ضاع تفاؤل قانون الانتخاب في دهاليز التفاصيل والحسابات السياسية والنكايات مجدداً. لكن الاجتماع الأخير الذي عُقد في بيت الوسط، يكاد يكون من أكثر اللقاءات التي تشهد اتفاقاً بين المشاركين ضد خطوات باسيل وطروحاته. فالتوافق بين القوات اللبنانية وحزب الله وحركة أمل، كاد يصل إلى حدود اليقين بأن باسيل يهدف إلى عرقلة إقرار القانون الجديد. الأمر الذي دفع بالطرفين إلى توجيه سؤال له إذا ما كان لديه مشكلة مع القانون، إلا أنه أكد عكس ذلك، إنما يطالب بتصحيح التمثيل.

بعدما حلّت مسألة الصوت التفضيلي بأن يصبح على القضاء، وبعدما تمّ تخطي احتساب هذا الصوت على أساس طائفي، عاد باسيل وأخرج من جعبته مطالب جديدة، وضعها في إطار الضوابط. وهذا ما دفع بأحد المشاركين في الاجتماعات إلى وصف تصرّفات باسيل وكأنه يلعب "اليويو". انتقل باسيل من مسالة الصوت التفضيلي إلى المطالبة بتخصيص دوائر انتخابية في الخارج للمغتربين، وطرح سؤال إذا ما ستكون هذه الدوائر مخصصة على أساس طائفي. لم يستوعب أحد المقصد بتخصيصها على أساس طائفي، لكن وبما أن هذا الخيار استُبعد في النقاش، لم يطلب أحد الاستفاهم عن هذه النقطة، على قاعدة لدى الوصول إليها يجري النقاش فيها.

يشير أحد المشاركين في الاجتماعات لـ"المدن" إلى أن هناك شعوراً تولّد لدى الجميع، بأن لدى باسيل أهدافاً خفية من وراء طروحاته. وهي تعيد التذكير بما قاله يوم إعلان الإتفاق من قصر بعبدا، لافتة إلى أنه قال حينها: "أمامنا مزيد من الوقت والجهد والعمل لإعلان التوافق". وتستغرب الشخصية خروج باسيل يومياً بطروحات جديدة، ومطالب جديدة لا علاقة لها بالنسبية أو بصحة التمثيل. "فما إن نتفق على عدد من النقاط حتى يطرح باسيل مجدداً نقاطاً أخرى، تعرقل التوافق أو تؤخّره".

ولدى سؤال الشخصية عن هذه المطالب أو الأسباب التي توضع في خانة التأخير، تجيب بأن وزير الخارجية أصرّ مثلاً على أن يخرج إعلان التسوية السياسية بكاملها من بعبدا، ليظهر وكأنه إنتصار للعهد. وهذا استدعى ردّاً من الوزير علي حسن خليل الذي اعتبر أن هناك مؤسسات وقواعد قانونية ودستورية لا يمكن تخطّيها، ومسؤولية إقرار القانون وإنجازه تقع على عاتق الحكومة بداية ومجلس النواب فيما بعد، معتبراً أنه يجب الإلتزام بهذه الأصول. وتضيف أن خليل عرض إمكانية عقد اجتماع في بعبدا لمناقشة هذا التوافق بين المعنيين. أما إعلانه فيكون في المؤسسات الدستورية.

وتلفت مصادر أخرى لـ"المدن" إلى أن باسيل أبدى امتعاضاً ووجه سؤالاً عن سبب عقد الاجتماعات في بيت الوسط، ولماذا لا يتوجه المجتمعون إلى منزله هو في اللقلوق، وطرح سؤالاً عن السبب الذي يمنع الوزير خليل من زيارته في منزله للبحث في قانون الانتخاب. هذا الأمر تعزوه مصادر إلى حسابات شخصية لدى باسيل، وبأنه يريد تسجيل إنتصار معنوي لنفسه وبأن الإتفاق خرج من منزله. رغم أنه سيطلق عليه قانون عدوان.

إشكالية أخرى طرحها باسيل في الاجتماع، وهي عن سبب استجابة الرئيس نبيه بري إلى مطلب نقل مقعد الأقليات في بيروت من الدائرة الثالثة إلى الدائرة الأولى، بناء على طلب عدوان، فيما لم يستجب لذلك بناء لطلبه هو في السابق. علماً أنه كان قد اتفق على هذه المسألة مع تيار المستقبل. وتلفت المصادر إلى أن سؤال باسيل هذا يؤشر إلى استمرار الكيدية بينه وبين برّي. وتعتبر المصادر أن باسيل عاد وألمح إلى احتمال طلب نقل المقعد الماروني من طرابلس إلى البترون، بهدف تأمين فرصة فوزه بشكل مؤكد.

في تقنيات القانون، تركّزت مطالب باسيل الجديدة حول كيفية احتساب الربح، وتحديد عتبة الفوز لكل مرشّح. وتكشف المصادر عن أن الجميع توجه إلى باسيل بأسئلة إذا ما كان وضع هذه الشروط ينطوي على رغبة بالعودة إلى قانون الستين. لكن الجواب كان بالنفي القاطع، وبأن لا أحد يريد العودة إلى قانون الستين. وسط هذه الأجواء ردّ رئيس مجلس النواب على اتهامات باسيل بأنه تراجع عن مسألة مجلس الشيوخ، ذكّر بري، في لقاء الأربعاء، بأنه كان أول من طرح إنشاء مجلس شيوخ لتمثيل الطوائف مقابل إلغاء الطائفية السياسية، وانتخاب مجلس نواب على أساس لا طائفي في العام 2011، وخلال لقاء البطريرك بشارة الراعي في روما، وعلى طاولة الحوار في بعبدا في عهد الرئيس ميشال سليمان، وعلى طاولة حوار عين التينة. لكنه عاد وسحبه من التداول، بعد الإصرار على التمسّك بالطائفية، وبعدما رفض التيار الوطني الحر الإتفاق على سلّة كاملة قبل اجراء الانتخابات الرئاسية.

في المقابل، وصفت مصادر متابعة أن ما يفعله باسيل لن يؤخر ولادة القانون الجديد، معتبرة أن القانون سيبصر النور قبل العشرين من حزيران، أما في حال عدم إنجازه، فهناك خياران أمام مجلس النواب، إما اقرار تمديد تقني والعودة إلى الستين، أو إقرار هذا القانون كما هو بدون الإتفاق عليه داخل الحكومة.