«مِتل الفِرنينة». يَصعب اختصار ذروة الحركة التي تشهدها وزارة التربية والتعليم العالي قبل ساعات من انطلاق قطار الامتحانات الرسمية. المبنى بطبقاته الـ 15 يغلي، كذلك حال الموظفين الذين يجدون في الامتحانات اختباراً لهم، لجهوزيتهم وحسنِ إعدادهم، قبل أن تكون امتحاناً للتلاميذ.
 

ينطلق اليوم قطار الامتحانات الرسمية بمرحلته الأولى مع مرشّحي الشهادة المتوسطة الذين بلغ عددهم 59 ألف و252 تلميذاً، الذين سيُمتحَنون في مادتَي الجغرافيا والرياضيات، موزّعين على 314 مركزاً، بينها 51 مركزاً تتضمّن غرفة للتلامذة ذوي الحاجات الخاصة، إلى جانب مراكز أساسية لهم ومستشفيَين ومركز لسرطان الأطفال.

التغيير تدريجي

بين المحافظة على مستوى الشهادة اللبنانية واتّباع نماذج جديدة من الأسئلة في المسابقات، تتّسع هواجس المرشّحين وتتعدّد مخاوفهم، منها: هل سيكون الوقت كافياً للإجابة على الأسئلة كافّة؟ كم نسبة التغيّرات في المسابقات؟

في هذا الإطار يُعرب وزير التربية والتعليم العالي مروان حماده في حديث لـ«الجمهورية»، عن اطمئنانه لانطلاق الامتحانات، قائلاً: «ستسير بشكل «سلِس» جداً، من دون أيّ عقبة، وأنا مطمئنّ للتحضيرات التي سبَقتها، لذا أتمنّى أن تعكس النتائج مستوى الشهادة اللبنانية وتحسُّنَها».

ولا يُخفي حماده «أنه يعوّل كثيراً على «استعداد الطالب اللبناني وعلى جهوزية الطاقم العامل، للتدرّج في التغيير بالمنهج اللبناني، الذي لا مفرّ منه في السنوات المقبلة».

ويضيف: «العملية الانتقالية لن تتمّ بشكل مفاجئ، أو بشكل إنزال، إنّما بطريقة تدريجية ومستدامة، لتتمكّن من نقلِ لبنان إلى المدرسة الحديثة، حيث يحتلّ الحيّز الرقمي الأساس فيها، على نحو يبقى لبنان بلد الإبداع».

ولم يُنكر حماده أنّ «الامتحانات بمثابة اختبار للمركز التربوي، لوزارة التربية، للأساتذة، وأنّ الجميع سيتدرّبون لإدخال التعديلات»، مشيراً إلى وجود «هبات من البنك الدولي، مخصّصةٍ هذه المرّة لرفعِ مستوى التعليم اللبناني وتحديثِه».

الأسئلة من المنهج

وتَوجَّه حماده إلى الطلّاب قائلاً: «كلّ الاستعدادات التربوية واللوجستية والفنّية والأمنية أصبحت منجَزة لإجراء الامتحانات في الداخل والخارج، وأذكر أنّني كنتُ في مكان المرشّحين وكنّا نتهيّب الامتحانات الرسمية، ولكن في النتيجة فإنّ الأمور تكون بسيطة ولا تستدعي القلق، لأنّ كلّ من درَس في شكل معقول سوف ينجح، فلا تخافوا».

إلى ذلك، قال حماده في مؤتمر صحافي عَقده في مكتبه في الوزارة، في حضور المدير العام للتربية رئيس اللجان الفاحصة فادي يرق ورئيسة دائرة الامتحانات هيلدا الخوري ومدير التعليم الأساسي جورج حداد ومديرة التعليم الثانوي جمال بغدادي: «التعليمات التي أعطيناها للّجان الفاحصة والتي يتابعها الأستاذ يرَق، واضحة لجهة الحفاظ على مكانة الشهادة الرسمية اللبنانية التي نَعتبرها رأسمال مهمّاً للأجيال، ومريحةً للأحبّاء التلامذة ولأهاليهم، فلا شيء يدعو إلى الخوف والهَلع والقلق، على اعتبار أنّ الأسئلة عادية وواضحة وغيرُ تعجيزية وغير معقّدة، ومتطابقة مع مضمون المناهج التربوية المعتمدة ومع ما تلقّاه التلامذة من دروس في خلال العام الدراسي».

أمّا بالنسبة إلى التلاميذ الذين يترتّب عليهم أقساط مدرسية لمدارسِهم، فقد أملَ حماده من المؤسسات الخاصة «عدمَ احتجاز بطاقات الترشيح»، معتبراً «أنّه لا يجوز حرمان أيّ تلميذ من حقّه في التقدّم من الامتحانات الرسمية، وفي حال وجود أيّ مشكلة فإنّ القضاء التحكيمي يفصل في النزاع ويصل صاحب الحق إلى حقّه».

وأضاف: «لكنّنا ملزَمون إتاحة الفرصة لكلّ مرشّح من خلال فصل النزاع المالي عن الحقّ في الشهادة، وعندنا فريق العمل الإداري الموجود ليلاً نهاراً في الوزارة لحلّ أيّ إشكال في هذا الصَدد، ولا تظنّوا أنّ أحداً يستطيع أن يعطّل حقَّكم في الحصول على وثائق الترشيح لأسباب مالية غير تربوية». ولفتَ إلى أنّ «الرقم 772050-01 هو بمثابة الخط الساخن لتلقّي الشكاوى طوال فترة الامتحانات».

ماذا عن التصحيح؟

أمّا بالنسبة إلى التصحيح في ظلّ التغييرات التي طالت المسابقات، فأكّد حماده «أنّ الطاقم التعليمي يواكب هذه العملية ويتطوّر معها باستمرار، والتنسيق بين الوزارة والمركز التربوي قائم».

وأضاف: «حيث يجب أن يكون هناك تحديث يتمّ ذلك، غير أنّ المناهج تحتاج إلى تعديل جذريّ، خصوصاً أنّنا أمام جيل دخَل التعليم الرقمي، ولكنّ هذا الأمر لا يتمّ على طريقة الانقلاب العسكري، بل بصورة تراكمية، لذا فإنّ التطوير يراعي قدرةَ الأساتذة والتلامذة على التكيّف التدريجي مع كلّ جديد، مشيراً إلى أنه تمَّ الأخذُ في الاعتبار «قدرة الطلّاب على التكيّفِ والانتقال إلى أيّ جديد، والامتحانات ستُبيّن لنا ولكم كلّ خطوة طبيعية».

وأكّد حماده «جهد الحكومة الحاليّة لتأمين هبات دولية»، لافتاً إلى «أنّ هبات كثيرة سوف تخصَّص للتربية وللمركز التربوي ولتطوير المناهج وترميم المدارس، وبجزءٍ قليل لبناء المدارس». أمّا بالنسبة إلى الأساتذة الذين يتابعون إجراءَ الامتحانات الرسمية في المدرسة اللبنانية في قطر، فطمأنَ حماده «إلى أنه على تواصلٍ معهم وأنّهم بخير».

من جهته، أوضَح يرَق «كيفية إدخال التوصيف الجديد وحجمه وسهولة التعاطي معه مع الحفاظ على مستوى الشهادة»، مؤكّداً «أنّ الأسئلة من ضمنِ المنهج».

في الختام لا بدّ من الإشارة إلى أنّ حماده سيَجول اليوم عند التاسعة صباحاً في مدرسة جابر الأحمد الصباح-رأس بيروت، وعند العاشرة في مركز ثانوية جبران غسان تويني في الأشرفية.