معركة جديدة على خط النسبية تبدأ من تعديل الدستور ولا تنته برئاسة المجلس النيابي بعد الإنتخابات
 

منذ إفطار بعبدا الأخير سادت البلاد أجواء إيجابية لناحية القبول ب " صفقة " قانون الإنتخابات على أساس نسبي كامل موزع على 15 دائرة.
قال حينها الدكتور سمير جعجع أن الإختلاف هو فقط على 5% يمكن تسويتها لاحقا لكن تبين أن ال 5% تشتمل على شروط جديدة تقدم بها التيار الوطني الحر ويطالب من خلالها بتعديل بعض مواد الدستور.

إقرأ أيضا : خلاف الحريري - جنبلاط عالمكشوف... إتهامات متبادلة بالفساد والإفلاس

شروط التيار:

جملة من الشروط يطالب بها التيار الوطني الحر وتوافق على بعضها القوات اللبنانية.
من الصوت التفضيلي إلى عتبة النجاح وصولا إلى مطالبات بتعديل بعض مواد الدستور .
فالتيار يطالب بصوت تفضيلي على مستوى القضاء لا الدائرة  ( الدائرة تضم أكثر من قضاء ) ويشترط السماح بتصويت السلك العسكري وإقترح توزيع ال 20 نائب الذين تمت إضافتهم بعد إتفاق الطائف على المغتربين والكوتا النسائية واللاطائفيين.

إقرأ أيضا : حرب صلاحيات بين عين التينة وبعبدا
أضف إلى هذا، فإن عتبة النجاح أو عتبة التمثيل  والتي كان يريدها التيار أن تكون 10%، تم الإتفاق على أن يكون الحاصل الإنتخابي هو المعيار  أي قسمة عدد الناخبين على عدد مقاعد الدائرة وهي نقطة تم الإتفاق عليها حتى الآن لكن هناك من يشير إلى وجود خلافات حول الموضوع لجهة آلية إحتساب النتيجة.
وكمثال على الحاصل الإنتخابي فلو أخذنا مثلا دائرة بيروت الأولى مثالا (سأستعين بأرقام غير دقيقة ومغلوطة لكن فقط لتقريب الفكرة) ولو إعتبرنا أن عدد الناخبين فيها هو 80000 وعدد المقاعد 4 فنقسم 80000 على 4 ويصبح الحاصل يساوي 20000 وبالتالي أي مرشح سيكون بحاجة إلى 20000 للفوز بمقعد على اللائحة.
أما الأفكار الأخرى فتراوحت بين 10% على مستوى الدائرة أي 10% من أصوات الناخبين أو  5% من أصواتهم وبين ما كان قد إقترحه تيار المستقبل حول 10% على المستوى الوطني على أساس الدائرة والذي وصفه البعض على أنه محاولة لعودة المحادل كونه سيقصي الأحزاب الصغيرة أو يربط تمثيلها بأن تكون مع إئتلاف.
وكانت هناك أفكار حول عتبة نجاح تعادل ال 20%.
والتيار يرى بأنه كلما صغرت نسبة العتبة كلما ساهم في تخفيض تأثير الصوت المسلم في إيصال نواب مسيحيين لكنه بالوقت عينه يبحث عن عتبة لا تسمح للقوى المسيحية الأخرى كالمردة والكتائب والمستقلين بأن يصلوا من خلالها.
لذلك لا يوجد شيء حتى الآن نهائي ولا زال البحث جاريا في طريقة الفرز وكيفية إحتساب الصوت التفضيلي.

إقرأ أيضا : العونيون يتمنون رؤية بري رئيسا سابقا ولو لساعة !

 

تعديل بعض مواد الدستور:

أما الشروط الأخرى فهي تعديل بعض مواد الدستور لجهة تثبيت المناصفة وتعديل المواد المتعلقة بإلغاء الطائفية السياسية.
وقد إستغربت العديد من القوى هذه الشروط المستجدة كون الدستور ينص على المناصفة فالمادة 24 (المعدلة بالقانون الدستوري الصادر في 17/10/1927 وبالقرار129 تاريخ 18/3/1943 و بالقانون الدستوري الصادر في 21/1/1947 وبالقانون الدستوري الصادر في 21/9/1990) تقول :
" يتألف مجلس النواب من نواب منتخبين يكون عددهم وكيفية انتخابهم وفقاً لقوانين الانتخاب المرعية الاجراء.
 والى أن يضع مجلس النواب قانون انتخاب خارج القيد الطائفي، توزع المقاعد النيابية وفقاً للقواعد الآتية:
 أ - بالتساوي بين المسيحيين والمسلمين.
 ب - نسبياً بين طوائف كل من الفئتين.
 ج - نسبياً بين المناطق.
 وبصورة استثنائية، ولو لمرة واحدة، تملأ بالتعيين دفعة واحدة وبأكثرية الثلثين من قبل حكومة الوفاق الوطني، المقاعد النيابية الشاغرة بتاريخ نشر هذا القانون والمقاعد التي تستحدث في قانون الانتخاب، تطبيقاً للتساوي بين المسيحيين والمسلمين، وفقاً لوثيقة الوفاق الوطني. ويحدد قانون الانتخاب دقائق تطبيق هذه المادة." 
وتلحظ وثيقة الوفاق الوطني هذا الأمر في باب الإصلاحات السياسية في الفقرة " أ " تحت عنوان مجلس النواب في البنود 5 و 6 والفقرة "ز" تحت عنوان إلغاء الطائفية السياسية.
لكن ما يريده التيار هو تثبيت بشكل أكثر وضوحا لهذه المناصفة كشرط متكامل مع القبول بالنسبية.
لم تنته مطالبات التيار بتعديل الدستور عند هذا الحد بل طالب بتعديل المواد المتعلقة بإلغاء الطائفية السياسية وإنشاء مجلس شيوخ طائفي.
ويقصد التيار الفقرة " ح " من مقدمة الدستور والمادة 22 التي تنص على إنشاء مجلس للشيوخ مترافقا مع قيام أول مجلس نيابي غير طائفي.
أيضا الفقرة " ز " من وثيقة الوفاق الوطني تحت عنوان إلغاء الطائفية السياسية والبنود 5 و 7 من فقرة " أ " تحت عنوان مجلس النواب في باب الإصلاحات السياسية مع المطالبة بإقرار اللامركزية الإدارية.

إقرأ أيضا : نسبية مشوهة ... من طرح إصلاحي وطني إلى طرح على قياس مصالح الطبقة السياسية

 

 

ماذا تعني هذه التعديلات؟

يريد التيار الوطني الحر من خلال هذه المطالبات كسب الفرصة المتاحة حاليا لتعديل النظام اللبناني وجعله أكثر طائفية كون الفكرة تخدمه من ناحية تأمين " حقوق المسيحيين ".
وهو بالتالي ينسف فكرة قيام دولة مدنية في المستقبل ويقضي على أي أمل بذلك ويربط حقوق المسيحيين بترسخ الطائفية السياسية في الدستور والنظام.
هذه القراءة يراها البعض منطقية لناحية هواجس المسيحيين في ظل المتغيرات  الديمغرافية،  فوحده النص بحسبهم من سيحافظ على مكتسبات المسيحيين حاليا وفي المستقبل.

إقرأ أيضا : النسبية التي يريدها التيار الوطني الحر!
لكن آخرون يرون بالأمر مخاطرة كبيرة قد تفتح نقاشا واسعا على إحتمالات قيام مؤتمر تأسيسي يقلب النظام كله ويغيره، خصوصا في ظل غياب أي توازن للقوى بين المكونات اللبنانية.
ويضيف هذا البعض أن مطالبات المسيحيين ستنسف المناصفة " مسلمون ومسيحيون "  وستؤدي إلى المثالثة " موارنة وشيعة وسنة " وهذه ستكون خسارة للمسيحيين " ثلثان للمسلمين وثلث للمسيحيين "، وهي أيضا مطالبة غير مضمونة لجهة أن تستنفر طوائف أخرى في لبنان لتطالب بما يطالب به المسيحيين وبالتالي ندخل بالمجهول.
لكن قراءة أخرى للموضوع ترى الأمر أنه مجرد شد حبال لكسب أوراق إضافية في قانون النسبية على أساس ال 15 دائرة لناحية الصوت التفضيلي وعتبة النجاح، وهي أيضا مرتبطة بمعادلات أخرى قد تبدأ بالتحالفات الإنتخابية والتقارب بين تيار المستقبل والوطني الحر ولا تنته فقط عند معركة رئاسة المجلس النيابي وإضعاف جنبلاط وأمنية العونيين في رؤية الرئيس نبيه بري خارج ولايته الدستورية.