تنفّس اللبنانيون الصعداء مع تجاوز قطوع التمديد لمجلس النواب، وتجنب الوقوع في «شرّ» الفراغ مرّة أخرى، لأن الفراغ في السلطة التشريعية سيكون أشد فتكاً، وأكبر خطراً من الشغور الرئاسي، الذي دام سنتين ونصف السنة، وعرّض الدولة ومؤسساتها الدستورية والإدارات العامة، لاهتزازات متكررة!

ورغم ارتباط التمديد للمجلس النيابي بإقرار قانون الانتخاب الجديد في مجلس الوزراء، ثم في مجلس النواب، إلا أنه من الصعب القول أن لبنان تجاوز «قطوع» قانون الانتخاب، الذي طالت الخلافات والسجالات حوله، وانتهى الأمر بهذه الصيغة المتناقضة والغامضة لقانون النسبية، الذي جمعت مواده من النصوص المبهمة، والبنود المعقدة، ما عجز أساطين القانون والدستور من الوزراء والنواب، الحاليين والسابقين، على فهمها، أو إدراك طريقة تطبيقها، وعلى الأقل، معرفة السبيل الى آلية تنفيذها.

وليس سراً القول، أن بين الوزراء من وافق على مشروع القانون من دون أن تتاح له القراءة اللازمة لبنوده، كما أن بين النواب من التزم بقرار كتلته التصويت لصالح مشروع القانون من دون أن يتمكن من الاطلاع أو قراءة بنوده، لأن الفترة الزمنية الداهمة بين تحويل المشروع من مجلس الوزراء، والتصويت عليه في ساحة النجمة، كانت تقاس بالساعات، وغير كافية للإلمام بتفاصيل قانون على هذا القدر من التعقيد والتناقض!

لن نخوض في تفاصيل ما احتواه القانون من تناقضات، بالنسبة لعدم المساواة وبالنسبة للصوت التفضيلي الذي ورد على مستوى القضاء في دائرة البترون، الكورة، بشري وغيرها، وجاء على مستوى الدائرة في قضاءي بعلبك – الهرمل، مثلاً!

ولن نعود إلى التعقيدات في تظهير الحاصل الانتخابي بين الدوائر، والذي تمّ تفصيله على قياس أحزاب معينة ومرشحين محددين، لأن المسألة الأهم اليوم تتمحور حول الإمكانية الفعلية لإجراء الانتخابات في أيار العام المقبل بأحكام وبنود هذا القانون العجائبي!

مواقف أهل الخبرة في القوانين والانتخابات تشكك في إمكانية إجراء الانتخابات بموجب هذا القانون، إذا لم تتم «تنقيته» من العورات والشوائب التي شوّهت مفهوم النسبية، وأفسحت المجال واسعاً لتفسيرات متناقضة للعديد من بنوده.

ويرى خبراء قانونيون أن الفترة الزمنية الفاصلة عن موعد الانتخابات، تسمح بإجراء المناقشات اللازمة لتصحيح بعض البنود، سواء في ندوات متخصصة، أم في مجلس النواب، بناء لاقتراح عدد من النواب باسترداد القانون.

وثمة من يحذر بأن الإبقاء على النصوص الحالية، بكل الأثقال والتعقيدات، قد يؤدي إلى تأجيل التطبيق في الانتخابات المقبلة، مما يعني العودة إلى الوراء مرّة أخرى، واستسهال العمل بقانون الستين من جديد، إنقاذاً للبلد من الوقوع في دوّامة الخلافات حول قانون الانتخابات، والوصول إلى شفير الفراغ الدستوري في السلطة التشريعية!

العودة عن الخطأ في هذا القانون الهجين يبقى فضيلة.. ولكن الإصرار على سياسة المكابرة وتجاهل الأخطاء، وتجاوز النصوص الدستورية الواضحة، يتحوّل إلى خطيئة يدفع الجميع أثمانها الغالية!