الاستاذ علي سبيتي  كاتب ومحلل سياسي التقينا به في موقع لبنان الجديد وكان هذا الحوار ..

بعد تفاقم الاوضاع الامنية في مدينة صيدا وأمام مشهد الاحتقان الطائفي والمذهبي هل نحن أمام فتنة سنية شيعية؟

أعتقد أن هناك رغبة لدى الطوائف المعنية بالحرب ولكن هناك حرص وطنى يقيد هذه الرغبة إضافة إلى أن الظروف الموضوعية والمتعلقة بمصالح الدول المعنية في لبنان توخر من حالة الحرب رغم الاستعدادات القائمة بين الاتجاهات الطائفية وعلى اكثر من محور بدءاً من طرابلس ووصولاً إلى صيدا.

هل يعني ذلك أن هناك رغبة لحزب الله بإشعال هذه الحرب؟

حزب الله معني بشكل أو بآخر بالحرب الدائرة في سوريا وباعتبار أن لبنان متصل بالساحة السورية لا كثر من سبب سياسي يجعل من حاجة حزب الله إلى هذه الحرب المكروهة وبالنسبة له ضرورة اذا ما ارتبطت بنتائج سورية وخاصة في الاسباب الجاعلة من النظام السوري كقوة مسيطرة غير متلاشية لأن اي بديل أو تعديل في بنية النظام السوري من شأنه أن يضر بمصالح حزب الله داخل التوازنات السياسية والطائفية في لبنان وبمصالح الحزب الاستراتيجية وخاصة ما ترتبط فيها بواقع المصالح الايرانية.

 

كيف تقرأون حركة الشيخ الأسير في مدنية صيدا ولبنان؟

اعتقد أن حركة الاسير هي نتيجة لطبيعة المناخ السياسي المسيطر في لبنان ونتيجة للاصطفاف المذهبي الحاد ومقولة الطائفة الغالبة والمستقوية وعناوين أخرى منها ما هو داخلي ومنها ما هوخارجي إضافة إلى نتائج الازمة السورية وتفاعل اللبنانيين بجديه اكثر مع الاحداث الجارية هناك فإذا نحن أمام حالة يمكن أن تتطور لتصبح ظاهرة خاصة وأنها قد وجدت لنفسها قضية سياسية من جهة وقضية طائفية من جهة ثانية والسوق السياسي مفتوح على مثل هذه العناوين للكثيرين من الزبائن في لبنان والخارج.

 

في الموضوع الانتخابي كيف تقرأون هذه المعمة الحاصلة حول قانون الانتخابات.

تسعى الطبقة السياسية في لبنان وبشقيها 8و14آذار  إلى إنتاج مشروع انتخابي يلبي مصالح هذه الطبقة بعد أن تعذر الوصول إلى مشروع انتخاب يلبي مصلحة طرف من هذه الطبقة لأن اللعبة الانتخابية مكشوفة على ما يضمره الآذاريون من نوايا انتخابية تحدد سلفاً الفائز في الانتخابات قبل حصولها على ضوء طبيعة وتركيبة المشروع الانتخابي لذا ذهب الجميع إلى ايجاد نوع من التقاسم للسلطة التشريعية بعد أن تعذرت امكانية التوافق على مشروع ينتج أكثرية نيابية لصالح فريقي 8أو 14 آذار.

على ضوء التطورات الامنية المتسارعة هل يمكننا أن نشهد تأجيل للانتخابات بسبب الوضع الامني وهذا مارشح في الصحف خلال اليومين السابقين.

إن التأزمات القائمة والاصطفافات المذهبية والطائفية الحادة وما تمر به سوريا من سخونة سياسية ودموية ميدانية كلها تسهم في جعل الانتخابات في إطار التأجيل خاصة أن الوضع السائد في لبنان يلبي مصالح الطبقة السياسية ويخدم بشكل أو بآخر مصالح الدول المعنية بلبنان.

إنشغلت الاوساط السياسية والاعلامية خلال الاسبوع الماضي بتحرك وإضراب هيئة التنسيق كيف ينظر الاستاذ علي إلى هذه التحركات النقابية؟

بشكل عام إن أي حركة مطلبية في لبنان هي حركة محقة ولكن الاساليب المعتمدة للتعبير عن هذه المطالب المحقة وعناصر الضغط المتوافرة باستمرار لمواجهة الحكومة تصب في كثير منها في مصالح السلطة السياسية التي تحتاج إلى هذه الوسائل لاهية عن أمور دسمة في الحياة السياسية من هنا اعتقد أن لبنان متخم بالازمات والمطالب مفتوحة وتطال كل هياكل مؤسسات الدولة وعملية الترميم لا تحل المشكلة لكنها توسع من الفجوات القائمة في بنية الدولة لذا يجب أن نسعى إلى نهضة وطنية تأخذ بعين الاعتبار تصحيح المسار السياسي في لبنان بتغيير بنية السلطة لاعادة ترتيب هيكل الدولة ومؤسساتها وفق مقاييس سياسية مختلفة عما هي عليه طبعاً هذه مقاربة من حلم طاول النخب السياسية على مدى التجربة المخاضة في هذا المجال.

هل يمكن اجتراح وسائل للتعبير عن المطالب بأساليب لا تؤثر على دراسة الطالب وتحصيله العلمي؟

نثمن جهود الهيئات النقابية في تحركاتها الآخيرة ولكننا ندعوها إلى اجتراح وسائل غير التعطيل بما لا يخدم مصالح الطلاب والمدرسة الرسمية لأن ذلك من شأنه أن يؤسس لخلل بنيوي ما زال يحفر عميقاً بين المدرسة الرسمية والمدرسة الخاصة واعتقد أن من تدهقن في العمل النقابي لا تخلو جعبته من اسلحة سلمية لا تتعارض مع مصالح الطلاب والمدرسة الرسمية والحقوق المشروعة للاساتذة.

كيف يرى الاستاذ علي تورط حزب الله في الازمة السورية؟

أعلن حزب الله بشكل سافر وواضح عن حضوره الطوعي في حيز من الاراضي السورية للدفاع عن لبنانيين يقطنون الاراضي السورية نتيجة تعرضهم لاعتداءات من قبل المسلحين السوريين هذا الوجود المسلح مهما كانت دوافعه المبررة يسهم بشكل أو بآخر في خلق عدوى لدى اللبنانيين المنقسمين في الموضوع السوري الذي يستدعي اطرافاً أخرى للدفاع عن هويات لبنانية ضد النظام السوري وبالتالي هناك أنعكاس فعلي على الوضع الداخلي في لبنان المتفاعل بجدية كبيرة مع الازمة السورية مما يجعل لبنان داخل الجمر السوري وهذا لا يخدم مصلحة اللبنانيين وبالتالي يجعل الموقف الحكومي تجاه الازمة السورية موقفاً محرجاً لها أمام الداخل اللبناني والخارج بكل امتداداته الاقليمية والدولية.

إذا فإن أي تدخل من أي جهة لبنانية في المسألة السورية سياسياً وعسكرياً من شأنه أن يؤدي ويفضي إلى احتراب يقترب من اللبنانيين شيئاً فشيئاً ونتائج ذلك سوف تكون وخيمة على الجميع.

هناك حالة اعتراض شيعي واسع على تورط حزب الله في الحرب السورية كيف ينظر الاستاذ علي إلى ذلك؟

بالتأكيد الشيعة ليسوا حزباً أو اتجاهاً وهم يتعاطون مع الازمة السورية وفق رغبات ومصالح متعددة منها ما هو متصل بموقفي أمل وحزب الله ومنها ما يرى الابتعاد عن الازمة السورية وعدم الدخول في أتونها المحرق برداً وسلاماً للطائفة موضوعة  الشيعية وبإعتبار أن الداعين إلى عدم الدخول في النار السورية هم نخب وحالات غير مؤطرة يستشعر الكثيرون بأن الطائفة موضوعة بالكامل لحساب الثنائيين الشيعيين أمل حزب الله وهي متصلة اتصالاً كاملاً بالازمة السورية تميل كل الميل إلى النظام السوري في حين أن هذه الغلبة تلبي شروط قوى الواقع من جهة وتركيبة النظام السياسي في لبنان من جهة ثانية.

يأخذ الاستاذ علي على المستقلين الشيعة عدم جدّتهم أو عدم قدرتهم على انتاج حالة شيعية خارجة عن إطار الثنائي الشيعي ماذا تقولون في هذا الموضوع.

هناك استحالة في تغيير توازنات القوة في الطائفة الشيعية لاعتبارات عديدة أهمها أن البديل المطروح من قبل نخب وحالات خاصة لا تملك ما تملكه قوى أمل وحزب الله وهي لا يستطيع توفير شبكة مصالح جديدة للشيعة لكي تنقلهم من اصطفاف إلى آخر إضافة إلى أن طريق الاصلاح في البنية السياسية طريق وعر ومحفوف بالمخاطر ولا قدرة لأحد على دفع الثمن المطلوب للبدء بخطوة جدية تجاه تغيير الواقع الشيعي.

واستبدال مصالحه بمصالح اخرى اكثر قرباً من الدولة الوطنية وابتعاداً عن مصالح الدول المتقاطعة معها والمنتمية لها إضافة إلى التغيير يحتاج إلى ظروف داخلية يحتاج ايضاً إلى ظروف خارجية تسهم هي ايضاً في دفع التغيير إلى مواقع متقدمة إلا أن كلا الظرفين الداخلي والخارجي غير متوفرين للشيعة الاصلاحيين الأمر الذي يقوي فرص بقاء قوى الامر الواقع في موقعهم النافذ والمسيطر من هنا نطرح السؤال التالي: إذا كان هذا هو حال الشيعة اليوم فما الجدوى من الاعتراضات الخجولة إذا ما أدت ولعبت أدوار فاعلة في الحياة السياسية للشيعة؟

من هنا نذهب باتجاه الوطنية التي تتسع لمشروع يتجاوز منطق الطائفة وحدود الطائفة ويخرج الجميع من طلفة مواجهة خاسرة مع زعماء الطوائف ويجعل من امكانية الحصد السياسي ممكناً لأن كل مساهمة في تغيير واقع زاروب سياسي أو ممر طائفي يحتاج إلى عمليات جراحية في حين ان الاحتشاد داخل مساحة الوطن تعزز من فرص الوحدة الممزقة لكل شلو طائفي متسلح بعصبية قهرية لا يمكن مواجهتها إلا بعصبية أخرى ولكن هذا ما يجعلك الشبيه المماثل للطرف الذي تختلف معه.

نعم العمل الوطني نجاة لنا من جحيم العمل الطائفي الذي يجعل من رواد الاصلاح مشاريع فتنوية ثارة وعملاء بإمتياز تارة أخرى ويسهل بذلك صيدهم السياسي والامني من هنا ندعو إلى إختراق وطني فعلي للغلاف الطائفي مشروع نهضوي يمثل كل المتضررين من النظام الطائفي في لبنان ومن سياسات الطوائف وأحزابها حتى لا تعيد انتاج التجربة الماضوية لليسار في لبنان وإنما تختبر الواقع السياسي الجديد وتختمر في داخلها التّجربة الوطنية وبكل محولاتها والبناء عليها حتى لا تخفق مجدداً أمام الكثير من المعوقات الدافعة إلى تغيير المسارات السياسية وفق رغبات ، طوائفية كما حصل مع احزاب الحركة الوطنية في سياقها التاريخي. اذا  هناك دعوة للتجديد في الخلايا السياسية للجسم اللبناني كي نتحرر من الامراض الطائفية ونضع لبنان في موقفه الطبيعي كصيغة متقدمة ومنارة عربية وعلامة فارقة يحتاجها العالم العربي لتصحيح مساراته الداخلية لأن التجربة اللبنانية في نجاحاتها تعطي الأمل للعرب في تصحيح اوضاعهم الداخلية بما يتناسب مع تطورات المجتمعات السياسية والحاجة الملحة للدولة المدنية بكل محولاتها حتى نضع حلاً للنظم المستبدة وبمسياتها كافة.