يصف مطّلعون على نقاشات اللحظة الأخيرة حول قانون الانتخاب المرحلة بأنها «مرحلة الدلع» التي تسبق الولادة.
 

الدلع المقصود هو الدلع العوني الذي يؤخر الاتفاق على تفاصيل القانون، بدافع الرغبة في تحقيق إنجازات تستعيد صفة أبوّة القانون، بعد تنازع على أبوّة المولود بين طرفين، في حين لا يمكن المخاطرة في إجراء فحوص الـ»دي. إن. إي» الحقيقية، لأنّ ذلك سيقود الى معرفة الأب الحقيقي، وهو طرف ثالث من خارج نادي المتنازعين على الأبوّة.

الدلع العوني المتمثل بمطالب الوزير جبران باسيل، يبدو أنه بات محاصراً، حتى من الحلفاء. فالرئيس سعد الحريري الذي يرعى الجهود الاخيرة لولادة القانون، لا يتضامن مع باسيل إلّا من حيث الشكل، والحريري وافق فعلاً على القانون من دون الضوابط التي يطرحها باسيل، لكنه لا يريد أن يفرّط بعلاقته برئيس الجمهورية وباسيل، خشية انعكاس ذلك على عمل الحكومة.

أما «القوات اللبنانية»، فتضامنها مع باسيل في «دلعه» الاخير هو تضامن بارد يفتقد الى الحماسة، لا بل إنّ هذا التضامن ينقلب في الاجتماعات المغلقة الى نوع من الحض على الإسراع في إقرار القانون، وتجاوز هذه المطالب التي لا أهمية لها في تعديل نتائج الانتخابات.

عملياً يمكن القول إنّ سلة باسيل لن يبقى منها كثير، ومطالبه تسقط الواحد تلو الآخر، كلما اقترب موعد جلسة الحكومة اليوم، التي إذا ما خلا اجتماعها من بند قانون الانتخاب، فستكون هناك فرصة اخيرة لاجتماع آخر، قبل جلسة 12 حزيران النيابية، التي باتت خطاً احمر زمنياً، لجميع الأطراف باستثناء «التيار الوطني الحر»، لكي يقرّ قانون الانتخاب.

وتتكلم الصورة الآن عن الوضع الآتي: في حال حصل اتفاق كامل ستكون جلسة اليوم، جلسة إقرار قانون الانتخاب، لكي يُحال الى المجلس النيابي لإقراره، أما إذا لم يتم الاتفاق، فستذهب الامور فوراً الى جلسة 12 حزيران، حيث سيطرح التصويت على مشروع قانون معجّل مكرّر، وستصبح الكتل النيابية في حل من الالتزام بالتضامن مع «التيار الوطني»، وأوّل هؤلاء «القوات اللبنانية» التي أعطت اشارات واضحة الى نيّتها المشاركة في جلسة 12 حزيران (إذا تعذّر الاتفاق على إقرار القانون في الحكومة) حتى ولو استمر «دلع باسيل».

أما الحريري، فهو مُحرَج من الاستمرار في دعم باسيل، خصوصاً أنّ هذا الدعم سيؤدّي الى استقالة الحكومة من دورها في إقرار القانون، وهذا ما يخشاه الحريري، بحيث يتولّى المجلس النيابي إقراره، وفي هذه النقطة نصحت «القوات اللبنانية» الحريري بوضع مشروع القانون على جدول أعمال الجلسة، والتصويت على تفاصيله، التي لا يُفترض أن تعوق ولادته.

هذه التفاصيل التي يُراد لها أن لا تكون عائقاً في وجه ولادة القانون، مهمة جداً بالنسبة الى الترويج العوني الذي يقول إنّ القانون كما هو لا يكفي لاستعادة الحقوق، في حين يسجَّل إجماع داخل القوى المشارِكة في صنع القانون، على سقوط مطالب باسيل، بدءاً من مطلب انتخاب العسكريين، وصولاً الى مطلب تخصيص مقاعد للمغتربين، انتهاءً بالصوت التفضيلي الطائفي الذي رُفِض، هذا فيما انتقلت «القوات اللبنانية» الى تأييد وضع الصوت التفضيلي على مستوى الدائرة لا القضاء.

أما في ما يتعلق بتثبيت المناصفة دستورياً، فهذا المطلب لا يزال على الطاولة، لكنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي طرحه من ضمن سلّته التي تشمل إنشاء مجلس للشيوخ عاد وتراجع عنه، لعدم الضرورة، في اعتبار أنّ هناك تسليماً بالمناصفة لدى الجميع، وهذا المطلب أيضاً، قد يتمّ تجاوزه، بموافقة مسيحية، للذهاب مباشرة نحو تحقيق هدف ولادة قانون جديد، أي القانون النسبي، الذي ينقل لبنان الى مرحلة مختلفة وجديدة.