كان لافتاً في إيران إعادة انتخاب الرئيس الإصلاحي حسن روحاني. لا شك أن إيران قصدت، وفق مصادر ديبلوماسية غربية، إظهار انفتاح ما على العالم واعتدال في التعامل معه. لكن السؤال يبقى إلى أي مدى سيؤثر هذا الانتخاب على موقف إيران في ملفات المنطقة، وهل فعلاً ستظهر تغييراً ما، لا سيما وأن الغرب ضمناً ارتاح الى فوز روحاني وعدم فوز منافسه المتشدد المرشح ابراهيم رئيسي الذي ساد الخوف من إمكان فوزه؟

وتفيد المصادر، أن بلورة أداء روحاني في سياسته الخارجية وفي ملفات المنطقة تحتاج إلى وقت، وليس واضحاً منذ الآن ما إذا سيكون الوضع بعد المرشد، الأكثر تأثيراً مرة أخرى في ولايته. إذ من المستبعد أن يستمر المرشد الحالي طويلاً إلى حين انتهاء ولاية روحاني، والأنظار تتجه إلى من سيخلفه، وما هي توجهاته، وما انعكاساتها في سياسة روحاني؟

في ولاية روحاني الجديدة، ستبدأ نتائج الاتفاق النووي مع الغرب بالظهور. فإذا بدا أن هناك تطوراً، فإنه قد يكون له رصيد أفضل داخل إيران. والسؤال هل سيكون روحاني أقوى الآن، ويفرض نمطاً آخر من التعاطي مع ملفات المنطقة أم لا؟. تبدو المسألة مرتبطة بالمرشد الأعلى، مع الإشارة إلى أن روحاني في ولايته السابقة، كانت مهمته الأساسية التفاوض في الملف النووي، وليس اتخاذ أي موقف جديد، في ملفات لبنان وسوريا والعراق، واليمن، والتي كانت كلها تابعة للحرس الثوري.

فهل سيكون روحاني في ولايته الثانية قادراً على فرض موقف جديد وإيجابي، نظراً الى التفاوت في وجهات النظر بينه كإصلاحي وبين مراكز القوى المتشددة، أم سيكون هناك تبادل أدوار بين الحرس الثوري والرئاسة الإيرانية؟.

هناك عوامل غير واضحة للقول إن انتخابه فعل إيجابي بالنسبة إلى الغرب. إنما هل يستطيع التغيير بعد الانتقاد السياسي له في المرحلة السابقة حول محدودية دوره في قضايا المنطقة؟. وجود روحاني عامل مطمئن لبعض الغرب مثل الأوروبيين، ولكن ليس للأميركيين. ومقابل التشدد من الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول إيران، خطت الأخيرة خطوة تحتاج إلى التأكيد، نحو الانفتاح.

ترامب يريد إعادة سياسة الولايات المتحدة السابقة قبل التوقيع على «النووي» مع إيران، أي محاصرتها والحد من نفوذها في المنطقة، حيث طمأن العرب إلى دعمهم في مواجهتها، وطمأن إسرائيل أيضاً.

فهل مقابل ذلك ستقوي إيران ميليشياتها في المنطقة أكثر، أم أنها ستعلن القبول بالجلوس إلى طاولة التفاوض؟. ما ظهر من رد فعل إيراني خلال الأيام الماضية، هو الإعلان عن معمل ثالث للصواريخ تحت الأرض. وفي الوقت نفسه، دعا روحاني دول الخليج إلى الحوار. فإذا كان لدى إيران من توجه لإراحة الوضع في المنطقة سيظهر ذلك في الأداء الفعلي، أو سيستمر الأمر في التعبير الإيجابي وتقوية الميليشيات في الوقت نفسه. حتى الآن لا يظهر أي تبدل في أداء إيران إنما الصورة ستتبلور في المرحلة المقبلة.

والسؤال كيف سيعمل ترامب على وضع حد لنفوذ إيران في المنطقة، وكيف سيكون رد فعلها؟ قد يواجه ترامب مراجعات حول أن روحاني غير متشدد، ومن المفيد الإفادة من هذه النقطة. لكن أداء روحاني سيؤشر إلى أنه بالإمكان انتزاع الأوراق التصعيدية من يد ترامب أم لا.

وعن انعكاسات هذا الجو القائم بين الولايات المتحدة وإيران على الوضع اللبناني؟، تقول مصادر ديبلوماسية واسعة الإطلاع إن كل الأطراف اللبنانية أخذت قراراً بتحييد لبنان عن كل القضايا الخارجية والتعاون لحل كل العقد التي تواجهها والتفاهم حول عمل المؤسسات.

إلا أن كل الجو الداخلي هذا على إيجابياته لن يؤدي إلى تحسن كبير في الوضع العام لا سيما الاقتصادي. ولكن على الأقل لن يتراجع الوضع، ويبقى على استقراره. وتندرج الأجواء الإيجابية ذات الصلة بقانون الانتخابات النيابية في هذا الإطار.

 

 


    ثريا شاهين