لم تدم كثيراً تدابير أبي فاعور وزير الصحة السابق وانتهت معه مسرحية الصحة في لبنان بعد أن شغل الناس بأمراضهم اليومية وسقطت السلع تحت سقف المواصفات الصحية وتوقفت مشاهد العروض اليومية للأطعمة والمشروبات الفاسدة والمُضرة والغياب الكلي للأهلية والنظافة الصحية وفقدان دفاتر الشروط المطلوبة تجارياً وسياحياً لمؤسسات صغيرة وكبيرة تُتقن فن التشليح للمال دون تقديم أي خدمة صحية وهذا ما ثبُت في المأكولات والأطعمة وفي الأشربة وفي السلع الغذائية واللحومات الفاسدة أو المُفسدة في المطعام والأفران والملاحم والتعاونيات ومحطات تكرير المياه أو ما اصطلح على تسميتها بالمياه المعدية الغير خاضعة لأي مراقبة مهنية أو ضميرية تُذكر.

إقرأ أيضًا: من يواجه بري يصبح زعيمًا (حزب الله – التيّار الحرّ ) نموذجًا
حرّك وائل أبو فاعور عجلة الصحة بعد ركود مزمن ومسن وبات الجميع يسهر على توضيب نفسه صحياً مخافة من الرقابة والتفتيش الصحي لخبراء الوزارة بعد أن أغلقوا بالشمع أو بالمنع المعنوي أمكنة تعج بالفوضى والمشاكل الصحية حتى المواطن نفسه أصبح مسؤولاً مباشراً عن تنقية مصادر غذائه بعد أن عاث وعاش إهمالاً في ما يدخل الى جوفه نتيجة فقر ثقافي واعتياد اجتماعي وغياب الترشيد الصحي وتقاعس الأجهزة المختصة عن القيام بدورها المسؤول وترك الأمور على علاتها وبأيدي تجار بلا رحمة وبلا ضمير وغير مهتمين بالقوانين والاجراءات لأن هناك من يوفر لهم الحماية المطلوبة في تجاوزهم لتدابير مؤسسات الدولة.
لأن شهر رمضان شهر الطعام وفيه يتبين حجم وكارثة الجوع لدى الصائمين وغير الصائمين الذين ينتشرون كالجراد في الملاحم و الأفران وصالات الحلويات ومحلات الخضار والفاكهة في مشهد شبيه بمشاهد يوم القيامة وفيه تتعرض حياة الناس للخطر نتيجة لغياب المسؤولية الصحية وفقدان التوازن في ميزان الرقابة لصالح كفة الفساد الصحي فلا رقيب للحوم المعروضة في الشوارع وقد عبثت به أغبرة السيارات والطرقات وأنفاس الناس ولا اللاحامين الذين لا يرتدون ما توجبه وزارة الصحة وطبيعة المهنة حتى لا يطال سُم الأيادي ما تُصنعه من مآكل وهذا الأمر ينطبق على الأفران التي تعجن بماء غير مفلتر وتبيع جُبناً مملوءً بالبكتيريا المُضرة وهذا ما أدى في الجنوب الى حالات تسمم لشباب ذهبوا كيّ يتسحروا مناقيش بالجبن في منطقة النبطية.

إقرأ أيضًا: مرحبًا بقطر في الهلال الشيعي
لا شيء يبعث على الطمأنينة في السلامة الصحية طالما أن الأمور متروكة والمعنين نيام ووحده مال الفاجر والفاسد يأكل بالبلاد والعباد دون حسيب أو رقيب فلا وزارة مختصة ولا بلديات محلية ولا شبكات اجتماعية ولا مؤسسات صحية كلها عناوين صائمة طول السنة وهي تُسهل من خلال صومها وامتناعها عن متابعة مسؤليتها حالة المرض الصحي الذي يوفر للمستشفيات زبائن مداومين وبعلل ومشاكل متعددة بحيث أن الناس طوابير على أبواب المستشفيات والعيادات ويكاد أن لا يخلو بيتاً من مرض مستعص فيه نتيجة إهمال في الصحة والسلامة العامة.
حبذا لو يستفيق المعنيون من كرى الاهمال لمواجهة من هو أخطر وأفتك من خطر الأعداء الذين نصرف على مقاومتهم أموالاً ودماءً بالأطنان في حين أن عدو الجسم السليم لا نصرف عليه شيئًا ولا نهتم لمخاطر عدوانه الأشرس والأصعب من الأعداء البشر.