لـ(قسد)».
وجاء الإعلان الأميركي على لسان المتحدث باسم البيت الأبيض، شون سبايسر، الذي قال في بيان إن بلاده «رصدت استعدادات محتملة من قبل النظام السوري لشن هجوم كيميائي آخر قد يؤدي الى عملية قتل جماعية لمدنيين، بمن فيهم أطفال أبرياء». وأضاف أنه برغم أن «الولايات المتحدة موجودة في سوريا للقضاء على تنظيم (داعش)... ولكن إذا شن (الرئيس بشار) الأسد هجوماً جديداً يؤدي إلى عملية قتل جماعية باستخدام أسلحة كيميائية، فإنه وجيشه سيدفعان ثمناً باهظاً». وبدا لافتاً أن سبايسر أشار إلى أن الأنشطة التي رصدتها واشنطن «مماثلة للاستعدادات التي قام بها النظام قبل الهجوم الذي شنه بالسلاح الكيميائي في 4 نيسان».
وفي رد فعل مباشر على تلك التهديدات، اعتبر المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف أن «هذه التهديدات ضد الحكومة السورية غير مقبولة»، مضيفاً أنه لا يعرف الأدلة التي تستند إليها واشنطن في اتهاماتها. وكانت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي، قد قالت في تغريدة لها على موقع «تويتر»، إن «أي هجوم جديد يستهدف المدنيين السوريين سيتحمل مسؤوليته الأسد، وكذلك روسيا وإيران اللتان ساعدتاه على قتل شعبه». وهو ما رد عليه الكرملين بأنه «إذا لم يحصل تحقيق، فإن اتهام الأسد غير ممكن وغير شرعي وغير عادل». من جانبه، حذّر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف من أن أي هجمات أميركية محتملة ستكون في خدمة تنظيم «داعش». بدوره، قال وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون إن بلاده مستعدة لأي تحرك أميركي عسكري، مضيفاً أنه «كما يحصل دائماً في الحرب، العمل العسكري لا بد أن يكون مبرراً وشرعياً. ولا بد أن يكون ضرورياً». وأوضح أنّ الولايات المتحدة تقوم وحدها برصد الوضع في سوريا، وأنها حتى الآن لم تتشارك مع الحكومة البريطانية المعلومات والأدلة بشأن الاستعدادات الخاصة بالهجوم المفترض.
وفي ما بدا أنه توضيح لتصريحات البيت الأبيض، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن التحذير الذي وجهته الولايات المتحدة، يعود إلى «نشاط مشبوه» تم رصده في قاعدة الشعيرات. وقال المتحدث باسم البنتاغون جيف ديفيس: «إننا نشير إلى طائرة محددة ومرأب محدد، نعرف أنهما مرتبطان باستخدام أسلحة كيميائية». ويتقاطع البيان الصادر عن «البنتاغون»، والذي أتى كأنه توضيح لتهديدات البيت الأبيض والسفيرة هيلي التي حملت لغة عامة غير محددة ودقيقة حول نوعية الهجمات وتفاصيل المعلومات التي تعتمد عليها واشنطن، مع ما رشح عن وجود تباين في وجهات النظر بين البيت الأبيض والبنتاغون، حول الخطوات التي يجب اتخاذها على الميدان في سوريا. وعلى خلاف ما كان الوضع عليه في زمن إدارة أوباما، يدفع عدد من مستشاري البيت الأبيض نحو تصعيد أكبر ضد الجيش السوري وحلفائه في سوريا، وخاصة طهران، في الوقت الذي يؤكد فيه البنتاغون ضرورة تفادي الصدام في الميدان. وفي هذا السياق، أعلن وزير الدفاع جايمس ماتيس، أن بلاده «ترفض بكل بساطة أن يتم زجها في النزاع السوري، الذي تحاول وضع حد له من خلال الجهود الدبلوماسية». وأضاف قبيل تصريحات البيت الأبيض أن القوات الأميركية لن تفتح النار «إلا إذا واجهت العدو. أي تنظيم (داعش)».