يعرف النائب سليمان فرنجية، أن جانباً أساسياً من الشروط التي كبّلت قانون الانتخاب الجديد، كانت تستهدفه وحده ولا غيره. صحيح أن قيادات تيار المردة تعتبر أن القانون فصّل على مقاس الوزير جبران باسيل ليفوز بمقعد البترون، لكن الهدف من خلف ذلك، هو إلغاء أصوات المردة في ذلك القضاء، وحجب تأثير أصواتهم في كل الدائرة، عبر حصر الصوت التفضيلي في القضاء وليس على أساس الدائرة. ينطلق فرنجية في حساباته من مواجهة حرب إلغاء يتعرض لها. يبدو واثقاً من قدرته التجييرية والتأثيرية في مجريات أم المعارك، التي تضم أربعة أقضية أساسية، هي بشري وزغرتا والبترون والكورة.

للبترون، حساباتها الخاصة بالنسبة إلى الجميع. الأساس الأول فيها، هو التقاء جبهة واسعة معارضة للتيار الوطني الحر، ستعمل على إسقاط الوزير جبران باسيل، رغم الجهود التي بذلها رئيس التيار الوطني الحر لتأمين فوزه. صحيح أن عملية إسقاطه ستكون صعبة، لكنها ممكنة بحسب أكثر من مسؤول في المردة، وسياسي مطّلع في تلك المنطقة. في الدورتين الانتخابيتين السابقتين، دعم تيار المردة باسيل، لكنه لم يفز، وفي الانتخابات المقبلة، سيكون المردة في وجه باسيل لأجل إسقاطه. وهذه بحاجة إلى حسابات دقيقة، لا تتعلق بالتحالفات فحسب، إنما بالرهان على المزاج الشعبي، ولاسيما القواتي في البترون. ورغم التزام القواتيين إلى أقصى حدود الإلتزام، ثمة حسابات أخرى، قد تدفعهم إلى عدم التصويت لمصلحة باسيل.

لن يحصر فرنجية نفسه في هذه الدائرة، سيعرّج على طرابلس، لديه فيها علاقات وحلفاء، سيرشح مسيحياً عن المقعد الماروني هناك، وإذا لم يرشّح سيجير أصواته لمصلحة حلفائه مراهناً على تجيير أصواتهم في دائرة الشمال الثالثة لمصلحته ضد باسيل. لديه أيضاً حساباته الكسروانية، التي تراهن على الاختلاف بين القوات والتيار الوطني الحر. وهذا سيؤدي إلى تشتيت الأصوات بينهما. بالتالي، توفير فرص الفوز لمصلحة اللائحة التي سيدعمها بالتعاون مع فريد هيكل الخازن.

رغم اعتراض المردة على بعض البنود في القانون، لكنه يعتبر أنه إيجابي. ورغم أن فرنجية الذي سيرشح نجله طوني في تلك الدائرة، لن يحصل على المقاعد الثلاثة في زغرتا، بل على مقعدين، فيما الثالث سيؤول إلى ميشال معوض، يراهن على الاستعاضة عنها في قضاء آخر، ولاسيما في الكورة، استناداً إلى التحالف مع القوميين ومع مستقلين. في هذه الدائرة، سيشكل فرنجية مع حلفائه، لائحة مكتملة، تضم عشرة مرشحين، ويراهن على إمكانية تحقيق خرق في بشري، إستناداً إلى أرقام الانتخابات البلدية الأخيرة. ومن خلال الرهان على أي اختلاف عوني قواتي.

بما أن الصوت التفضيلي سيكون على القضاء، وفي حال التحالف مع القوات، سيكون باسيل قادراً على الفوز، لكن على حساب القوات، إذ ينطلق باسيل من عشرة آلاف صوت تفضيلي، استناداً إلى التحالف مع القوات. ما يعني تنازل القوات عن مرشحها لمصلحة باسيل، باعتبار أن النائب بطرس حرب لا يمكن أن يرسب. وهذا إذا ما حصل سيرتب ثمناً كبيراً على جبران دفعه لجعجع في مناطق أخرى. ولكن هذا أيضاً سيكون خطراً على النائب ستريدا جعجع، لأن باسيل سيحصل على أكثر عدد من الأصوات التفضيلية، 10 آلاف صوت مسيحي في البترون بالإضافة إلى الأصوات السنة. بالتالي، في حسابات الأصوات التفضيلية سيتقدم باسيل على جعجع، التي تنطلق من 8 آلاف صوت، لأن للقوات في بشري نحو 15 ألف صوت، يجب توزيعها على المرشحين ليستطيعا تخطي العتبة. وتقسيم تلك الأصوات يعني حصول جعجع والمرشح الآخر على أقل من الأصوات التي سيحصل عليها باسيل. هذه الحسابات ستؤدي لأن تحل ستريدا في آخر الحاصلين على أصوات تفضيلية. وهناك خطر عليها في الحصول على مقعد.

في المقابل هناك من يعتبر أن هذه الدائرة تحوي نحو 100 ألف صوت، وهو قادر على تأمين العتبة. قضاء البترون يضم نحو 27 ألف صوت، لدى باسيل قدرة تجييرية بدون أي تحالف، عشرة آلاف صوت، فيما لدى القوات 6 آلاف صوت، وبطرس حرب 8 آلاف صوت، ولدى الكتائب ألفا صوت، المستقبل 1500 صوت، والمردة نحو ألفين، والقوميون والشيوعيين نحو ألف صوت. وإذا ما صوت المردة لمصلحة حرب وكذلك فعل القوميون الذين سيتحالفون معه في الكورة، يعني أنه قد أمن فوزه، فيما المستقبل سيصوت لباسيل، الذي سيفوز أيضاً مقابل خسارة مرشّح القوات. وهذا ما تريد القوات تعويضه في دوائر أخرى على حساب التيار.

هذا في حال جرت الانتخابات بين لائحتين، الأولى مدعومة من القوات والتيار والثانية مدعومة من المردة وحرب وحلفاء. أما في حال خلاف التيار والقوات أو الإفتراق بناء على حسابات انتخابية، فسيكون هناك ثلاث لوائح، أو أربع إذا ما شكّل الكتائب مع المجتمع المدني لائحة. وبهذه الحالة فإن الأصوات ستتشتت، وإمكانية الخرق ستصبح أكبر. الثقل الأساسي للتيار الوطني الحر هو في البترون، أما في الأقضية الأخرى، فإن الثقل يميل لمصلحة القوات والمردة وحلفاء فرنجية. وفي هذه الحالة، سيكون باسيل بحاجة إلى 30% لتأمين التنافس على المقعد الأخير من الموارنة. بمعنى أن الدائرة تحوي 10 نواب، 3 روم و7 موارنة، سيكون مرشحو القوات، فرنجية، وحرب بالإضافة إلى ميشال معوض هم الأوائل، فيما باسيل سينافس على المقعد الأخير من السبعة ليؤمن فوزه. وهذا سيرتبط بمزاج الناخبين.