هي ذاتها الحجارة والأيادي التي ترمي الجمرات على شياطين السياسة في لبنان وهي ذاتها الأصوات المخنوقة والحنجرة المُدماة والتي ما برحت صداها في واد غير مسموع كونها تخاطب منطقاً مفقوداً ووعياً مستقيلاً من وظيفته ومهامه ومسؤولاً لا حسّ في مسؤوليته وهو مجرد زبون سلعة سياسية في سوق طائفي يعمل الجميع فيه لحساب زعماء من صنع الآلهة .
مرة جديدة يهتف شباب ضدّ الفساد السياسي ومرّة جديدة تجيبهم العصا الغليظة كونهم يهتفون بكراهية غير منقطعة لكل شيء ويكفرون بكل شيء ولا يرون شيئًا في لبنان جميلاً كجمال ما تبقى من طبيعته الخلابة ورغم تشويه صورته السياسية وبيئته الطبيعية بعد أن تمت مصادرة كل شيء لصالح السكوت العام الا ما يريده الحزب القائد والتيّار الصاعد والزعيم الأوحد من صوت محسوب الأنفاس عند كل منعطف خطر أو مرحلة متحدية للقوى المسيطرة والا ما تخدم به الجماهير وتًلبي فيه نداءات الأرباب التي عبدوها دون الله .
 رغم أن المعارضة ماتت في لبنان ولم يبق منها الا ذكريات مؤلمة تبدو حالات الاعتراض المداومة على رفض سياسات السلطة مصدر قلق على مستقبل ينتظر ولادة معارضة بحجم الظروف التاريخية التي تهيء لها نهضتها كونها منفلتة من عقال الانفعال وتتحرك وفق رغبات اللحظة الراهنة وبأشكال لم تعد ساحة الشباك مع الخصم السلطوي كون أدوات الخلاف قد تغيرت و أمست وسائلها أكثر أمناً و أكثر مسؤولية وهي تستدعي خطاباً عقلانياً لا انفعالياً يطيح بها كما تمّ الاطاحة من قبل بحشود الاعتراض على النفايات بكل أشكالها ومظاهرها . دائما ما تفاجؤنا رغبة البعض و إن كانت قاتلة في مغالبة التحدي القاهرودائماً ما يبرز في لبنان طرف غير قابل للسكوت طالما أن الواجب الوطني يستدعيه للوقوف بوجه الظالم الطائفي في محاولة منه لاستدعاء المزيد من عناصر المواجهة في نزال غير متوازن مع جهات نافذة وقادرة على كل شيء بواسطة جماهير تتملكها الرغبة الجامحة للإنتقام من رأي مخالف وحركة محتجة على صنم تعبده هنا أو هناك . 
 أحوج ما نحتاج اليها هو الفرجة على خراب البصرة لا الموت من أجل الخراب الذي تمّ لأن الحيوية المعترضة في الشارع ستُحمس من حالة هذه الجماهير الطائفية والتي تبحث عن خصم حتى و إن كان بحجم الفراغ لتنفس عن إحتباساتها الداخلية والمشحونة بأبر حزبية تضغط عليها لتفريغ سمومها في وجه من يقول لا للبنان المحاصص من قبل شركات طائفية والمُباع لصالح مستثمرين في الخارج من قبل قوى الداخل . في زمن الصوم السياسي ثمّة مُفطرون يُرهقون أنفسهم دون جدوى في مواجهة مشرعي الصوم في لبنان ويحاولون البحث عن أشياء مفقودة وغير متوفرة ولا امكانية لوجودها طالما أن الوعي اللبناني وعياً طائفياً لا وطنياً وهذا ما سيهدم محاولات البحث عن ما هو مفقود في التجربة اللبنانية .